أرشيف المقالات

حديث: يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
حديث: يصبح على كل سُلَامَى من أحدكم صدقة

عن أبي ذر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يصبح على كل سُلَامَى من أحدكم صدقة؛ فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى))؛ رواه مسلم[1].
 
يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: يجب على كل مسلم أن يشكر نعمة الله تعالى عليه، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن على المسلم أن يتصدق كل يوم عن كل مفصلٍ[2] من مفاصله صدقة لله تعالى؛ وذلك شكرًا لنعمة الله عليه، وثبت أن لابن آدم ستين وثلاثمائة مفصل، وأنه إذا أدى شكرها يوميًّا زحزحه الله تعالى عن النار؛ فعن عائشة - رضي الله عنها -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنه خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل، فمن كبَّر الله، وحمِد الله، وهلل الله، وسبح الله، واستغفر الله، وعزل حجرًا عن طريق الناس، أو شوكة، أو عظمًا عن طريق الناس، وأمر بمعروف، أو نهى عن منكر، عددَ تلك الستين والثلاثمائة السلامى - فإنه يمشي (وفي رواية: يمسي) يومئذ وقد زحزَح نفسه عن النار))؛ رواه مسلم[3].
 
الفائدة الثانية: بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث سَعة مفهوم الصدقة في الإسلام، وأنها لا تقتصر على مجرد دفع المال للمحتاجين، بل إن كل كلمة طيبة، وكل معروف تعمله لنفسك، أو تقدمه للناس، فهو صدقة من الصدقات، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث تؤكد هذا المفهوم الشرعي، منها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس، يعدل بين الاثنين صدقةٌ، ويُعين الرجل على دابته فيحمل عليها أو يرفع عليها متاعه صدقةٌ، والكلمة الطيبة صدقةٌ، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقةٌ، ويميط الأذى عن الطريق صدقةٌ))؛ متفق عليه[4]، بل بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم ما هو أبلغ من هذا، ففي حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فليمسك عن الشر؛ فإنه له صدقة))؛ متفق عليه[5]، وجمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك كله في عبارة جامعة، فقال صلى الله عليه وسلم: ((كل معروف صدقةٌ))؛ رواه البخاري ومسلم[6].
 
الفائدة الثالثة: صلاة الضحى ركعتان، وهي سنة مؤكدة، ثبتت الأحاديث بمشروعيتها وفضلها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه رضي الله عنهم بها، ويحثهم عليها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام؛ متفق عليه[7]، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث لن أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وبألا أنام حتى أوتر؛ رواه مسلم[8]، وصلاة الضحى مجزئةٌ عن شكر كل يوم إذا هي صليت فيه؛ فلذلك حريٌّ بالمسلم أن يغتنم الفرصة، ويحافظ على صلاة الضحى كل يوم؛ ليكون بذلك مؤديًا لشكر يومه.

[1] رواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان 1/ 498 (720)، و((السلامى)) بضم السين المهملة وتخفيف اللام وفتح الميم: المفصل.


[2] مَفصِل بفتح الميم وكسر الصاد على وزن مسجد ومجلس (المصباح المنير ص181، ومختار الصحاح ص211)، قال في القاموس (فصل): هو كل ملتقى عظمين من الجسد؛ اهـ، وأما المفصل بكسر الميم وفتح الصاد فقال في المصباح والمختار: المفصل وزان مِقوَد (وفي المختار: بوزن مِبضَع): اللسان.


[3] رواه مسلم في كتاب الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف 2/ 698 (1007).

[4] رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب من أخذ بالركاب ونحوه 3/ 1090 (2827)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف 2/ 699 (1009).

[5] رواه البخاري في كتاب الأدب، باب كل معروف صدقة 5/ 2241 (5676)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف 2/ 699 (1008).


[6] رواه البخاري في كتاب الأدب، باب كل معروف صدقة 5/ 2241 (5675) من حديث جابر رضي الله عنه، ومسلم في كتاب الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف 2/ 697 (1005) من حديث حذيفة رضي الله عنه.


[7] رواه البخاري في كتاب الصوم، باب صيام أيام البِيض؛ ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة 2/ 699 (1880)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب صلاة الضحى 1/ 499 (721).

[8] رواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب صلاة الضحى 1/ 499 (722).

شارك الخبر

المرئيات-١