أرشيف المقالات

بين الإرجاف والتفاؤل كلمة

مدة قراءة المادة : دقيقتان .
بين الإرجاف والتفاؤل كلمة
 
لست حقًّا مع المرجفين أصحاب الرؤية السوداويَّة، الذين يَقلبون الأبيض أسودَ، ويُحمِّلون الطاقة المُنهكة عبئًا فوق عبئها.
يحتاج المُحبطون إلى كلمة دافئة تحتويهم، وأيد حانية تُرَبِّت على آلامهم، وليس إلى تثبيطٍ يجعل الأمل كالبذور المُلقاة في أرض بُور.
وقد بُعِثنا - كما قال الحبيب صلَّى الله عليه وسلم - مُبشِّرين، ولَم نُبعَث مُنَفِّرين،
 
والفرق بين الإرجاف والتفاؤل كلمة تكاد تختفي بين دهاليز الشكِّ عند المُرجفين، وهي منيرة وضَّاءة عند مَن يبحثون عن الإصلاح، ألا وهي الأمل.
 
والمعادلة يَلزمها اتِّزان لتُؤتي ثمارها، فبجانب الأمل نحتاج لتجديد النيَّة، وأن نعمل لله لنجدَ بركة هذا العمل، ونحتاج أن نَبرأَ مِن حولنا وقوَّتنا إلى حول الله وقوَّته؛ لنَنجح في مساعينا، ثم نحتاج إلى تخطيط جيدٍ وأفضل، واستخدام للخيارات المتاحة، واستنهاضٍ للهِمم، وأمانة في العمل؛ لتتحوَّل الأماني إلى واقعٍ نَشهده وننتفع به.
 
الأمة المترامية الأطراف التي بلَغَت ما بين المشرق والمغرب في اتساعها وذيوع صِيتها، كانوا جميعهم ينشدون هدفًا واحدًا، ويعملون له، وعَلِموا أنَّ النزاع نذيرُ فشلٍ وانقسامٍ، فتوحَّدوا واتَّحدوا؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 46].
قَرَؤوا كتاب الله، وعَمِلوا بما فيه، وكان القرآن قائدَهم، فتضاءَلت مصالحهم الشخصيَّة أمام مَرضاة الله، والحرص على الفوز بالجنة.
 
وفي هذا الزمن - إلاَّ مَن رَحِم ربي - مِن المسلمين مَن اتَّخذ القرآن مهجورًا، وتعاظَمَت في عينيه مصالِحُه الشخصيَّة، وغلَّب الدنيا على الآخرة، واتَّسَعت المصيبة كلما اتَّسَع مقام المسؤوليَّة، إلى أن وصَلَت إلى الرأس، وجَرَّت معها باقي الجسد.
 
فأصْلِح وابتغِ بإصلاحك الدار الآخرة، وأحْسِن كما أحسَن الله إليك، وما تزرعه اليوم ستجده غدًا.

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