Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73
عز على علماء الأندلس انتهاك الحكم بن هشام للحرمات، وأتمروا ليخلعوه، ثم جيشوا لقتاله، وجرت بالأندلس فتنة عظيمة على الإسلام وأهله- فلا قوة إلا بالله- فلما هم العلماء بخلع الحكم، قالوا: إنه غير عدل، ونكثوه في نفوس العوام، وزعموا أنه لا يحل المكث ولا الصبر على هذه السيرة الذميمة، وكان ممن تقدم العلماء في الدعوة لخلع الحكم بن هشام يحيى بن يحيى الليثي، وطالوت المعافري, وعول أهل العلم على تقديم أحد أهل الشورى بقرطبة، وهو أبو الشماس أحمد بن المنذر بن عبدالرحمن الداخل ابن عم الحكم بن هشام؛ لما عرفوا من صلاحه وعقله، ودينه، فقصدوه، وعرفوه بالأمر، فأبدى الميل إليهم والبشرى بهم، وقال لهم: أنتم أضيافي الليلة؛ فإن الليل أستر.
وناموا، وقام هو إلى ابن عمه الحكم، فأخبره بشأنهم، فاغتاظ لذلك، وقال: جئت لسفك دمي أو دمائهم، وهم أعلام، فمن أين نتوصل إلى ما ذكرت? فقال: أرسل معي من تثق به ليتحقق.
فوجه من أحب، فأدخلهم أحمد في بيته تحت ستر، ودخل الليل، وجاء القوم، فقال: خبروني من معكم? فقالوا: فلان الفقيه، وفلان الوزير.
وعدوا كبارا، والكاتب يكتب حتى امتلأ الرق، فمد أحدهم يده وراء الستر، فرأى القوم، فقام وقاموا، وقالوا: فعلتها يا عدو الله.
فمن فر لحينه نجا، ومن لا، قبض عليه، فكان ممن فر: عيسى بن دينار الفقيه، ويحيى بن يحيى الفقيه صاحب مالك، وقرعوس بن العباس الثقفي, وقبض على ناس كمالك بن يزيد القاضي، وموسى بن سالم الخولاني، ويحيى بن مضر الفقيه، وأمثالهم من أهل العلم والدين، في سبعة وسبعين رجلا، فضربت أعناقهم وصلبوا, وأضاف إليهم الحكم عميه؛ كليبا وأمية، فصلبا، وأحرق القلوب عليهم، وسار بأمرهم الرفاق، وعلم الحكم أنه محقود من الناس كلهم، فأخذ في جمع الجنود والحشم، وتهيأ، وأخذت العامة في الهياج، واستأسد الناس، وتنمروا، وتأهبوا.
واستفحل الشر.
أقبل المأمون من خراسان قاصدا العراق، وذلك أن علي بن موسى الرضا أخبر المأمون بما الناس فيه من الفتن والاختلاف بأرض العراق، وبأن الهاشميين قد أنهوا إلى الناس بأن المأمون مسحور ومسجون، وأنهم قد نقموا عليك ببيعتك لعلي بن موسى، وأن الحرب قائمة بين الحسن بن سهل وبين إبراهيم بن المهدي.
فاستدعى المأمون جماعة من أمرائه وأقربائه فسألهم عن ذلك فصدقوا عليا فيما قال، بعد أخذهم الأمان منه، وقالوا له: إن الفضل بن سهل حسن لك قتل هرثمة بن أعين، وقد كان ناصحا لك.
فعاجله بقتله، وإن طاهر بن الحسين مهد لك الأمور حتى قاد إليك الخلافة بزمامها فطردته إلى الرقة، فقعد لا عمل له ولا تستنهضه في أمر، وإن الأرض تفتقت بالشرور والفتن من أقطارها، فلما تحقق ذلك المأمون أمر بالرحيل إلى بغداد، وقد فطن الفضل بن سهل بما تمالأ عليه أولئك الناصحون، فضرب قوما ونتف لحى بعضهم.
وسار المأمون فلما كان بسرخس عدا قوم على الفضل بن سهل وزير المأمون (ذو الرياستين ) وهو في الحمام، فقتلوه بالسيوف، وله ستون سنة، فبعث المأمون في آثارهم فجيء بهم وهم أربعة من المماليك فقتلهم وكتب إلى أخيه الحسن بن سهل يعزيه فيه، وولاه الوزارة مكانه، وارتحل المأمون من سرخس يوم عيد الفطر نحو العراق، وإبراهيم بن المهدي بالمدائن، وفي مقابلته جيش يقاتلونه من جهة المأمون.
