أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : الشعور بالشذوذ الجنسي بعد تركه عدة سنوات

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

بسم الله والصلاة على رسول الله.
أما بعد:
كم أنا خجول وأنا أحكي لكم قصتي، ولكني مضطر لأني أطمع في توبة رب العالمين علي، وتطهير نفسي، إليكم قصتي المؤلمة عندما كنت صغيراً تعرضت للتحرش من قبل أحد الصبيان، فمارسنا الجنس معاً، وكنا لا ندري ما الذي نفعله، وكنا نفعله لمجرد المتعة! ولا نعلم إذا كان حراماً أم حلالاً، أو هو خطأ، أو صحيح، فكبرنا حتى أدمنا هذه الفعلة البشعة، وعندما علمت كبر هذه المعصية خفت من عذاب الجبار وندمت حيث لا ينفع الندم، وأنا الآن ولله الحمد والمنة منذ سبع سنين لم أفعلها، وتزوجت وأنجبت والحمد لله وحججت بيت الله الحرام، وفي قرارة نفسي تبت توبة نصوحاً.. ولكن!

نفسي الأمارة بالسوء تراودني بالأفكار السيئة المشينة، وفي بعض الأحيان أشعر بميول نحو بعض أصدقائي وممكن تتطور المسألة أن أعشقه، ولكن دون أن يشعر هو، لأنني كما قلت لكم: عزمت ألا أعود إلى هذه الفعلة مرة أخرى.
ولكنني أريد أن أتخلص من هذه الأفكار الخبيثة الملعونة، فما الحل؟

أفيدوني أفادكم الله.

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ منيب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يغفر لك وأن يتوب عليك، وأن يطهرك من الفواحش، وأن يجنبك المنكرات كلها صغيرها وكبيرها، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، وأن يعينك على التخلص من تلك الأفكار السلبية، وأن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة.

بخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فإني أحمد الله تبارك وتعالى أن الله قد تفضل عليك وأكرمك ومنذ سبع سنوات أنت لم تقع في هذه المعصية، وأن الله قد أكرمك أيضاً بأن تزوجت وأنجبت وحججت إلى بيت الله الحرام وتبت توبة نصوحاً، هذه كلها بفضل الله تعالى من علامات محبة الله لك، وهذا كله أيضاً دليل على أنك على خير وأن فيك خيراً كثيراً، وإلا ما استطعت أن تقطع هذه المسافة كلها وأن تتوقف عن تلك الفاحشة الخطيرة التي إن وقع فيها الإنسان يكون من الصعب عليه أن يتخلص منها، ولكن الله قد أكرمك بذلك كله وأصبحت إنساناً رائعاً.

أما فيما يتعلق بنفسك الأمارة بالسوء وإحساسك في بعض الأحيان بميل مثلاً للطرف الآخر لبعض الأصدقاء وتتصور أن المشكلة تتطور معك إلى أنك تعشقه، ولكن دون أن يشعر هو، هذا شيء طبيعي لأن نفسك التي ألفت المعصية فترة من الزمن لا تريد أن تتخلص منها بسهولة، وإنما ستظل تلح عليك إلحاحاً شديداً لأنها تراودك وتحاول أن تستغل أي فرصة ضعف لتنقض عليك مرة أخرى، واعلم أن نفسك هي أعدى أعدائك، ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا) وكان يقول: (اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي).

والشيطان كذلك له دور كبير في ذلك؛ لأن الشيطان كان يستفيد منك عندما كنت جندياً من جنوده، أنت الآن من جنود الله ومن حزبه الغالبين المتطهرين، وهذا أمر يزعج الشيطان جدّاً، ولذلك أيضاً يتعاون مع نفسك على تذكيرك باستمرار بهذه المعصية وعلى إثارة الشعور بالميل نحو الأصدقاء دائماً، لعل وعسى أن تضعف فتقع، لأنك لو وقعت مرة أخرى قد لا تستطيع أن تتخلص بعد ذلك مطلقاً، ولكن الحمد لله أنك عزمت على ألا تعود إلى هذه الفعلة مرة أخرى.
وأما عن هذه الأفكار فإن وقوفك الحمد لله بهذه الفترة وصلابتك طيلة هذه الفترة الطويلة هو أمر عظيم حقّاً وهو من فضل الله تعالى ومن المبشرات، واعلم أن الأمر يحتاج إلى مجاهدة، فلابد أن تظل تجاهد نفسك حتى تلقى الله تعالى وأنت طاهرٌ عفيفٌ نقيٌ تائبٌ، ولا تتوقع أن يتوقف الشيطان عن الكيد لك أبداً، ولا أن تتوقف نفسك عن التزيين والتسويل لك.

ولابد من أن تقنع نفسك دائماً بأن هذه الفعلة ضد المسار الطبيعي للحياة النظيفة السليمة، وأنها غير مقبولة لا من الناحية الدينية ولا الأخلاقية ولا الاجتماعية، يعني كلما راودتك الفكرة فدائماً ذكرها بهذا الكلام، فقل لها هذا فعل شاذ وإن هذا غير مقبول لا شرعاً ولا ديناً ولا خلقاً، وإنه ضد الحياة النظيفة الطبيعية، وإن الله قد أكرمني بزوجة أستطيع أن أقضي معها حاجتي، فلماذا تفكر في الرجوع إلى الفتنة مرة أخرى؟

هذا الكلام حاول أن تذكر به نفسك، هذا السلوك يمكن تغييره مع هذه التغذية الإيمانية التي أنت عليها.

