عنوان الفتوى : مسائل حول الصدقات والتبرعات
أنا والحمد لله دكتورة صيدلانية وزوجي أخصائي جراحة ونمتلك عيادة وصيدلية ونمتلك 2 شقة تمليك وأمورنا ميسرة والحمد لله وعندي من الأولاد من أوشك على الزواج في بداية العشرين وأريد أن أشترك بجزء معقول مما أمتلك من ذهب -ألبسه كحلي- لدعم بعض القنوات الإسلامية الفضائية مثل قناة الرحمة وزوجي يقول إن الأولى ادخار هذه الأموال لزواج الأبناء في حين أنه يشارك بفضل الله بمبالغ كبيرة في بناء المساجد وعندما كنت أحدثه منذ عدة سنوات عن ادخار بعض المال شهريا لزواج الأبناء مستقبلا كان يقول إن الأمور ميسرة بفضل الله ولا داعي لهذا، فهل الأولى أن أطيع زوجي وأدخر أموال ذهبي أم أخرج منها لهذه القنوات الفضائية، وهل الأولى أن يتبرع زوجي لبناء المساجد أم لدعم فلسطين؟ سؤال آخر: أمتلك راتبا شهريا وأود أن أساعد به بعض الشباب أثناء التعليم ليس لي بهم علاقة قرابة وإنما ابتغاء وجه الله ولي أقارب في حاجة إلى المال أيضا ولكن القرابة بعيدة (من ناحية زوجي) وهناك الكثير ممن يساعدونهم، فهل الأولى جعل جزء كبير مما أنفقه للأقارب أم لهؤلاء الشباب الذين يمرون بظروف مالية صعبة لإكمال دراستهم، وهل التبرع لمعاهد الأورام بمبالغ كبيرة أولى أم لفلسطين، أقدم بعض التبرعات لأماكن رسمية مثل نقابة الأطباء لفلسطين وأحيانا لمعهد الأورام ابتغاء وجه الله مقابل إيصال رسمي، فهل يجوز أن أقدم هذه الإيصالات لمصلحة الضرائب الخاصة بنقابتي لتخفف من الضرائب في حين أنه في أي حالة سوف أقوم بهذه التبرعات وأنه مصرح لي بذلك لكثرة الضرائب المفروضة على الصيدليات؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تلخصت أسئلتك فيما يلي:
1- هل الأولى أن تطيعي زوجك وتدخري الأموال لزواج الأبناء أم تخرجيها في دعم القنوات الإسلامية.
2- هل الأولى أن يتبرع زوجك لبناء المساجد أم لدعم فلسطين.
3- هل الأولى جعل جزء كبير مما تنفقينه للأقارب أم الأولى أن تخصيصه لأولئك الشباب الذين يمرون بظروف مالية صعبة لإكمال دراستهم.
4- هل التبرع لمعاهد الأورام بمبالغ كبيرة أولى أم التبرع لفلسطين.
5- قلت إنك تقدمين بعض التبرعات لأماكن رسمية كنقابة الأطباء في فلسطين وأحياناً لمعهد الأورام ابتغاء وجه الله، مقابل إيصالات رسمية، وتسألين عما إذا كان يجوز أن تقدمي هذه الإيصالات لمصلحة الضرائب الخاصة بنقابتك لتخفف من الضرائب عن نقابتك.
فنقول في الرد على النقطة الأولى: إن للمرأة الحق في التصرف في جميع ممتلكاتها إذا كانت بالغة رشيدة ما دام تصرفها في دائرة المباح، ولا يشترط في ذلك إذن الزوج أو موافقته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته المشهورة أمر النساء أن يتصدقن ولو من حليهن، ولما تصدقن قبل منهن ما تصدقن به، ولم يسألهن هل استأذن أولياءهن -أزواجاً أو غير أزواج- في ذلك، ولكننا ننصحك بأن تتشاوري مع زوجك، ولا تتصرفي إلا في حدود ما تتفقان عليه، فإن ذلك أدعى إلى بقاء الألفة، علماً بأن بعض العلماء ومنهم الإمام مالك رحمه الله قالوا: إنه لا حق للزوجة أن تتصرف فيما فوق الثلث من مالها إلا بإذن زوجها.
وحول النقطة الثانية: فإن الشرع الحنيف قد رغب كثيراً في بناء المساجد، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة.
ولا شك في أن من أولى ما ينفق فيه المال صرفه في دعم أهل فلسطين، لما يمرون به من الظروف الصعبة، ولما هم فيه من الاحتياج، وعليه فإن استطاع زوجك الجمع بين الخصلتين معاً فذلك هو الأفضل، وإن لم يستطع فإن الأولى من بين الأمرين يتحدد بحسب شدة الاحتياج وقلته، فإذا كانت المساجد متوفرة في الأماكن التي يدعم زوجك بناء المساجد فيها، وكان الاحتياج في فلسطين شديداً كان دعم فلسطين أولى، وبالعكس يكون.
وعن النقطة الثالثة: فإن الصدقة على الأقارب أفضل من الصدقة على غيرهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة. رواه الترمذي وحسنه. لكن أولئك الشباب الذين تتحدثين عنهم إذا كان احتياجهم يصل إلى درجة الاضطرار كان الإنفاق عليهم واجباً، وحينئذ يكون الإنفاق عليهم أولى، لأن الواجب يجب تقديمه على المستحب.
ثم الجواب عن النقطة الرابعة: يتوقف على معرفة درجة الاحتياج بين الأمرين، فالقاعدة أنه يندب إيثار الأكثر احتياجاً.
وأما النقطة الأخيرة: فإن جوابها يتوقف على معرفة قوانين البلد وما إذا كانت الضرائب فيه تفرض بحق أم بباطل، فإن كانت الضرائب تفرض بباطل فالتهرب من دفعها سائغ بأي وجه لا يضر بالمرء، وإن كانت تفرض بحق فإن كانت القوانين تسمح بما سألت عنه كان الاعتبار المذكور في السؤال مباحاً وإلا فلا، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 5107.
والله أعلم.