من أشهر الثورات التي قمعها الحكم بن هشام ثورة الربض، وهم قوم كانوا يعيشون في إحدى ضواحي قرطبة، وقد ثار أهلها ثورة كبيرة جدا عليه؛ بسبب ما عرف عنه من معاقرة الخمر، وتشاغله باللهو والصيد، وقد زاد من نقمة الشعب عليه قتله لجماعة من أعيان قرطبة، فكرهه الناس, وصاروا يتعرضون لجنده بالأذى والسب، فشرع في تحصين قرطبة وعمارة أسوارها وحفر خنادقها، وارتبط الخيل على بابه، واستكثر المماليك، ورتب جمعا لا يفارقون باب قصره بالسلاح، فزاد ذلك في حقد أهل قرطبة، وتيقنوا أنه يفعل ذلك للانتقام منهم.
ثم وضع عليهم عشر الأطعمة كل سنة، من غير خرص، فكرهوا ذلك، ثم عمد إلى عشرة من رؤساء سفهائهم، فقتلهم، وصلبهم، فهاج لذلك أهل الربض، وتداعى أهل قرطبة من أرباضهم وتألبوا بالسلاح وقصدوا القصر، فكان أول من شهر السلاح أهل الربض، واجتمع أهل الربض جميعهم بالسلاح، واجتمع الجند والأمويون والعبيد بالقصر، وفرق الحكم الخيل والأسلحة، وجعل أصحابه كتائب، ووقع القتال بين الطائفتين، فغلبهم أهل الربض، وأحاطوا بقصره، فنزل الحكم من أعلى القصر، ولبس سلاحه، وركب وحرض الناس، فقاتلوا بين يديه قتالا شديدا.
ثم أمر ابن عمه عبيد الله، فثلم في السور ثلمة، وخرج منها ومعه قطعة من الجيش، وأتى أهل الربض من وراء ظهورهم، ولم يعلموا بهم، فأضرموا النار في الربض، وانهزم أهله، وقتلوا مقتلة عظيمة، وأخرجوا من وجدوا في المنازل والدور، فأسروهم، فانتقى من الأسرى ثلاثمائة من وجوههم، فقتلهم، وصلبهم منكسين، وأقام النهب والقتل والحريق والخراب في أرباض قرطبة ثلاثة أيام.
ثم استشار الحكم عبد الكريم بن عبد الواحد بن عبد المغيث، فأشار عليه بالصفح عنهم والعفو، وأشار غيره بالقتل، فقبل قوله، وأمر فنودي بالأمان، على أنه من بقي من أهل الربض بعد ثلاثة أيام قتلناه وصلبناه؛ فخرج من بقي بعد ذلك منهم مستخفيا، وتحملوا على الصعب والذلول خارجين من حضرة قرطبة بنسائهم وأولادهم، وما خف من أموالهم، وقعد لهم الجند والفسقة بالمراصد ينهبون، ومن امتنع عليهم قتلوه.
فلما انقضت الأيام الثلاثة أمر الحكم بكف الأيدي عن حرم الناس، وجمعهن إلى مكان، وأمر بهدم الربض القبلي.
فكانت وقعة هائلة شنيعة، قتل فيها عدد كثير زهاء أربعين ألفا من أهل الربض، وعاينوا البلاء وهدمت ديارهم ومساجدهم، ونزل منهم ألوف بطليطلة وخلق في الثغور، وجاز آخرون البحر ونزلوا بلاد البربر، ومنهم من نزل بالإسكندرية في مصر.
وكان بزيع مولى أمية ابن الأمير عبد الرحمن بن معاوية بن هشام محبوسا في حبس الدم بقرطبة، في رجليه قيد ثقيل، فلما رأى أهل قرطبة قد غلبوا الجند سأل الحرس أن يفرجوا له، فأخذوا عليه العهود إن سلم أن يعود إليهم، وأطلقوه، فخرج فقاتل قتالا شديدا لم يكن في الجيش مثله، فلما انهزم أهل الربض عاد إلى السجن، فانتهى خبره إلى الحكم، فأطلقه وأحسن إليه.
دولة بني زياد هي أول الدول اليمنية استقلالا في القرن الثالث الهجري، ففي زمن المأمون الخليفة العباسي بدأ النفوذ الشيعي يزداد بشدة؛ ما جعله يولي محمد بن إبراهيم الزيادي اليمن سنة 203هـ، وبعد عام من هذا التاريخ بدأ الزيادي في بناء مدينة جديدة لها، وهي مدينة زبيد، وقد نجح في بسط نفوذه على جميع أرجاء اليمن حتى استقل بملكها، فملك إقليم اليمن بأسره، وحضرموت بأسرها، والشحر ومرباط وأبين وعدن والتهائم إلى حلي يعقوب، وكذلك من جبال الجند وأعماله ومخلاف جعفر ومخلاف المعافر وصنعاء وأعمالها ونجران وبيحان والحجاز بأسره.
