فتاوى نور على الدرب [114]


الحلقة مفرغة

السؤال: أنا طالبة في كلية الطب منَّ الله علي بعد التحاقي بالكلية وهداني إلى صراطه المستقيم فغطيت وجهي والتزمت بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فله الحمد سبحانه، ولكن دراستي بالكلية تستلزم مني الوقوع في كثير من المنكرات أهمها الاختلاط بالجنس الآخر منذ خروجي من البيت وحتى عودتي إليه، وذلك في الكلية حيث أنها مختلطة أو في وسائل المواصلات وفي الشارع لعدة سنوات حتى التخرج، وأنا الآن أريد أن أقر في البيت وأترك الدراسة لا لذات الدراسة ولكن للمنكرات التي ألاقيها، ووالدي ووالدتي يؤكدان عليَّ بمواصلة الدراسة، وأنا الآن متحيرة هل أدخل بطاعتي لهما في من يعنيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: ( من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس)، أم أن عدم طاعتي لهما في هذا الأمر يعتبر عقوقاً؟

الجواب: إذا كان الحال على حسب ما وصفت هذه المرأة بالنسبة لدراستها فإنه لا يجوز لها أن تواصل الدراسة مع هذا المنكر الذي وصفته لنا في رسالتها، ولا يلزمها أن تُطيع والديها في الاستمرار بهذه الدراسة؛ وذلك لأنّ طاعة الوالدين تبعٌ لطاعة الله عز وجل، وطاعة الله هي العليا وهي المقدمة، والله تبارك وتعالى ينهى المرأة أن تكشف وجهها للرجال وأن تختلط بهم هذا الاختلاط على الوجه الذي وصفت هذه المرأة في كتابها، وإذا تيسر لها أن تِّحول دراستها إلى جامعات أخرى في حقل آخر لا يحصل به هذا الاختلاط فهو أولى وأحسن، وإذا لم يحصل فإنها تبقى في بيتها ورزق الله تعالى واسع.

السؤال: إذا كُلِفَ الرجل بمهمة رسمية كدوام أو عمل ضروري جداً في يوم الجمعة فهل عليه أن يحضر صلاة الجمعة أم يصليها ظهراً؟

الجواب: يجب على كل مسلم أن يحضر صلاة الجمعة إذا سمع النداء؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9]، أو كان في محل يسمع النداء لولا المانع، ولا يجوز له أن يشتغل عن ذلك -أي: عن حضور الجمعة- بشيءٍ من أمور الدنيا؛ لأن الله يقول: فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9]، وإذا كان البيع -وهو أعم المعاملات وأكثرها شيوعاً- يجب تركه فغيرها من باب أولى، يجب الحضور إلى الجمعة، وإذا حضر الجمعة وانتهت فقد قال الله تعالى: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [الجمعة:10] ، وقد يكون حضوره الجمعة سبباً ومفتاحاً لرزق الله تبارك وتعالى له، حيث قام بما يجب عليه من عبادة الله، وإذا اتقى العبد ربه وقام بما يجب عليه فإنه يقول سبحانه وتعالى ووعده الحق وقوله الصدق: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]، أما لو اشتغل بأمر أو بشغل يظن أنه ينتهي قبل الجمعة ثم أدركه الوقت وهو لا يمكنه أن يتخلص منه إلا بضرر، فهنا لا بأس أن يبقى مشتغلاً به ولو فاتته الجمعة؛ لأنه في هذه الحال معذور.

السؤال: لو زنى رجل بامرأة محصنة أو غير محصنة وولدت المرأة بنتاً من هذا الزاني، فهل يجوز للزاني أن ينكح هذه البنت أم لا؟

الجواب: قبل الإجابة على سؤاله ينبغي أن يعلم المسلمون أن الزنا من كبائر الذنوب، وأنه فاحشة من الفواحش، وأن الله تبارك وتعالى جعل له في الدنيا عقوبة رادعةً وفي نفس الوقت مكفرة، هذه العقوبة أنه إذا كان الزاني غير محصن -وهو الذي لم يتزوج- فإنه يجلد مائة جلدة وينفى عن البلد لمدة سنة، وإن كان قد تزوج وحصل منه استمتاع كامل بزوجته فإن زناه بعد ذلك يوجب عليه الرجم بالحجارة حتى يموت، وهذا دليل على قبح هذا العمل، وقد وصفه الله تعالى بأنه فاحشة وأنه سبيل سوء، قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [الإسراء:32]، ولكن إذا ابتلي المرء بهذا الشيء ودعته نفسه إليه وأصيب به فإنه يجب عليه أن يندم ويقلع ويستغفر الله عز وجل ويعزم على أن لا يعود.

ثم إن خُلِقَ من مائه حمل فإن هذا الماء فاسد؛ لأنه من سفاح، والحمل لا يلتحق به ولا ينسب إليه شرعاً، ولكنه مع ذلك لا يحل أن يتزوج إذا كانت بنتاً خُلقَتِ من مائه؛ وذلك لأنه إذا كان الرضاع وهو تغذي الطفل باللبن الناشئ عن حمل من رجل، إذا كان هذا الرضاع يؤثر في تحريم الرضيعة بحيث تحرم على صاحب اللبن، وتوضيح ذلك أنه لو ارتضعت طفلة من زوجة رجل، فإن هذه الطفلة إذا ارتضعت الرضاعة المعتبرة شرعاً تكون بنتاً له من الرضاع لا يجوز له أن يتزوجها؛ لأنها تغذت من لبن نشأ من حمل لهذا الزوج فكيف إذا كانت هي قد خلقت من مائه فإنها تكون أولى بالتحريم.

