أرشيف الاستشارات

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنشكرك لك تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية.

فإنك عرضت رسالتك بصورة ممتازة جدًّا، وعليك أن تدعُ بما دعا سيدنا موسى عليه السلام: {رب اشرح لي صدري * ويسّر لي أمري * واحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي} هذه -إن شاء الله- تبعث فيك قوة وهمّة وطمأنينة كبيرة جدًّا.

هذه بداية مهمة جدًّا؛ لأننا كثيرًا ما نجهل أو نتجاهل أمر الدعاء في شؤوننا, وإن كان الدعاء هو مفتاح كل شيء، ألم تقرأ قول الله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}, ألم تقرأ قول الله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} ماذا {أجيب دعوة الداعِ إذا دعان}, ألم تقرأ قول الله تعالى: {فاستجبنا له} في سورة الأنبياء وتكرارها مع أنبياء الله تعالى وغيرهم، وهو بلا شك عبادة، بل هو العبادة، ومخ العبادة، وعبادة عظيمة.

التلعثم هذا لا ينقصك أي شيء أبدًا، بعكس ما تعتقد تمامًا، لا أحد سوف يستهزأ بك، لا أحد سوف ينظر إليك نظرة سلبية, أنت الذي تلبست بهذه الأفكار, وسيطرت عليك، وأنا لا ألومك أبدًا, الإنسان حين يكون حساسًا ولطيفًا ووجدانيًا تستحوذ عليه مثل هذه المشاعر.

على العكس تمامًا أنت سوف تكون مصدر احترام من المحترمين من الناس حين تأتيك هذه التأتأة أو التلعثم البسيط، كم من الخطباء المفوهين لديهم علة في حرف من الحروف، بل نعلم علماء أفاضل لديهم علة الراء، ولم يعيقهم ذلك أبدًا عن إلقاء خطبهم ومحاضراتهم، فبالرغم من تلعثمه فهو -ما شاء الله تبارك الله- مقتدر ومتفوق ومتفوه، وهنالك أساتذة ودكاترة في الجامعات يتلعثمون، وفي كل مرافق الحياة تجد مثل هؤلاء.

فيا - أخي الفاضل الكريم – يجب أن تصحح مفهومك عن نفسك، ولابد أيضًا أن تبني على مقدراتك السابقة، أنت مفوه، أنت متميز في الإذاعة المدرسية وفي قراءة القرآن، وأنا أؤكد لك أن هذا الرصيد العظيم موجود، هو فقط مختبأ الآن, ركز وثق في مقدراتك، وأنت بذلك تكون قد غيّرت نفسك تمامًا، وسوف يغيّرك الله إلى ما هو أفضل, هذه حقائق هامة جدًّا.

أنصحك أن لا تتجنب، فالتجنب يزيد التلعثم, ويجعل شخصية الإنسان مهتزة, الناس لا تنظر إليك سلبيًا – أنا أكرر هذا كثيرًا لأنه مهم- .

أنصحك بأن تستفيد من أحد المشايخ للتدرب على مخارج الحروف ونطقها وربطها بالتنفس، ذلك لأنهم تعلموا مخارج الحروف عن طريق حفظهم للقرآن ونطقه نطقًا سليمًا حرفًا حرفًا، والحروف عندهم مقسمة إلى حروف حلق وحروف جوف وحروف شفتين، فالذال ذال، والظاء ظاء، والثاء ثاء، والسين سين، وهاء هاء، والهمزة همزة، وهذا مهم جدًّا, وسوف يعلمونك جيدًا مع صبر وتأنٍ ورويّة.

الحروف التي تعاني من صعوبة فيها حاول أن تكررها، أدخلها في كلمات، هذه الكلمات أدخلها في جُمل، وقم بتسجيل ما تردده، واستمع إليه، وكرر ذلك، وسوف تجد أن أداءك ليس كما كنت تتصور, كرر هذه التمارين البسيطة.

حين تواجه عددًا من الناس يجب أن تنظر إليهم باحترام، لكن ليس بحاجز اجتماعي، فهم بشر, وأنت بشر، ليسوا بأفضل منك في أي شيء، غرائزهم، حاجاتهم البيولوجية، المرض، الموت، هذا كله يشمل جميع الناس, فلا تعظم من هو أمامك التعظيم الذي يؤدي إلى ما نسميه بالقلق الاجتماعي.

بالنسبة لأخصائي التخاطب: لا بأس أبدًا بأن تذهب إليه، وأنا لا أستطيع أن أعين لك أخصائيا معينا، لكن المملكة العربية السعودية - خاصة جدة - بفضل الله تعالى يوجد بها الكثير من المتميزين والمقتدرين من الأخصائيين, اسأل من حولك، وسوف تجد -إن شاء الله تعالى- الإرشاد اللازم.

الدواء ممتاز، ومهم، وهنالك مجموعة من الأدوية، أولها عقار يعرف تجاريًا باسم (هلوبريادول) استعمل في علاج التلعثم بجرعة بسيطة، بجرعة نصف مليجرام إلى واحد مليجرام في اليوم، لكن الأدوية الحديثة تعتبر أفضل وأسلم, منها، (الباروكستين) الذي ذكرته, والذي يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات), يتميز بدرجة سلامته، وأنه مضاد أساسي للخوف والقلق الاجتماعي, والذي نعتبره أحد المكونات الرئيسية جدًّا لوجود التلعثم أمام الناس.

جرعة (الباروكستين) هي أن تبدأ بنصف حبة (عشرة مليجرامات) تتناولها يوميًا بعد الأكل، تستمر عليها لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة وتستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

تمارين الاسترخاء مهمة جدًّا، وأنا أنصحك بتصفح أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين التنفس المتدرج، وإن أتيحت لك أن تقابل أخصائي التخاطب فسوف يدربك على هذه التمارين، ويجعلك تربط بسهولة جدًّا بين شهيق وإخراج الكلمات.

ولمزيد من الفائدة يمكنك مطالعة الاستشارات التالية حول علاج التلعثم والتأتأة (265295 -280701- 2102145).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.