وبعد أن جعل الزيادي الملك في ذريته ودانت له اليمن، حكم من بعده ابنه إبراهيم سنة 245هـ، ثم تولى من بعده زياد، ثم من بعده ابنه أبو الجيش إسحاق الذي عمر طويلا وبدأ في عهده ضعف الدولة الزيادية، فثار في صنعاء ابن يعفر، وثار في صعدة يحيى بن القاسم الرسي الملقب بالهادي سنة 288هـ، وأصبحت اليمن كلها في مهب الريح، وبدأت الدولة الزيادية بالتفكك.
وانتزع اليعفريون من بني زياد بعض المناطق، وأصبحت اليمن ثلاث دول: دولة ابن يعفر في صنعاء، والدولة الشيعية الزيدية للرسيين في صعدة، ودولة الزياديين في زبيد.
فلم يدم الملك طويلا لأحد، وشهد اليمن اضطرابات مذهبية خلال العصر العباسي الثاني.
وفي آخر الأمر تمكن نجاح وهو مملوك حبشي لمرجان من تأسيس دولة بني نجاح في زبيد، وبهذا انقرضت دولة بني زياد.
توفي علي بن موسى الرضا- الذي كان المأمون قد جعله وليا للعهد- وكان سبب موته أنه أكل عنبا فأكثر منه، فمات فجأة، وكان موته بمدينة طوس، فصلى المأمون عليه، ودفنه عند قبر أبيه الرشيد, وقيل: إن المأمون سمه في عنب، وكان علي يحب العنب.
فلما توفي كتب المأمون إلى الحسن بن سهل يعلمه موت علي، وما دخل عليه من المصيبة بموته، وكتب إلى أهل بغداد، وبني العباس والموالي يعلمهم موته، وأنهم إنما نقموا ببيعته، وقد مات، ويسألهم الدخول في طاعته، فكتبوا إليه أغلظ جواب.
هو الأمير الشريف حمود بن محمد بن أحمد الحسني التهامي، ويعرف بأبي مسمار أمير من أشراف تهامة اليمن، كانت ولادته عام 1170هـ في قرية الملاحة من بلاد بني مالك بالسراة، كانت له ولأسلافه ولاية المخلاف السليماني من تهامة ودعوتهم لأئمة صنعاء.
في سنة 1210 ثار حمود على ابن عمه علي بن حيدر، فنزل له عن إمارة عريش واستقل بولاية أبي عريش وصبيا وضمد والمخلاف السليماني.
واختط مدينة (الزهراء) وبنى قلاعا وأسوارا.
وكان شجاعا كريما محبا للعمران، فيه دهاء وحزم.
وهو أول من استقل بالمخلاف السليماني عن أئمة صنعاء.
وفي أيامه استولت جيوش نجد على البلاد المجاورة له، فقاتلهم، فهزموه فانضوى إلى لوائهم فدان بالدعوة السلفية، فأزال ما كان من أثر للبدع والوسائل الشركية في بلاده، وأصبح أميرا من أمراء الإمام عبد العزيز بن محمد، ثم لابنه سعود، وقد قام بعمليات فتح لصالح دولة الدرعية، فاستولى على اللحية والحديدة وزبيد وما يليها.
وقد هزم الأمير حمود أبو مسهار قوات محمد علي باشا التي يقودها سنان أغا في عسير، ثم وافاه الأجل بعد انتصاره بعشرة أيام عن عمر ثلاث وستين سنة، وقد دفن في قرية الملاحة مسقط رأسه في الظهرة المعروفة بظهرة حمود نسبة إليه، وهي واقعة على ضفاف كضامة الملاحة.
ركب إبراهيم باشا من أشيقر بخيله وقصد بلد شقراء، فأتاها واستدار فيها، وقاسها وعرف موضع منزله ومنزل عسكره وقبوسيه؛ لأنه يعلم أن أهلها محاربون أشداء وأهل صدق في الحرب مجربون، وكان قد أتى إليه أمداد من العساكر والقبوس، وصار في قوة عظيمة، فنزل أسفل البلد وشماله، فخرج إليه أهلها فساق الباشا عليهم الروم، فوقع بينهم قتال شديد في وسط النخيل وخارجه، فقتل من الروم قتلى كثير وجرح كثير منهم، فتكاثرت عليهم أفزاع الروم وجرح الأمير حمد بن يحيى جرحا شديدا فدخلوا البلد واحتصروا فيها، ثم إن الباشا جر القبوس والقنابر والمدافع وجعلها فوق المرقب الجبل الشمالي، فرمى البلد فيه رميا هائلا أرهب ما حوله من القرى والبلدان من أهل مدبر ومنيخ والمحمل وغيرهم، حتى سمعه من كان في العرمة ومجزل وما حوله.
