أرشيف المقالات

صفات المتقين مع كتب الله تعالى

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
صفات المتقين مع كتب الله تعالى
 
الأولى: الإيمان بكُتب الله تعالى وبما جاءت به جملةً وتفصيلًا:
قال الله تعالى: ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 1، 2].
 
وقال تعالى: ﴿ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 156].
 
وقال تبارك وتعالى: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ * وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [الزمر: 32 - 33].
 
وتقدمت آية البقرة، في أنواع البر.
 
وقال ابن كثير في "تفسيره" (1 /57): قوله: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ﴾ [البقرة: 4]: قال ابن عباس رضي الله عنه: أي: يصدقون بما جئت به من الله، وما جاء به من قبلك من المرسلين، لا يفرقون بينهم، ولا يجحدون ما جاءهم به من ربهم؛ ا هـ.
وهذا الأثر من طريق محمد بن أبي محمد، مجهول، راجع للمزيد "مقدمة تفسير ابن جرير" (1 /190) للتركي، فقد ساق نقولات عن جمعٍ من الأئمة في الأسانيد التي عليها مدار الضعف، في "تفسير ابن جرير"، وعلى ضعف الأثر؛ فإن العمل عليه، والله أعلم.
 
وقال في "تفسيره" (1 /269): قوله: ﴿ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾ [البقرة: 177]: الكتاب اسم جنس، يشمل الكتب المنزلة من السماء على الأنبياء، حتى ختمت بأشرفها، وهو القرآن الكريم؛ ا.هـ.
 
الثانية: طلب الهداية من القرآن الكريم بفهم ما فيه والعظة والتذكُّر به:
قال الله تعالى: ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 1، 2].
وقال تعالى: ﴿ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 138].
وقال تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ [الحاقة: 48].
 
ونقل ابن كثير في "تفسيره" (1 /52) - عند قوله: ﴿ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾، عن ابن مسعود، وأناس من الصحابة رضي الله عنهم -: أن معنى ﴿هُدًى﴾ يعني: أنها نور للمتقين[1].
وقال الشعبي: هدًى من الضلالة.
 
وقال سعيد بن جبير: تبيان للمتقين، ثم قال ابن كثير: وكل ذلك صحيح، ثم نَقَلَ عن قتادة: قوله: إن المتقين هم الذين نعتهم الله بقوله: ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة:3 - 5]؛ ا .هـ بتصرف.
 
الثالثة: عدم التقدُّم على كتاب الله وإن كان حاكمًا عليهم:
قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَهَ إِنَّ اللَهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الحجرات: 1].
 
ونقل ابن كثير في "تفسيره" (4 /271): عن ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله: ﴿ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ ﴾؛ أي: لا تقولوا بخلاف الكتاب والسنة.
وقال الضحاك: لا تقضوا أمرًا دون الله ورسوله، من شرائع دينكم؛ ا .هـ.
 
الرابعة: اتباعه والأخذ به:
قال الله تعالى: ﴿ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 156، 157].
 
قال ابن كثير في "تفسيره" (2 /352): الوحي الذي أُنزل معه صلى الله عليه وسلم هو القرآن، والوحي الذي جاء به هو سنته صلى الله عليه وسلم؛ ا .هـ.



[1] وهذا الأثر من طريق مرة الهمداني، طعن بعضهم في روايته؛ لجمعه التفسير عن جماعة من الصحابة، ثم سوقه عنهم جميعًا، مع أنه لم يسمع إلَّا من البعض دون الآخر، فلم يُعلم الصحيح من الضعيف، وبهذا قال جماعة، منهم الحافظ ابن حجر: في "العجاب" (1 /211).
وقد قبل روايته آخرون، وقد وثقه ابن معين، وغيره، راجع: "التيسير لمعرفة المشهور من أسانيد كتب التفسير" (ص118).
والذي يظهر لي: أن ما انتُقد عليه وخالفه فيه غيره من الأثبات رُدَّ، وما عضده به غيره قُبل، والله أعلم.

شارك الخبر

المرئيات-١