أرشيف المقالات

فوائد متنوعة منتقاة من بعض الكتب (8)

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
فوائد متنوعة منتقاة من بعض الكتب (8)


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فهذه المجموعة الثامنة من الفوائد المتنوعة المنتقاة من بعض الكتب، وقد ذكرتُ في نهاية كل فائدة اسمَ الكتاب الذي نقلت منه، أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.
 
الأسماء لا تُغيِّر المعاني:
قال الإمام الصنعاني رحمه الله: الأسماء لا أثر لها ولا تُغيِّر المعاني ضرورة لغوية وعقلية وشرعية، فإن من شرب الخمر وسمَّاه ماءً، ما شرب إلا خمرًا، وعقابه عقاب شارب الخمر، ولعله يزيد في عقابه للتدليس والكذب في التسمية، وقد ثبت في الأحاديث أنه يأتي أقوام يشربون الخمر يسمونها بغير اسْمِها، وصدق صلى الله عليه وسلم قد أتى طوائف من الفسقة شربوا الخمر وسمَّوها نبيذًا، وأول من سمَّى ما فيه غضب الله وعصيانه بالأسماء المحبوبة عند السامعين إبليس لعنه الله، فإنه قال لأبي البشر آدم عليه السلام: ﴿ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ﴾ [طه: 120]، فسمَّى الشجرة التي نهى الله آدم عن قربانها: شجرة الخلد؛ جذبًا لطبعه إليها، وهزًّا لنشاطه إلى قربانها، وتدليسًا عليه بالاسم الذي اخترعه لها؛ [تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد].

 
إذا عددته زاد على المائة، وإذا عددت نصفه كان دون العشرين:
قال الإمام الزركشي رحمه الله: اعلم أن سور القرآن العظيم مائة وأربع عشرة سورة، وفيها يلغز فيُقال: أي شيء إذا عددته زاد على المائة، وإذا عددت نصفه كان دون العشرين؟ [البرهان في علوم القرآن].
 
الحذر من تكفير المسلمين إلا بعلم وبرهان من الله:
قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين، (ت1282هـ) رحمه الله: يجب على من نصح نفسه ألَّا يتكلم في هذه المسألة إلا بعلم وبرهان من الله، وليحذر من إخراج رجل من الإسلام بمجرد فهمه واستحسان عقله، فإن إخراج رجل من الإسلام أو إدخاله فيه أعظمُ أمور الدين، وقد كفينا بيان هذه المسألة كغيرها؛ بل حُكْمُها في الجملة أظهرُ أحكام الدين.
 
فالواجب علينا الاتِّباع وترك الابتداع، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: اتَّبِعُوا ولا تبتدعوا، فقد كفيتم.
 
وأيضًا فما تنازع العلماء في كونه كفرًا، فالاحتياط للدين التوقف وعدم الإقدام، ما لم يكن في المسألة نصٌّ صريحٌ عن المعصوم صلى الله عليه وسلم.
 
وقد استنزل الشيطان أكثر الناس في هذه الأزمان في هذه المسألة، فقصر بطائفة، فحكموا بإسلام مَنْ دلَّت نصوص الكتاب والسنة والإجماع على كُفْره، كالذين يدعون الأموات والغائبين، ويتقرَّبون إليهم بالذبائح والنذور، ويقول المعتذِر عنهم: إنهم يقولون: لا إله إلا الله.
 
وتعدى بآخرين فكفروا من حَكَم الكتاب والسنة مع الإجماع بأنه مسلم، ومن العجب أن أحد هؤلاء لو سُئِل عن مسألة في الطهارة أو البيع ونحوهما لم يُفْتِ بمجرد فهمه واستحسان عقله؛ بل يبحث عن كلام العلماء، ويُفْتي بما قالوه...
فكيف يعتمد في هذا الأمر العظيم الذي هو أعظم أمور الدين وأشدُّ خطرًا على مجرد فهمه واستحسانه؟!
فيا مُصيبة الإسلام من هاتين الطائفتين، ومحنته من تينك البليتين! [مسألة فيمن يكفر غيره من المسلمين].
 
أشدُّ خلق الله جل وعلا: الهم:
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أشدُّ خلق ربك عز وجل عشرة: الجبال الرواسي، والحديد ينحت به الجبال، والنار تأكل الحديد، والماء يطفئ النار، والسحاب المُسخَّر بين السماء والأرض يحمل الماء، والريح تقل السحاب، والإنسان يغلب الريح يتَّقيها بيده، والسكر يغلب الإنسان، والنوم يغلب السكر، والهم يغلب النوم، فأشدُّ خلق ربك الهم؛ [التوحيد للإمام محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده].
 
عدم الالتفات إلى ما يقوله أهل التواريخ عن الصحابة رضي الله عنهم:
قال القاضي ابن العربي رحمه الله: "الناس إذا لم يجدوا عيبًا لأحدٍ وغلبهم الحسد عليه، وعداوتهم له أحدثوا له عيوبًا، فاقبلوا الوصية، ولا تلتفتوا إلا إلى ما صحَّ من الأخبار، واجتنبوا- كما ذكرت لكم- أهل التواريخ، فإنهم ذكروا عن السلف أخبارًا صحيحة يسيرة؛ ليتوسلوا بذلك إلى رواية الأباطيل، فيقذفوا...في قلوب الناس ما لا يرضاه الله تعالى، وليحتقروا السلف ويهونوا الدين، وهو أعزُّ من ذلك، وهم أكرمنا منَّا، فرضي الله عنهم.
ومن نظر إلى أفعال الصحابة تبين منها بطلان هذه الهتوك التي يختلقها أهل التواريخ فيدسُّونها في قلوب الضعفاء؛ [العواصم من القواصم].
 
آن الأوان أن نقول "كلمة الحق" ما استطعنا:
قال العلامة أحمد محمد شاكر رحمه الله: ما أقلَّ ما قلنا "كلمة الحق" في مواقف الرجال! وما أكثر ما قصرنا في ذلك! إن لم يكن خوفًا فضعفًا، ونستغفر الله، وأرى أن قد آن الأوان لنقولها ما استطعنا، كفارةً عما سلف من تقصير، وعما أسلفت من ذنوب، ليس لها إلا عفوه ورحمته، والعمرُ يجري بنا سريعًا، والحياة توشك أن تبلغ منتهاها؛ [كلمة الحق].
 

شارك الخبر

المرئيات-١