فلما احتصر أهل البلد فيها أنزل قبوسه ومدافعه وقنابره من رأس الجبل وقربها من السور، وحقق عليهم الحرب والرمي المتتابع حتى قيل إنه رماها في ليلة واحدة بثلاثمائة حمل من الرصاص والبارود، وذكر أن رصاص القبوس والمدافع والقنابر والبنادق يتضارب بعضها ببعض في الهواء فوق البلد وفي وسطها، ثم إنه هدم ما يليه من سورها وقطع نخيلها إلا قليلها، هذا وأهل البلد ثابتون، وفي أكنافها يقاتلون، فقرب الباشا القبوس من السور وهدم ما يليه من الدور والقصور، فحماهم الله سبحانه وكف أيدي الروم عنهم؛ وذلك لصدقهم في مواطن اللقاء بالسيف، فلما هم الروم بالحملة عليهم أثنى عزمهم الخندق وما ذاقوه من شدة القتال أول نزولهم على شقراء، فصار الخندق من الأسباب لثبات أهلها لأنه لا يرام، وفي كل يوم وليلة والباشا يناديهم ويدعوهم إلى المصالحة ويأبون عليه، فلما كان يوم الخميس وقعت المصالحة بين الباشا وبينهم؛ خرج إليه رجلان من رؤساء أهلها فصالحوه على دمائهم وأموالهم وما احتوت عليه بلادهم، وكان جميع بلدان الوشم أعطوه الطاعة لما نزل شقراء، فلما استقر الصلح بعث الباشا عساكر من الترك رئيسهم رشوان أغا إلى ناحية سدير ومنيخ، فنزل رشوان بلد جلاجل وفرق العساكر في البلدان وأخذوا ما فيها من الخيل الجياد الثمينة وحنطة وعليقا للخيل، وأقاموا عندهم إلى أن أراد الرحيل من بلد شقراء، فرحلوا من بلد سدير إلى الوشم، ولما كان بعد أيام من مصالحة أهل شقراء وشى بهم رجال عند الباشا من أهل نجد ممن يساعده وسار معه وقال إنه ارتحل منهم عدة رجال من أعيانهم وعامتهم إلى الدرعية، وأنهم يريدون أن ينقضوا العهد بعدما ترتحل عنهم ويقطعوا سبلك، فأفزع ذلك الباشا وأهمه فدخل البلد مغضبا بعدد كثير من عساكره، فلما دخل جعل العسكر في المسجد فأوقدوا فيه النيران، وذلك وقت الشتاء.
ثم دخل الباشا بيت إبراهيم بن سدحان المعروف جنوب المسجد، وأرسل إلى الأمير حمد وهو جريح فجيء به بين رجلين، فتكلم الباشا عليه بكلام غليظ.
ثم أرسل إلى الشيخ عبد العزيز الحصين الناصري، وكان قد كبر وثقل فجيء به محمولا فأكرمه وأعظمه، فذكر لهم ما حدث من أهل البلد.
فعلوا وفعلوا وكان قصده أن يفتك بهم، فقال له الشيخ عبد العزيز الحصين: كل ما تقول صدق، ولكن العفو يا باشا.
فقال: عفونا عفونا إكراما لمجيئك، فكفى الله سبحانه شره، وهدم سور البلد ودفن خندقها، وأقام عليها نحوا من شهر، ثم ارتحل منها بعساكره، وأخذ معه عشرة رجال من رؤسائهم، وسار منها إلى بلد ضرم، وأتت إليه مكاتبات أهل المحمل وحريملاء وأعطوه الطاعة.
كان عبد الله بن سعود لما صالح أهل شقراء وأطاع الروم جميع أهل الوشم وسدير والمحمل وغيرهم، أمر سعود بن عبد الله بن محمد بن سعود في عدة رجال من أهل الدرعية ومتعب بن إبراهيم بن عيصان صاحب الخرج وعدة رجال معه ومحمد العميري في عدة رجال من أهل ثادق والمحمل- أمر الجميع أن يسيروا إلى بلد ضرما ويدخلوها ليصيروا عونا لأهلها وردءا لهم، فساروا إليها ودخلوها، ثم إن الباشا وعساكر الروم لما وصلوا قرب ضرما ركب عدد من خيلهم وطافوا على البلد وقاسوها وعرفوا منزلهم ونزل قبوسهم ومدافعهم وقنابرهم، ثم رجعوا إلى مخيمهم، فلما كان صبيحة 14 من ربيع الثاني أقبل الباشا على البلد ونزل شرقيها قرب قصور المزاحمية بينها وبين البلد وحطوا ثقلهم وخيامهم ثم سارت العساكر بالقبوس والمدافع والقنابر، ونزلوا بها شمال البلد قرب السور فثارت الحرب بين الروم وبين أهلها، وحقق الباشا عليهم الرمي المتتابع وحاربهم حربا لم ير مثله وثبت الله أهل البلد فلم يعبؤوا به وطلب منهم المصالحة فأبوا عليه ولم يعطوه الدنية، وكانت هذه البلد ليس في تلك النواحي أقوى منها بعد الدرعية رجالا وأموالا وعددا وعدة، فحشدت عليهم عساكر الروم