عنوان الفتوى : حكم الشرع في تصرفات الغاصب في الأرض المغصوبة
لقد أعياني التفكير كثيراً في هذه المسألة حيث إنها جداً مصيرية كما سيتبين فأرجوكم رجاء لحوحا أن تمحصوها جيداً.. سأختصر ما استطعت.. أعيش منذ 20 عاما في أرضنا التي لم أهتم يوما من أين أتت كل ما أعلم أننا سوف نأخذ منها قسما وفقا لقانون الإصلاح الزراعي الذي طبق في بلاد الشام وتبادر إلى أذني قول شيخ على إحدى الفضائيات بحرمة الأخذ بمقتضى هذا القانون إذ إنه إجحاف بمالك الأرض، ولكن أهلي لم يقتنعوا أبدا بما قلت لهم حيث إن أمي قالت بأنها استلمت الأرض من جدي الذي كان هو مبرم العقد منذ زمن بعيد وهي أتت إلى الأرض بعد الإجحاف الذي تعرضت له من قبل جدي، حيث إن أبي رجل يعاني بعض المشاكل الذهنية لذا فقد كان يميزه وزوجته عنا، المهم انتقلنا إلى الأرض وهنا قامت أمي مقام جدي وكانت الأرض مثقلة بالديون الكثيرة فدفعتها أمي مرغمة كانت الديون كثيرة جداً حتى أنها تساوي قسما من الأرض، أمي ومنذ زمن تريد شراء أرض فهي هائمة بالأرض والعمل بها قامت أمي بشراء قطعة أرض إلا أن جدي قام بإعادتها رغما عن أنف أمي حصل خلاف بين جدي وأمي قضى بتطليقها من قبل جدي لأنها آثرت البقاء في الأرض عندما قام جدي بطلب إعادتها إلى بيته، المهم أحضر جدي أناسا آخرين إلى الأرض وقاموا بالعصيان فيها "لم يكن للقانون تلك السلطة تلك الأيام" استطاعت أمي العودة إلى الأرض بالمال الكثير والجهد الجهيد وعادت إلى أبي عادت أمي إلى الأرض، توفي جدي "رحمه الله " الذي كان يأخذ قسما من المواسم لا بل جلها كل ما كانت أمي تريده أرض تؤوينا لذا فكانت راضية مقهورة أبي خارج اللعبة وبعد وفاة جدي انتقلت المشاكل إلى أعمامي"عم وعمتين" الملخص استطعنا البقاء في الأرض بعد دفع المال الكثير والجهد الجهيد والآن طبق القانون وسيأخذ صاحب الأرض والمزارع حصته حسب القانون باع المالك حصته وانتقلت الملكية إلى المالك الجديد الرجل جد مسالم وديّن عرض علينا البيع فأبينا إلا أننا في آخر المطاف بعناه قسما منها وأسئلتتي إلى حضرتكم، هل قول أمي صحيح بأننا استلمنا الأرض بعد إقرار القانون أي أننا لم نحصل على الأرض ونحن نعمل عند صاحب الأرض فوقع عقد بما فيه أخذنا للأرض إذا كان ذلك غير جائز فهل نستطيع أخذ ما وضعناه في الأرض تلك الأيام نقوداً أو حتى أرضا، إذا طلبنا منهم نقودا أجرة لنا على حماية الأرض حيث إننا دخلنا في خلافات أبعدتنا عن أهلنا وعن أقربائنا كثيرا لأنه كان من معنا وكان من معهم ودفعنا الكثير من المال أم يعتبر ذلك إذا بالحياء منهم و"ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام "، أخي أخذ قسما من ثمن الأرض المباعة إلى الخليج ليعمل بها وهو ليس مقتنعا بما أقوله فما هو موقفي الشرعي من هذا الوضع المعقد.باعت أمي باقي الأرض فماذا أستطيع أن أفعل علما بأنني أعرف أين الشيك الذي فيه المبلغ، وسؤالي الأخير "إذا أخذنا بعين الأعتبار أن الأرض قد ارتفع ثمنها فهل نقوم بإعطائهم ثمن حصتنا عند بيعهم لحصتهم أم هذا لا يجوز علما بأنهم راضون بمبلغ قدره 1200000 ل.س وثمن الدنم عند بيعهم الأرض 600000 وثمن الدنم عند بيعنا للأرض 1400000ل.س، أم يعتبر ذلك إجحافا بهم أم ماذا ربما تباع الأرض بالكامل في حين انتظار وصول الرد فأرجو الإفتاء في حالة البيع وعدمه، وأرجوكم الرد في أسرع وقت ممكن؟ وأعتذر على الإطالة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليعلم الأخ السائل أن قانون الإصلاح الزراعي هذا إذا كان يملك العامل في الأرض دون موافقة مالكها أو لا يملكه ولكن يؤبد الإجارة أو يمدها إلى مدة لا يرضاها مالك الأرض، فإنه قانون يخالف كتاب الله تعالى ويضاد شريعته التي حرمت غصب أموال الناس والاستيلاء عليها بدون حق، قال الله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188}، وفي الحديث: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم... متفق عليه. وفي الحديث أيضاً: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد.
وعليه فالأرض المغصوبة باقية على ملك صاحبها الأول، وإن تعاقبت عليها الأيادي وتصرفات الغاصبين لها تصرفات باطلة، ويجب على من آلت إليه هذه الأرض المغصوبة تسليمها لمالكها، وأما عن الغرس الذي غرس فيها ففيه تفصيل راجعه في الفتوى رقم: 28270.
ولا عبرة بما غرمه الغاصب في الأرض المغصوبة لأن يده عليها يد غصب ويلزمه الرد على كل حال، جاء في الروض المربع: ويلزم غاصباً رد المغصوب.. وإن عزم على رد المغصوب أضعافه. انتهى.
كما أن الغاصب مطالب بدفع قيمة منافع الأرض المغصوبة طيلة مدة الغصب، وإذا باغ الغاصب الأرض فبيعه باطل لأنه باع ما لا يملك، لكن إن أجاز البيع المالك (المغصوب منه) فهل ينفذ أم لا، على قولين عند أهل العلم.
وعليه، فإذا أجاز مالك الأرض البيع فيجب دفع الثمن الذي بيعت به الأرض إليه، وإذا كان الأخ السائل يعرف مكان ثمن الأرض المغصوبة ويمكنه الوصول إليه فيجب عليه أخذه ودفعه للمالك، وأما الجزء الذي أخذه أخوه فلا يؤاخذ به، وإنما إثمه على من أخذه.
والله أعلم.