أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : الإحساس بالموت والوساوس القهرية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا سيدة أبلغ من العمر 36 سنة، أم لثلاث أطفال، أعيش حياة هادئة وسعيدة، زوجي إنسان ملتزم وطيب جداً ـوالحمد لله-، لكن الشيء الوحيد الذي يقلقني ويجعلني في حيرة من أمري هو إحساسي المتواصل بأني سأموت في يوم كذا أو شهر كذا، وكلّما ذكر إنسان تاريخاً معيّناً ينتابني شعور بأنّني سأموت قبل ذلك التاريخ أو قبل تلك المناسبة.
وكلّما حضنني ابني أو قبلني إلاّ وشعرت بأنّه يودعني، حتى في المنام أحلم بأنّني أحدّث نفسي بأنّني سأموت كما يقع لي في اليقظة، وهذا كلّه جعلني متوتّرة جدّا، مع العلم وأنّي إنسانة ملتزمة وأقوم بواجباتي الدّينية والحمد لله، وكثيراً ما أحاول إقناع نفسي بأنّ هذه الأشياء من وساوس الشيطان وأنّ الأعمار بيد اللّه سبحانه وتعالى ولا يعلم الغيب إلاّ الله، لكن في أغلب الأحيان تسيطر علي هذه الوساوس بشكل كبير.
أرجوكم أفيدوني جزاكم الله كلّ خيراً، وشكراً جزيلاً على الاهتمام.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حائرة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مثل هذا النوع من الخوف الذي يرتبط بمكان معين وزمان معين وحدث معين ووتيرة معينة، هو نوع من الوساوس التي تحمل طابع الخوف، وأنت بحمد الله مستبصرة تماماً بحقيقة الموت ومتوكلة وعلى علم وقناعة تامة أن الأعمار بيد الله تعالى ولا يعلم الغيب إلا الله، فهذا جميل وهذا لا شك يمثل ركيزة أساسية لتحقير هذه الأفكار وتخفيفها.
إذن – أختي الكريمة – إن هذا الخوف هو نوع من الوساوس الرتيبة التي ترتبط – كما ذكرنا – بفكرة معينة أو بحدث معين، وهي إن شاء الله تعالى ليست ضعفاً في شخصيتك ولا تدل على قلة إيمانك؛ لأن الوساوس هي فكرة سخيفة تتسلط على الإنسان ولا يستطيع التخلص منها وتسبب له القلق ويعلم سخفها أو عدم أحقيتها.
لا شك أن مفهوم الموت عامة يشيع الخوف وسط الناس، فهذه حقيقة يجب أن نعلمها، وإن كان هذا الخوف يتفاوت من شخص لآخر، والموت يا أخي هو مآل كل إنسان، ولا شك أن الإنسان يخاف من الموت، وفي بعض الأحيان يصبح الأمر أمراً وسواسياً.
الذي أرجوه أختي الكريمة أن تجلسي مرة أخرى وبكل عمق وتحللي هذه الأفكار وتحاولي إقناع نفسك بأنها فكرة سخيفة وتستبدليها بفكرة أخرى، أي حاولي أن تبني روابط مختلفة تماماً، فعلى سبيل المثال: إذا أتاك ولدك واحتضنك فلا تربطي ذلك بالموت ولا تربطيه بأنه يودعك، اربطيه بفكرة أخرى، أو بأنه يحبك أو بأنه من البارين المطيعين، وسلي الله تعالى له التوفيق والحفظ من كل سوء.
إذن استبدال الفكرة بفكرة أخرى، هذا إن شاء الله يساعدك كثيراً، وهذا قد لا يكون سهلاً، ولكنه سوف يأتي بثمار إيجابية إذا حاولت تحليل هذه الأفكار واستبدالها.
أيضاً هنالك نوع من التمارين النفسية السلوكية، فبعض الناس نقول لهم: ردد مفهوم الوساوس حتى تحس بالإجهاد، فعلى سبيل المثال فيمكنك أن ترددي كلمة: (الموت، الموت، الموت... وهكذا) حتى تحسي أنك قد أجهدتِ، فهذا أيضاً يساعد.