والمدافع فلم يحصلوا على طائل، ثم حشد الروم عليهم وقربوا القبوس من السور وحاربوها حربا عظيمة هائلة، فرميت بين المغرب والعشاء بـ 5700 رمية بين قبس ومدفع وقنبرة، فهدموا ما والاهم من السور، فلما رأى الباشا صبرهم وصدق جلادهم، ساق الروم عليهم وأهل البلد فيه ثابتون، فحمل عليهم الروم حملة واحدة فثبتوا لهم وجالدوهم جلاد صدق وقتلوا منهم نحو 600 رجل، وردوهم إلى باشتهم وبنوا بعض ما انهدم من السور، فنقل الباشا بعض القبوس إلى جنوب البلد فتتابع الرمي من الجهتين وأهل البلد والمرابطة قبالتهم عند السور المهدوم، فلم يفجأهم إلا الصارخ من خلفهم أن الروم خلفكم في أهلكم وأولادكم وأموالكم، فكروا راجعين والروم في أثرهم، ودخل الروم البلد من كل جهة وأخذوها عنوة وقتلوا أهلها في الأسواق والسكك والبيوت، وكان أهل البلد قد جالدوهم في وسط البلد إلى ارتفاع الشمس، وقتلوا من الروم قتلى كثيرين، ولكن خدعوهم بالأمان، فيأتون إلى أهل البيت والعصابة المجتمعة فيقولون: أمان أمان، ويأخذون سلاحهم ثم يقتلونهم، ونهبوا جميع ما احتوت عليه البلد من الأموال والسلاح والمتاع والمواشي والخيل، واحتصر سعود بن عبد الله في قصر من القصور ومعه أكثر من 100 رجل من أهل الدرعية وغيرهم، فأرسل إليهم الباشا وأعطاهم الأمان، فخرجوا وساروا إلى الدرعية، وهرب رجال من أهل البلد وغيرهم على وجوههم في البرية، فكانوا بين ناج ومقتول، وخلت البلد من الرجال، وجمع الباشا النساء والأطفال وأرسلهم إلى الدرعية وهم نحو 3000 نفس، والذي قتل من أهل ضرما في هذه الواقعة 800 رجل، ومن المرابطة 50 رجلا.
عندما نزل إبراهيم باشا على الدرعية رتب قبوسه ومدافعه وقنابره على جهات الدرعية الأربعة، وكان عبد الله بن سعود قد رتب جموع أهل الدرعية ومن كان عنده من أهل الآفاق مقابل قوات الباشا، ومن أبرز القادة الذين كانوا مع عبد الله إخوانه فيصل وإبراهيم وفهد، وتركي الهزاني صاحب حريق نعام، وعبد الله ابن القاضي أحمد العريني رئيس سدير، ومحمد العميري رئيس المحمل، تولى هؤلاء قيادة الجبهات، ومعهم المدافع والمتاريس، وفي كل برج من أبراج الجهات فيه رجال من رؤساء أهلها وأشياخهم وأثقالهم الذين ليس لهم شدة في الحرب، وإنما عليهم حفظ نواحيهم, فلما نزل الباشا وفرق عساكره تجاه جموع أهل الدرعية وقعت الحرب بينهم واضطرمت نارها وطار في السماء شرها وشرارها، فتخاللت بينهم القنابر والقبوس والمدافع، وصار مطرها فوق تلك الجموع متتابعا فاشتد القتال وتصادم الأبطال، والحرب بين الروم وبين أهل الدرعية سجال، واستمرت الحرب والحصار ستة أشهر، أظهر فيها أهل الدرعية ضروبا من البطولة والتضحية، وشهدت الحرب عددا من المعارك والوقائع بين الطرفين، مثل وقعة المغيصيبي، والحريقة، ووقعة غبيراء، ووقعة سمحة، كما حصلت مقتلة عظيمة بين الفريقين عند السليماني النخل المعروف في الدرعية, ووقعة البليدة، ووقعة شعيب قليقل، ووقعة كتلة الشعيب, ووقعة الرفيعة، وفي أثناء الحرب اشتعلت النار في زهبة الباشا وما في خزائنه من البارود والرصاص وجميع الجيخان، وكان لثورتها أمر هائل لا يكاد يوصف، وسمع صوتها مسيرة ثلاثة أيام أو أربعة، وأهلكت خيلا ورجالا وأحرقت خياما وأزوادا وأثاثا، وهربت العساكر في رؤوس الجبال، ووقع في قلوبهم الرعب، وكان لهذه الحادثة وهن عظيم على الروم، وهم أهل الدرعية أن يحملوا عليهم ويدهموهم فيه، فلم يفعلوا وكان أمر الله قدرا مقدورا، فتراجع الروم وثبتوا، ثم أرسل الباشا إلى جميع نواحي نجد، وأخذوا من كل بلد ما فيها من خزانة الجبخان وتتابع عليه بعد ذلك الجبخان والعساكر من مصر، وأتت إليه الرجال والقوافل، وهو في الدرعية من البصرة والزبير مع أهل نجد الذين فيهما ممن كان أجلاهم سعود عن نجد وأخذوا أموالهم.
فتتابع عليه القوافل من الأرز والحنطة والتنباك وجميع حاجات العساكر، وسارت إليه القوافل أيضا من جميع نواحي نجد بجميع ما ينوب العساكر، فثبت الباشا في موضعه وتعاظم أمره وتزايد بالحرب على الدرعية، فحاربها حربا عظيما وهم ثابتون، والخارج منها كل ليلة من أهل النواحي ومن أهلها يبذل الباشا لهم الأمان، وقتل أثناء الحرب فيصل بن سعود بن عبد العزيز.
يقول ابن بشر: "كان الروم إذا قتل منهم ألف أتى بدلهم ألفان، وتتابع العساكر من مصر على الدرعية في كل أسبوع وشهر يأتي من مصر عسكر وقافلة من الطعام والأمتاع وما ينوب تلك العساكر، فلما طال الحصار وكثرت الأمداد من مصر على الروم، وأهل الدرعية كل يوم ينقصون، وذلك بتقدير الحي القيوم، وإليه يرجع الأمر كله، وما ربك بغافل عما يعملون، واستمروا في تلك المحاجي قريب ستة أشهر، وصار في تلك المدة وقعات عديدة لا يحيط بها العلم ولا يدركها من أرادها القلم" وبعد وقعة الرفيعة خرج من الدرعية رئيس الخيالة غصاب العتيبي وهو ممن يظن به الصدق مع آل سعود والصبر معهم فأصاب أهل الدرعية كآبة ووهن من خروجه، فلما خرج قصد الباشا فقوي عزم الباشا على الحرب، فقرب القبوس من البلد، وفي صبيحة ثالث ذي القعدة حمل الروم على الدرعية من جميع الجهات الأربع فاقتحموها ودخل الروم الدرعية وقاتلهم الناس من منازلهم واشتد القتال حول قصر غصيبة المشهور الذي بناه الإمام سعود بن عبد العزيز، كان قد تحصن فيه سعد بن عبد الله سعود مع عدة رجال، فجر عليهم الباشا القبوس والقنابر، فلما رأى عبد الله بن سعود البوار، انتقل إلى منزله في الطريف وترك مخيمه وثقله في موضعه، فأقبل الباشا بقبوسه وقنابره ومدافعه ونزل إلى باب المنزل واشتدت وطأة الروم عليهم، فحماهم الله وكفوا عنهم فهموا بالمصالحة، فتأبى الباشا، فشمر الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وشهر سيفه وندب للقتال، فاجتمع عليه أهل البجيري ونهضوا على الروم من كل جانب كأنهم الأسود، فأخرجوا الروم وقتلوا منهم مئات، ثم أرسلوا إلى الباشا وطلبوا الصلح فأجاب إليه بعدما كان آبيا، ولان بعدما كان قاسيا.
وقيل: قتل من عساكر الروم في هذا الحصار 10 آلاف مقاتل، ومن أهل الدرعية ألف وثلاثمائة مقاتل.
لما قبل إبراهيم باشا الصلح خرج له من أعيان الدرعية عبد الله بن عبد العزيز بن محمد، والشيخ العالم علي ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ومحمد بن مشاري بن معمر، فأرادوا منه أن يصالحهم على البلد كله فأبى أن يصالحهم إلا على السهل، أو يحضر الإمام عبد الله بن سعود فرفضوا، فدخل الروم الدرعية ووقعت الحرب عند مسجد الطريف أياما ثم انفض عن عبد الله بن سعود كثير ممن كان عنده، فلما رأى عبد الله ذلك بذل نفسه للروم وفدى بها عن النساء والولدان والأموال، فأرسل إلى الباشا وطلب المصالحة، فأمره أن يخرج إليه فخرج إليه وتصالح على أن يركب إلى السلطان فيحسن إليه أو يسيء، وانعقد الصلح على ذلك، ودخل عبد الله منزله وأطاعت البلد كلها، فسلم عبد الله بن سعود نفسه للباشا في 8 ذي القعدة بعد حصار شديد للدرعية دام ستة أشهر، ثم أرسله إلى القاهرة، واقتاد إبراهيم باشا بعض أمراء آل سعود وأفرادا من أسرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب أسرى، وأرسلهم إلى مصر، ومن هناك أرسل عبد الله بن سعود إلى استانبول، حيث أعدم في صفر سنة 1234هـ, وبهذا انتهت الدولة السعودية الأولى التي امتد نفوذها إلى معظم أنحاء الجزيرة العربية على مدى 77 سنة.
