أرشيف المقالات

الـرشــوة

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
الرشوة هي ما يُعطى لإبطال حق أو إحقاق باطل ، وهي محرمة ، بل هي من الكبائر ، فقد قال الله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة/188) . قال الذهبي - رحمه الله تعالى - : " لا تُدلوا بأموالكم إلى الحكام : أي لا تصانعوهم بها ولا ترشوهم ليقتطعوا لكم حقـًا لغيركم وأنتم تعلمون أن ذلك لا يحل لكم " .اهـ . ولا شك أن الذي يأخذ الرشوة إنما يأكل سُحتـًا ، وقد ذم الله تعالى هذا الصنف من الناس ، وشنَّع عليهم أشد التشنيع ، فقال تعالى : (وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (المائدة/62) . الرشوة سبب اللعنة ولأن الرشوة إذا شاعت في المجتمعات فإنها تؤدي إلى ضياع الحقوق وشيوع الظلم وانتشار الفساد ، فقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تعامل بها ، فعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال : ((لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراشي والمرتشي)) (رواه الترمذي وأبو داود ، وقال الألباني : صحيح) . كما بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما سيلقاه المرتشي من العقوبة ، وما يلحقه من الإثم حين استعمل رجلاً ، فلما قدم قال : هذا لكم وهذا أُهدي لي ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر وقال : ((ما بال عاملٍ أبعثه فيقول : هذا لكم وهذا أُهدي لي ! أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيُهدى إليه أم لا ؟ والذي نفس محمد بيده ، لا ينال أحد منكم منها شيئـًا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه ، بعير له رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو شاة تيعر)) . فالذي يأكل الرشوة إنما يحملها على عاتقه إثمـًا عظيمـًا ، يُسأل عنه يوم القيامة . ومما ينبغي أن يُعلم أن الرشوة حرام على الآخذ مطلقـًا ، أما بالنسبة للدافع ففيها تفصيل ؛ فتكون حرامـًا في حقه إن كان دفعها لاقتطاع حق غيره أو لظلمه ، إما إن كان مضطرًا لدفعها للحصول على حقٍ هو له ، أو لدفع ظلم ، أو ما شابه ذلك فهي في حقه ليست حرامـًا ..
والله تعالى أعلم . الفرق بين الرشوة والهدية إن هناك فرقـًا مهمـًا بين الرشوة والهدية - وإن اشتبها في الصورة - والفرق راجعٌ أساسـًا إلى القصد ، إذ أن القصد في الرشوة هو التوصل إلى إبطال حق ، أو تحقيق باطل ، أما المُهدي فقصده استجلاب المودة والمعرفة والإحسان . ومن أهم المضار والمفاسد المترتبة على الرشوة أنها : 1) تُغضب الله جل وعلا وتجلب على صاحبها العذاب واللعنة . 2) تُفسد المجتمع حكامـًا ومحكومين . 3) تُبطل حقوق الضعفاء والمظلومين . 4) المرتشي تُشد يساره إلى يمينه ثم يُرمى به في جهنم .

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن