عنوان الفتوى :
1-لقد جاء في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم سيشفع لأبي طالب حتى يخرجه من قعر جهنم إلي ضحضاح منها, ولكن ألا يناقض هذا حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يشفع إلا لمؤمن ؟؟ فكيف ذلك وأبي طالب مات مشركاً ؟؟ 2- ما هو تفسير حديث غروب الشمس في عين ؟! 3- ما المقصود بالأصولية أو أن فلان شخص أصولي ؟؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للرسول صلى الله عليه وسلم شفاعة عامة، وهي شفاعته العظمى، وهي على قسمين: شفاعته لأمته، وشفاعة لآحاد الناس، وشفاعته العظمى، هي المقام المحمود، والذي قال عنه: ( عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ) [الإسراء 79] وذلك حين يبلغ الكرب والغم بأهل المحشر ما لا يطيقون، فيقول بعضهم ألا تنظرون من يشفع لكم عند ربكم فيأتون آدم فيعتذر وهكذا نوح وإبراهيم وموسى وعيسى حتى يأتون إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فيشفع لجميع الناس، أولهم وآخرهم، وبرهم وفاجرهم، ليخرجوا من ذلك الكرب والهول، إلى عرض الأعمال على الله والمحاسبة كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة فشفاعته العظمى ليست مقصورة على المؤمنين، ولا على أمته.
أما شفاعته الخاصة لأمته فهي نائلة كل من مات من أمته لا يشرك بالله شيئاً، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله تعالى من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً"
ومن شفاعته الخاصة ببعض الأفراد شفاعته لعمه أبي طالب، ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وذكر عنده عمه فقال: "لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه"
وقد أستشكل قوله صلى الله عليه وسلم " لعله تنفعه شفاعتي" مع قوله تعالى عن المشركين: ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) [المدثر:48] وللجمع بينهما طريقان الأول: أن يقال: إن الشفاعة ممنوعة لكل كافر بهذه الآية، الطريقة الثانية: أن يقال إن المراد بكونهم لا تنفعهم شفاعة الشافعين: هو أنهم لا يخرجون بها من النار وليس المراد أنهم لا يخفف عنهم، وخص أبو طالب بالشافعة لثبوت الحديث الصحيح الذي خصص العموم، قال ابن حجر في فتح الباري ( وأجيب بأنه- يعني أبا طالب- خص ولذلك عدوه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل معنى المنفعة في الآية يخالف معنى المنفعة في الحديث، والمراد بها في الآية الإخراج من النار، وفي الحديث المنفعة بالتحقيق، وبهذا جزم القرطبي وقال البيهقي في البعث، صحت الرواية في شأن أبي طالب، فلا معنى للإنكار من حيث صحة الرواية، ووجهته عندي أن الشفاعة في الكفار قد امتنعت لوجود الخبر الصادق في أنه لايشفع فيهم أحد وهو عام في حق كل كافر، فيجوز أن يخص منه من ثبت الخبر بتخصيصه…
والله أعلم.
وأما غروب الشمس في عين فلا نعلم فيه حديثاً ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلما نعرفه في ذلك فهو قوله تعالى: في قصة ذي القرنين-: حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حميئة ) [الكهف:86]
قال ابن سرين سلك الطريقاضي وصل إلى أقصى ما يسلك فيه من الأرض من ناحية المغرب، وهو مغرب الأرض، وأما الوصول إلى مغرب الشمس من السماء فمتعذر، وما يذكره أصحاب القصص والأخبار من أنه سار في الأرض مدة والشمس تغرب من وروائه فشيء لا حقيقة له، وأكثر ذلك من خرافات أهل الكتاب، واختلاف زنادتقهم وكذبهم وقوله ( وجدها تغرب في عين حمئية) أي رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله يراها كأنها تغرب فيه، والحميئة مشتتة على إحدى القراءتين من الحمأة وهو الطحين…إلخ انتهى
وقال الشنقطي في أضواء البيان معلقاً على كلام ابن كثير (ومقتضى كلامه أن المراد بالعين في الآية البحر المحيط وهو ذو طين أسود، والعين في اللغة تطلق على نبوع الماء، والينبوع الماء الكثير، فأسم العين يصدق على البحر لغة، وكون من على شاطئ المحيط الغربي يرى الشمس في نظر عينه تسقط في البحر أمر معروف، وعلى هذا التفسير فلا إشكال في الآية والعلم عند الله) انتهى
وأما قولهم بأن فلاناً (أصولي) فإن هذا علم على العالم بأصول الفقه وقواعده، فيقال: العالم الأصولي، أما الآن فإن هذا المصطلح أطلقته وسائل إعلام الكفار على من يتمسك بدينه من أبناء المسلمين. ولعلهم أخذوا هذا المصطلح من كون هؤلاء يرجعون في دينهم إلى أصولهم وسلفهم، وهذا حق لكنهم يريدون به باطلاً منهم يريدون بإطلاقه تشويه المسلمين وتنفير الناس منهم ووصمهم ظلماً وعدوناً بالتخلف والرجعية.
والله أعلم.