لما انهار حكم الدولة السعودية على يد إبراهيم باشا ودمرت الدرعية، كثر في نجد الاختلاف والاضطراب ونهب الأموال وقتل الرجال، وتقدم أناس وتأخر آخرون، يقول ابن بشر: "قلت: وانحل فيها نظام الجماعة والسمع والطاعة، وعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى لا يستطيع أحد أن ينهى عن منكر أو يأمر بطاعة، وعمل بالمحرمات والمكروهات جهرا، وليس للطاعات ومن عمل بها قدر، وجر الرباب والغناء في المجالس وسفت الذواري على المجامع والمدارس، وعمرت المجالس بعد الأذان للصلاة، واندرس معرفة الأصول وأنواع العبادات، وسل سيف الفتنة بين الأنام، وصار الرجل في جوف بيته لا ينام، وتعذرت الأسفار بين البلدان، وتطاير شرر الفتن في الأوطان، وظهرت دعوى الجاهلية بين العباد، وتنادوا بها على رؤوس الأشهاد، فلم تزل هذه المحن على الناس متتابعة حتى أتاح الله لها نورا ساطعا وسيفا لمن أثار الفتن.
.
تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود.
بعد سفر الإمام عبد الله بن سعود إلى مصر ارتحل إبراهيم باشا بنفسه وحاشيته وقبوسه وقنبره ومدافعه من سمحان، ولم يلتزم الباشا بشروط الصلح التي نصت على عدم المساس بالبلدة وأهلها بسوء, فنزل إبراهيم باشا في نخل تركي بن سعود المعروف بالعويسية أسفل الدرعية، وباقي عساكره فرقها في نخيلها وأطرافها ودروبها، وكان إبراهيم باشا بعث عساكر من حاشيته وخدمه وفرقهم في نواحي نجد وأمرهم بهدم أسوار البلدان وحصونها، فنزلوا البلدان وهدموا الحصون والأسوار، وصادروا أهلها بخراجهم وعلف الخيل وعليقها بالليل والنهار، وجمعوا ما فيها من الحنطة والشعير إلا ما قل، ثم إن الباشا أخذ خيل آل سعود وشوكة الحرب وما وجد عليه اسمهم في بندق أو سيف، وأكثرت العساكر من العبث في أسواق الدرعية بالضرب والتسخير لأهلها، فكانوا يجمعون الرجال من الأسواق، ويخرجونهم من الدور ويحملون على ظهورهم ما تحمله الحيوانات، فيسخرونهم لهدم البيوت والدكاكين، ويحملون خشبها ويكسرونه ويردون لهم الماء ويحملونه ولا يعرفون لفاضل فضله ولا لعالم قدره، وصار الساقط الخسيس في تلك الأيام هو الرئيس.
أقام الباشا في الدرعية نحو تسعة أشهر بعد المصالحة، وأمر جميع آل سعود وأبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأبنائهم أن يرحلوا من الدرعية إلى مصر، فارتحلوا منها بنسائهم وذراريهم، ولم يبق منهم إلا من اختفى أو هرب، مثل تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود، والشيخ علي بن حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، هربا إلى قطر وعمان.
ثم جاء الأمر من محمد علي باشا لابنه إبراهيم بهدم الدرعية وتدميرها، فأمر أهلها أن يرحلوا عنها ثم أمر العسكر أن يهدموا دورها وقصورها ويقطعوا نخلها وشجرها ولا يرحموا صغيرها ولا كبيرها، فابتدر العسكر إلى هدمها مسرعين، وهدموها وبعض أهلها فيها مقيمون، وأشعلوا النار في بيوتها، وأخرجوا جميع من كان فيها من السكان، فتركوها خالية من السكان، وتفرق أهلها في النواحي والبلدان، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
بعث الباشا إبراهيم عسكرا إلى الأحساء نحو مائتين وأربعين، مقدمهم محمد كاشف، فساروا إليه مع عبد الله بن عيسى بن مطلق صاحب الأحساء، وأمرهم الباشا بجمع بيت المال وجميع ما كان لآل سعود في الأحساء، فقدموا وأخذوا أموالا، وقتلوا رجالا، وصادروا ما كان لآل سعود فيه وطوارفهم، وقتل رجال من أئمة مساجد الأحساء من أهل نجد، وأمسكوا عبد الرحمن بن نامي وحبسوه وأخذوا أمواله وقتلوه، وهرب سيف بن سعدون رئيس السياسب من الأحساء، وهرب معه رجال من أتباعه ومن الأعيان، ركبوا البحر، وخرج آل عريعر منه، ولم يبق لهم فيه أمر ولا نهي، وقصدوا الشمال بعرباتهم وبقيت العساكر في الأحساء وعاثوا فيه إلى قريب ارتحال الباشا من نجد.