كذلك أيضاً حاول قدر استطاعتك أن تتعرف على عوامل الإثارة التي تثيرك، وأن تجتهد في التخلص منها، فمثلاً إذا نظرت إلى عورة إنسان فقد تثار، حتى ولو كنت تتخيل مثلاً وهو يمشي الآن وتنظر مثلاً إلى خلفيته وهو يمشي فلا تنظر إلى الأماكن التي تثيرك وحاول أن تبتعد عنها وتلتف عنها.

أيضاً ثانياً على ذلك: ذكر نفسك بين الحين والآخر، وقل لها (ما فائدة هذا الأمر، الآن أنا أجامع امرأة نظيفة عفيفة طيبة، ولكن في هذا الأمر أنا عندما أقع على رجل فإني أضع عورتي في مكان الغائط ومكان القاذورات والنجاسات، وهذا أمر لا يفعله إنسان عاقل)، يعني حاول باستمرار أن تثير هذه الأفكار على رأسك حتى تجعل نفسك تكره نفسك مع تكراره - بإذن الله تعالى – لأن هذا هو الواقع، فهذا الجماع ما بين الرجل والرجل أمر لا يفعله الكلاب، حتى قل لنفسك ذلك وأن هذا فعلٌ لا يفعله الكلاب، فما رأى الناس كلباً يطأ كلباً ذكراً أبداً، فهل من المعقول أن أكون أنا أنجس من الكلب حاول أن تذكر نفسك بهذا الأمر بين الحين والآخر.

أيضاً عليك بمسألة الإكثار من الحسنات واجعل حسناتك تسابق سيئاتك، فكلما جاءتك هذه الفكرة وراودتك وسيطرت عليك قل لنفسك (إذن سأصوم يوماً حتى أأدبك)، وحاول أن تصوم يوماً فعلاً حتى تؤدبها، أو (سوف أتصدق بصدقة كبيرة) أو (ما رأيك اليوم سوف أقوم الليل كله حتى ترتدعي عن هذا الأمر)، وحاول أن تسابق نفسك في الخير حتى تجعلها لا تفكر بعد ذلك في هذا الأمر أيضاً.

عليك أيضاً بأمر آخر وهو الدعاء، فاجتهد في الدعاء؛ لأنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، فألح على الله أن يعافيك من تلك الأفكار، وابك بين يدي الله أن يعافيك من تلك الأفكار.

كذلك – وهذا ما أختم به – الصحبة الصالحة، فاجتهد على أن تغير أصحابك وأن يكون أصحابك من الصالحين الذين يتكلمون حول أعمال البر وأعمال الإيمان وأعمال الإحسان، ولا يتكلمون حول قضايا النساء ولا الغرائز الجنسية، لأنك بذلك سوف تجد هناك فرصة لاستماع كلام ينسيك هذه الأفكار، وقال صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل بيتك إلا مؤمن ولا يأكل طعامك إلا تقي)، ولا تنس أن موسى عليه الصلاة والسلام وهو شيخ أنبياء بني إسرائيل طلب من الله تعالى أن يعينه بأخ صالح حيث قال: (( وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا ))[طه:29-35]، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك أو تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه ريحاً خبيثة).

بهذه الأفكار سوف تعان على التخلص - بإذن الله تعالى – في القريب العاجل، وأهم شيء أن تواصل التوبة وأن تكثر من الدعاء، وأن تستعمل تلك المهارات التي ذكرتها لك، وعما قريب سوف تتخلص نهائياً حتى من تلك الأفكار، وستكون قليلة جدّاً، لأني لا أعدك بأنها سوف تنتهي نهائياً؛ لأنها انطبعت في ذاكراتك وفي عقلك وفي حياتك الماضية والماضي والذكريات موجودة لا تنسى إلا من رحم الله، ولكن سوف تضعف جدّاً بهذه المقاومة - بإذن الله تعالى - .

أسأل الله لك الطهارة والنقاء والعفاف، وأسأله تعالى أن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجعلنا وإياك من صالح المؤمنين.

هذا وبالله التوفيق.


أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
خائف من أذية الناس لي فكيف أحصن نفسي؟ 3479 الخميس 23-07-2020 05:29 صـ
أتوب من المعصية ثم أرجع لها، فهل سيحرمني الله من النعم؟ 3580 الأحد 19-07-2020 02:55 صـ
أعاني من القلق ونقص العاطفة والحنان من والدي! 1991 الأربعاء 15-07-2020 06:09 صـ
أشعر وكأن الإيمان دخل إلى أعمالي وعقلي، ولم يدخل قلبي! 1630 الثلاثاء 14-07-2020 04:30 صـ
كيف أتخلص من الخوف والاكتئاب؟ 4144 الاثنين 13-07-2020 04:12 صـ