ولهذا نقول: إنّ هذه الطفلة التي خلقت من ماء الزاني لا تُعتبر بنتاً له شرعاً ولكن لا يحل له أن يتزوجها، ولا أن يتزوج أحداً من فروعها؛ لأنها خلقت من مائه.

السؤال: هل يجوز للمسلم أن يجمع بين زوجتيه في فراش واحد في ليلة واحدة وماذا يترتب على من فعل ذلك؟

الجواب: العلماء رحمهم الله ذكروا أن مثل هذا الفعل يكره وأنه لا ينبغي أن يفعل؛ لأنه يُحدث غيرة بين الزوجتين ولا يمكنه أن يقوم بالعدل بينهما في هذه الحال؛ لأنه إن استدبر واحدةً استقبل الأخرى وإن استقبل الأخرى استدبر الثانية، وبهذا يفوت العدل الواجب، وقد يكون ذلك سبباً يمنع كمال الاستمتاع بالزوجتين أو إحداهما، فلهذا كره العلماء رحمهم الله أن يجمع الرجل بين زوجتيه في فراش واحد.

السؤال: جاءت أحاديث كثيرة وصحيحة عن رفع اليدين في الصلاة في كل من الركوع والرفع منه والقيام للركعة الثالثة، إلا أني لم أعرف كيف أرفع عند القيام من الثالثة هل في الجلوس أم بعد أن أستوي قائماً؟

الجواب: إذا قام من الجلسة للتشهد فإنه يرفع عند القيام معتمداً على ركبتيه فإذا انتصب قائماً رفع يديه.

السؤال: أنا امرأة متزوجة وعندي خمسة أطفال، ومنذ مدة طويلة جداً وأنا مع زوجي في مشاكل من ناحية أنه يكذب عليّ كثيراً في أغلب الأشياء، وأزعل عليه وأطلب منه عدم الكذب علي فيحلف على المصحف بعدم الكذب علي مرة أخرى، ولكنه لم يستطيع الصبر عن الكذب أبداً، وأنا لا أستطيع الصبر على الكذب.

والمشكلة الثانية أنه كثير الشك لدرجة أنه يشك في تجاه أقرب الناس إلي مثل ابنه الذي من امرأة أخرى أرجو حل هاتين المشكلتين؟

الجواب: حل هاتين المشكلتين ليست عندنا في الحقيقة ليست تلك مشكلة شرعية حتى يمكننا الإجابة عليها ولكننا نرشد الأخت السائلة إلى طريق الحل لهاتين المشكلتين، وذلك بأن تنظر هي وزوجها في جماعة أهل علم ودين ونظر حتى يجمعوهما على ما ينبغي أن يكون عليه من العشرة الحميدة والسيرة الطيبة.

السؤال: أنا زيد رضعت وأنا في صغري من المرأة هند رضعتين مع ابنتها مريم وقد أنجبت هند ولدين ثم أنجبت زينب فهل يجوز لي أنا زيد بأن أتزوج زينب علماً بأنني لم أرضع من والدتها مع أختها الكبيرة سوى رضعتين؟

الجواب: يجوز لك أن تتزوج بهذه المرأة التي ذكرت بل وبالمرأة التي أرضعتك رضعتين؛ لأن الرضعتين لا أثر لهما في التحريم، إذ لا يُحرِّم من الرضاع إلا ما بلغ خمس رضعات فأكثر، فأما ما دون ذلك فليس له أثر، هذا هو الراجح من أقوال أهل العلم، وبعض العلماء يرى أنّ المُحَرِّمَ ثلاث رضعات، وبعضهم يرى أن التحريم يثبت برضعة واحدة، وإنما ذكرت لك هذا الخلاف لأجل أن تسلك سبيل الاحتياط إذا شئت وأن تتجنب ما فيه شبهة في آراء العلماء رحمهم الله، ولكن مع ذلك نقول: إنها لا تحرم عليك؛ لأن الرضاع لا يثبت بالمرتين فقط.

السؤال: شخص توفي ولم يكن له ذرية، فأوصى أن البيت ضحية له ولوالديه، وأنه قال: ملعون بائعه وشاريه إلى أنْ يَرثَ الله الأرض ومن عليها، والبيت الآن طايح منذ سنين -أي: أنه خرابة لا يساوي شيئاً- وأن المتوفى له أخٌ كبير في السن، فمَاذا يعمل لكي يبرئ ذمته من هذه الوصية وهي موجودة معه الآن؟

الجواب: أولاً: وصيته ببيته كاملاً وله وارث محرمٌ عليه ذلك الفعل، وهذا أخوه وارث له إذا لم يكن وارث أولى منه في الميراث، وإذا حصلت مثل هذه القضية بأن أوصى الإنسان بجميع ما يملك وله ورثة فإن للورثة الخيار بين أن يُجيزوا هذه الوصية وبين أن يمنعوا ما زاد على الثلث منها، وعليه فإنه إذا لم يكن أخوه قد أقر تلك الوصية فإن له أن يمنع منها ما زاد على الثلث، أما إذا كان قد أقرها فإن الوصية تنفذ كما قال الموصي، ولكن إذا تعطلت منافع البيت فإن الواجب على الوصي الذي له النظر على هذا البيت أن يبيعه ويستبدله بما يكون له نفع وريع حتى تنفذ الوصية على المطلوب.