عنوان الفتوى : عورة المرأة أمام محارمها
هل يجوز إظهار جزء من الصدر العلوي، أو الترقوة -لا يصل هذا الجزء المكشوف للثديين، أو الظهر من الأعلى، أو الكتفين، أو الإبطين- أمام المحارم من الرجال كالأب؟ فإن العادة جرت عندنا هنا بكشفه، وتقريبا جميع النساء هكذا، وتقريبا كل ملابسي الصيفية بهذا الشكل، خاصة الأكمام فهي واسعة وقصيرة، مما يجعل جزءا من الظهر يظهر مع رفع اليدين أو تحريكهما. وأصبحت أشد الثياب بالمشابك؛ لأغطي ما ذكرته من الصدر والظهر وغيره؛ لأنني قد قرأت في فتوى لكم أنه لا يجوز إظهار هذه الأماكن. وهذا أتعبني، فنحن جرت عندنا العادة بكشفها.
أرجو الرد بحكم إظهار كل عضو مما ذكرت. هل يجوز إظهاره أمام الرجال المحارم، أم لا؟
وهل ما تحرمون إظهاره؛ لأنه لم تجر العادة بكشفه، يصبح إظهاره مباحا إن أصبحت العادة تجري بكشفه؟
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي نراه في هذه المسألة هو أن الذي يجوز للمرأة كشفه أمام محارمها هو أطرافها التي تظهر غالبا، ويعسر المحافظة على سترها عمن تكثر مخالطته، وذلك مثل الرأس والرقبة واليدين والرجلين، فيحرم عليها كشف غير هذه الأعضاء أمامهم. وهذا مقتضى مذهب المالكية والحنابلة، وقول عند الشافعية.
جاء في شرح مختصر خليل للخرشي: وَمَعَ مَحْرَمٍ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْأَطْرَافِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ عَوْرَةَ الْحُرَّةِ مَعَ الرَّجُلِ الْمَحْرَمِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ صِهْرٍ جَمِيعُ بَدَنِهَا إلَّا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ، وَهِيَ مَا فَوْقَ الْمَنْحَرِ. وَهُوَ شَامِلٌ لِشَعْرِ الرَّأْسِ، وَالْقَدَمَينِ وَالذِّرَاعَينِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرَى ثَدْيَهَا وَصَدْرَهَا وَسَاقَهَا. اهــ.
وفي مواهب الجليل للحطاب المالكي: قَالَ الْأَبِيُّ عَنْ عِيَاضٍ: وَعَوْرَتُهَا عَلَى ذِي الْمَحْرَمِ مَا سِوَى الذِّرَاعَيْنِ، وَسِوَى مَا فَوْقَ الْمَنْحَرِ. انْتَهَى. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: وَعَوْرَتُهَا أَيْ الْمَرْأَةِ مَعَ مَحْرَمٍ مِنْ الرِّجَالِ: مَا عَدَا الْوَجْهَ وَأَطْرَافَ الْقَدَمَيْنِ وَالْكُوعَيْنِ، وَالشَّعْرَ مِنْ الرَّأْسِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. اهــ.
وفي شرح المنتهى للبهوتي الحنبلي: (و) يباح لرجل نظر وجه ورقبة، ويد وقدم، ورأس وساق (من) ذات محرم، لقوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن} [النور: 31] الآية.
(وهي) أي ذات المحرم (من تحرم عليه أبدا بنسب) كأمه وأخته (أو سبب مباح) كرضاع ومصاهرة كأخته من رضاع، وزوجة أبيه وابنه، وأم زوجته ... انتهى.
وللفائدة، راجعي الفتوى: 248764
فعلى هذا فإن كانت تلك الملابس لا يظهر منها إلا ما ذكر هنا، فلا حرج في لبسها أمام المحارم، وأما إن كان يظهر من خلالها غير ما ذكر فلا يجوز ارتداؤها بحضرتهم، وعليك أن تتخذي ملابس ساترة لما يجب ستره أمامهم، ولو أن تفصلي ملابس خاصة لذلك.
هذا وننبه إلى أن مجرد جريان العادة بشيء لا يجعله مباحا إذا كان الشخص يعتقد أنه خلاف الشرع.
والله أعلم.