أيضاً: يمكنك ممارسة تمارين الاسترخاء، فهي تُساعد كثيراً، فيمكنك الاتصال بإحدة الأخصائيات النفسيات - إذا كان ذلك ممكناً - لتقوم بتدريبك كيفية إجراء هذه التمارين وسوف تساعدك أيضاً في العلاج السلوكي للوساوس القهرية من هذا النوع، وإذا لم يتيسر الذهاب إلى الأخصائية النفسية فيمكنك تطبيق ما ذكرناه لك.
يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، فيعرف عن العلاج الدوائي أنه فعال جدّاً في علاج الأفكار الوسواسية، ربما لا يساعد كثيراً في علاج الأفعال ولكن الأبحاث تشير أنه علاج فعال لعلاج الأفكار والمخاوف الوسواسية، فهنالك عقار (بروزاك) يُعتبر متميزاً لعلاج مثل هذه الحالات، وكذلك عقار آخر (فافرين) وأنت لست بحاجة لتناول الاثنين، فيمكنك أن تتناولي ما يناسبك أو المتوفر عندكم.
جرعة البروزاك عشرين مليجرام يومياً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى كبسولتين – أربعين مليجرام – في اليوم وتستمري عليها لمدة ستة أشهر – وهذه هي الجرعة العلاجية – وبعد انقضاء الستة أشهر تخفض الجرعة إلى كبسولة واحدة – عشرين مليجرام – يومياً، وتستمري عليها لمدة ستة أشهر أخرى – وهذه هي الجرعة الوقائية -. هذا الدواء من الأدوية الفعالة والمعروفة والسليمة جدّاً.
أما إذا كان اختيارك عقار الفافرين - وذلك حسب وفرة الأدوية – فجرعته هي خمسين مليجرام ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ترفع إلى مائة مليجرام ليلاً بعد الأكل، وبعد شهر ترفع الجرعة إلى مائتين مليجرام، والتي يمكنك تناولها كجرعة واحدة ليلاً، أو يمكن أن تقسم إلى جرعتين، ويتم تناولها بمعدل مائة مليجرام صباحاً ومائة مليجرام ليلاً، وتستمري على هذه الجرعة – مائتين مليجرام – لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة بمعدل خمسين مليجرام كل شهرين حتى تتوقفي عنه.
الفافرين – كما ذكرت لك أيضاً – هو دواء فعال وممتاز ويتميز على البروزاك بأنه ربما يحسن النوم قليلاً إذا كان لديك أي صعوبات في النوم، أما من ناحية علاج الوساوس والمخاوف فالفعالية واحدة، كما أن هذين الدواءين يُساعدان كثيراً على إزالة القلق وتحسين المزاج.
إذن – أختي الكريمة – أرجو الأخذ بالعلاجات السلوكية ومعها العلاج الدوائي، وأحب أن أركز على العلاج الدوائي لأنه يعتقد أن الوساوس القهرية ذات منشأ بيولوجي لدى الأشخاص الذين لديهم الاستعداد لذلك.
أما الوساوس الشيطانية فعلينا دائماً أن نحصن أنفسنا وأن نكون حريصين على الدعاء وعلى الأذكار، وأن تسألي الله أن يحفظك وأن يزيل عنك هذه الوساوس، ونسأل الله لك العفو والعافية.
ولمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات التالية لمزيد من المعرفة حول العلاج السلوكي للخوف من الموت: (259342 - 264181 - 265858 - 230225 - 266237 )
وبالله التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
صديقي ومشكلته مع الوسواس | 1795 | الثلاثاء 11-08-2020 12:39 صـ |
تراودني أفكار وساوس قهرية حول نفسي، فما العمل؟ | 1015 | الأحد 09-08-2020 02:33 صـ |
أعاني من وسواس قهري حتى في العبادات، ما الحل؟ | 994 | الأحد 09-08-2020 05:28 صـ |
أعاني من وسوسة بمرض أصاب أحد أقربائي، كيف الخلاص من ذلك؟ | 2064 | الأربعاء 22-07-2020 04:15 صـ |
لدي أفكار ووساوس غريبة، فهل أتجاهلها أم أصدقها؟ | 2731 | الأحد 19-07-2020 03:25 صـ |