عنوان الفتوى : ما يلزم من صدم امرأة ثم صدمتها سيارة أخرى فماتت

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

لقد كنت في مأمورية عمل في مدينة الخرج وبعد انتهاء عملي وأثناء عودتي إلى الرياض وفي طريق الرياض الخرج السريع والشارع مظلم وأنا أقود السيارة في المسار الوسط فجأة ظهرت لي امرأة كبيرة في السن في نفس مساري و هي تعبر الطريق السريع دون أن تلقي بالاً للسيارات القادمة حيث لم أتمكن من تفاديها رغم محاولتي التوقف وتوقفت السيارة بقربها بعد صدمها وقبل نزولي من السيارة لأنظر حالتها أتت سيارة مسرعة أخرى من خلفها و صدمتها مرة أخرى وهرب صاحب السيارة وهذا ما أفاد به الشهود . وعندما جاء أهلها الذين كانوا متوقفين في المحطة للتزود بالوقود أفادوا بأنها كانت معهم و لا يدرون لماذا قطعت الشارع من غير علمهم . وكان تقرير شرطة المرور أن المرأة مخطئة 100% وخرجت من الحجز في نفس اليوم بعد تقرير المرور وإفادات أهلها حيث إن السيارة مؤمن عليها تأمينا شاملا وأنا مؤمن على الرخصة لمواجهة مثل هذه الحوادث. وسؤالي هو ماذا علي من الناحية الشرعية ؟ علما بأني عملت عمرة بعد الحادث مباشرة في رمضان.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أحسنت فيما قمت به من عمرة فى رمضان، سواء كنت أنت المخطئ أم لا، فقد روى البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: عمرة في رمضان تعدل حجة معي.

وقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن التأمين التجاري بجميع أنواعه هو من الميسر الذي حرمه الله عز وجل.

والمسلم إذا أجبر على نوع من أنواع التأمين المحرم فيسعه ما يسع المكره وإثمه على من أكرهه، فإذا أجبر على التأمين على السيارة أو رخصة القيادة أو غيرها، ولم يستطع التخلص منه ولو بالحيلة، فإن له أن يؤمن على الحد الأدنى المقبول قانونا كالتأمين ضد الغير دون التأمين الشامل، عملا بقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]. وقوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة:173].

وفيما يخص موضوع سؤالك، فإذا كان الأمر على ما وصفته فإنه ليس عليك إثم فيما حصل من الحادث.

وإذا لم يكن قد حصل منك أي تفريط فإنه لا يكون عليك ضمان ولا كفارة كما بينا من قبل. ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 98502.

لكن قولك: إن "الشارع مظلم"، إذا كنت تقصد منه أنه كان في الإمكان تفادي الحادث لولا وجود الظلمة، فإنك بذلك تكون ضامنا؛ لأن ذلك يعتبر جناية خطإ.

ففي منح الجليل عند قول خليل المالكي: لا لكخوف غرق أو ظلمة، قال الشيخ عليش: (أو) اصطدمتا بسبب (ظلمة) فلم يشعروا حتى اصطدمتا، فيضمنون كمصطدمين في البر لظلمة؛ لأن اصطدامهما بفعلهم وعدم شعورهم للظلمة لا يخرجهم عن الضمان كالخطأ. اهـ

وقال ابن حزم في المحلى بالآثار: قال أبو محمد: والقول في ذلك -وبالله تعالى التوفيق- أن السفينتين إذا اصطدمتا بغلبة ريح أو غفلة, فلا شيء في ذلك؛ لأنه لم يكن من الركبان في ذلك عمل أصلا ولم يكسبوا على أنفسهم شيئا, وأموالهم وأموال عواقلهم محرمة إلا بنص أو إجماع. فإن كانوا تصادموا وحملوا -وكل أهل سفينة غير عارفة بمكان الأخرى لكن في ظلمة لم يروا شيئا- فهذه جناية, والأموال مضمونة؛ لأنهم تولوا إفسادها... اهـ

وبناء على الافتراض الأخير، فإذا كانت المرأة قد ماتت بسبب فعلك، كانت ديتها على عاقلتك، وكان عليك أنت عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين إن لم تجد رقبة.

وكذا الحال إذا كان موتها بسببكما معا (أنت وصاحب السيارة التي قلت إنها أتت مسرعة)، إلا أن الذي يكون على عاقلتك في ذلك هو نصف الدية فقط.

وإذا كان موتها بسبب الشخص الآخر لم يكن عليك كفارة، وكان على عاقلتك دية ما ترتب على فعلك أنت إذا كان يبلغ ثلث الدية وإلا كان عليك أنت وحدك.

والله أعلم.