يقول ابن بشر: "كانت هذه البلدة -الدرعية- أقوى البلاد، وقوة أهلها وكثرة رجالهم وأموالهم لا يحصيه التعداد، فلو ذهبت أعدد أحوالهم وإقبالهم فيها وإدبارهم في كتايب الخيل والنجايب العمانيات، وما يدخل على أهلها من أحمال الأموال من سائر الأجناس التي لهم مع المسافرين منهم، ومن أهل الأقطار- لم يسعه كتاب، ولرأيت العجب العجاب، وكان الداخل في موسمها لا يفقد أحدا من أهل الآفاق من اليمن وتهامة والحجاز وعمان، والبحرين وبادية الشام والعراق، وأناس من حاضرتهم، إلى غير ذلك من أهل الآفاق ممن يطول عده، هذا داخل فيها وهذا خارج منها، وهذا مستوطن فيها، وكانت الدور لا تباع فيها إلا نادرا، وأثمانها سبعة آلاف ريال وخمسة آلاف، والداني بألف ريال، وأقل وأكثر، وكل شيء يقدره على هذا التقدير من الصغير والكبير، وكروة الدكان الواحد بلغت في الشهر الواحد خمسة وأربعين ريالا، وكروة الدكان الواحد من سائر الدكاكين بريال في اليوم، والنازل بنصف، وذكر لي: أن القافلة من الهدم -الملابس- إذا أتت إليها بلغت كروة الدكان في اليوم الواحد أربعة أريل، وأراد رجل منهم أن يوسع بيته ويعمره فاشترى نخلات تحت هذا البيت يريد قطعها ويعمر موضعها، كل نخلة بأربعين ريالا أو خمسين ريالا، فقطع النخل وعمر البيت، ولكنه وقع عليه الهدم قبل تمامه، وذكر لي من أثق به أن رجلا من أهل الدرعية قال له: إني أردت ميزابا في بيتي فاشتريت خشبة طولها ثلاثة أذرع بثلاثة أريل، وأجرة نجره وبناه ريال, وكان غلاء الحطب فيها والخشب إلى حد الغاية، حتى قيل: إن حمل الحطب بلغ خمسة أريل وستة، والذراع من الخشبة الغليظة بريال، وكل غالب بيوتها مقاصير، وقصور كأن ساكنيها لم يكونوا من أبناء ساكني القبور، فإذا وقفت في مكان مرتفع ونظرت موسمها وكثرة ما فيها من الخلائق وتزايلهم فيه وإقبالهم وإدبارهم، ثم سمعت رنتهم فيه ونجناجهم فيه، إذا كأنه دوي السيل القوي إذا انصب من عالي جبل، فسبحان من لا يزول ملكه ولا يضام سلطانه ولا يرام عزه {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير} [آل عمران: 26] "
هو الإمام عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود، آخر أئمة الدولة السعودية الأولى، وآخر حاكم اتخذ من الدرعية عاصمة للدولة السعودية، وكان عبد الله بن سعود ذا سيرة حسنة مقيما للشرائع آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر كثير الصمت حسن السمت، باذل العطاء موقرا للعلماء، وكان صالح التدبير في مغازيه، ثبت في مواطن اللقاء وهو أثبت من أبيه في مصابرة الأعداء، وكانت سيرته في مغازيه وفي الدرعية في مجالس الدروس، وفي قضاء حوائج الناس وغير ذلك على سيرة أبيه سعود.
بعد أن تمت المصالحة بينه وبين إبراهيم باشا بيومين على أن يسلم نفسه مقابل حقن دماء أهل الدرعية أمر الباشا إبراهيم الإمام عبد الله بن سعود أن يتجهز للمسير إلى السلطان، ثم أمر رشوان أغا ومن معه من العساكر والدويدار ومن معه من العسكر أن يتجهزوا للمسير معه، ورحل عبد الله من الدرعية وليس معه من قومه إلا ثلاثة رجال أو أربعة، وقابل في مصر محمد علي باشا، ثم بعد يومين سافر إلى استانبول، حيث قتل هناك في آيا صوفيا بعد وصوله بقليل، ولم يف السلطان بوعوده، ورجع إبراهيم من الجزيرة في الحادي والعشرين من صفر من عام 1235هـ بعد أن استمر حكمه أربع سنوات, ثم إن إبراهيم باشا لم يف بشروط الصلح التي أعطاها لعبد الله مقابل استسلامه، وسفره للسلطان، فبعد سفر الإمام إلى مصر استمر الباشا وجنوده في الدرعية لتخريبها، ففرق قواته في نواحي الدرعية لهدم الأسوار والحصون ومصادرة الأرزاق، ثم إحراقها وتدميرها وقطع نخيلها قبل المغادرة، وبعد مغادرة الباشا الدرعية خلى الجو لمحمد بن مشاري بن معمر، وكان من أغنياء الدرعية، فاستولى على أكثر مناطقها، فقدم مشاري بن سعود فتولى الحكم في سنة 1235هـ ثم بعد عدة أشهر قبض عليه ابن معمر وسلمه للعثمانيين فقتلوه، وعاد هو لحكم الدرعية.