Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
خرج بحضرموت طالب الحق عبد الله بن يحيى الكندي إمام الإباضية؛ تغلب عليها واجتمع عليه الإباضية.
ثم سار إلى صنعاء وبها القاسم بن عمر الثقفي فوقع بينهم قتال كثير، انتصر فيه طالب الحق وهرب القاسم وقتل أخوه الصلت، واستولى طالب الحق على صنعاء وأعمالها، ثم جهز إلى مكة عشرة آلاف وبها عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان فغلبوا على مكة وخرج منها عبد الواحد، وكان على الجيش أبو حمزة المختار ثم سار إلى المدينة وحصل قتال بينهم فاستولى كذلك على المدينة، ثم توجه إلى الشام فأرسل له مروان جيشا بقيادة عبد الملك بن محمد بن عطية الذي هزم جيش أبي حمزة وأكمل سيره إلى المدينة ومكة وصنعاء.
بعد أن انتصرت النمسا على العثمانيين وجاء الصدر الأعظم الجديد خليل باشا الذي جاء مددا للعثمانيين، فهزم أيضا أمام النمسا وسقطت بلغراد عام 1129هـ ثم جرى الصلح، ووقعت معاهدة بساروفتس بجهود إنكلترا، فأخذت بموجبها النمسا مدينة بلغراد وأكثر بلاد الصرب وجزءا من الأفلاق، ولكن تبقى سواحل دالماسيا للبندقية، وترجع بلاد المورة للعثمانيين.
بدأت مساعي الصلح بين الدولة العثمانية وكل من النمسا والبندقية بعد (12) يوما من صدارة إبراهيم باشا- أي من بدء توليه رئاسة الوزراء- وانتهت هذه المساعي بتوقيع معاهدة وصلح "بساروفيتش" في 22 شعبان من هذه السنة، وقد تكونت هذه المعاهدة من (20) مادة خاصة بالنمسا، و(26) مادة خاصة بالبندقية، وقد أنهت حالة الحرب مع البندقية، والتي استمرت ثلاث سنوات وسبعة أشهر، ومع النمسا التي استمرت سنتين وشهرين، وتقضي هذه المعاهدة بإعادة المورة إلى الدولة العثمانية لقاء تنازلها عن مقاطعة تمسوار وبلجراد وصربيا الشمالية وبلاد الفلاخ، وأن تبقى جمهورية البندقية محتلة ثغور شاطئ دلماسيا، وأن يستعيد رجال الدين الكاثوليك مزاياهم القديمة في الدولة العثمانية!
لما كانت إنجلترا قد بيتت أمرا فقد أعلنت تشككها في قدرة الحكومة المصرية الجديدة على حفظ الأمن، وبدأت في اختلاق الأسباب للتحرش بالحكومة الجديدة، ولم تعجز في البحث عن وسيلة لهدفها، فانتهزت فرصة تجديد قلاع الإسكندرية وتقوية استحكاماتها، وإمدادها بالرجال والسلاح، وأرسلت إلى قائد حامية الإسكندرية إنذارا في 24 شعبان 1299 هـ / 10 يوليو 1882 م بوقف عمليات التحصين والتجديد، وإنزال المدافع الموجودة بها، ولما رفض الخديوي ومجلس وزرائه هذه التهديدات، قام الأسطول الإنجليزي في اليوم التالي بضرب الإسكندرية وتدمير قلاعها، وواصل الأسطول القصف في اليوم التالي، فاضطرت المدينة إلى التسليم ورفع الأعلام البيضاء، واضطر أحمد عرابي وزير الدفاع إلى التحرك بقواته إلى كفر الدوار، وإعادة تنظيم جيشه، وبدلا من أن يقاوم الخديوي المحتلين، استقبل في قصر الرمل بالإسكندرية الأميرال بوشامب سيمور قائد الأسطول البريطاني، وانحاز إلى الإنجليز، وجعل نفسه وسلطته الحكومية رهن تصرفهم حتى قبل أن يحتلوا الإسكندرية! فأثناء القتال أرسل الإنجليز ثلة من جنودهم ذوي الجاكتات الزرقاء لحماية الخديوي أثناء انتقاله من قصر الرمل إلى قصر التين عبر شوارع الإسكندرية المشتعلة.
ثم أرسل الخديوي إلى أحمد عرابي في كفر الدوار يأمره بالكف عن الاستعدادات الحربية، ويحمله تبعة ضرب الإسكندرية، ويأمره بالمثول لديه في قصر رأس التين؛ ليتلقى منه تعليماته.
تشكلت المحاكم العسكرية لمحاكمة وزير الدفاع في الحكومة المصرية الجديدة أحمد عرابي وأنصاره.
وفي يوم 3 ديسمبر 1882م صدر الحكم بإعدام عرابي، ومحمود سامي البارودي، وعلي فهمي، وعبد العال حلمي، وغيرهم.
واستبدل بالحكم النفي المؤبد إلى جزيرة سيلان (سيريلانكا حاليا) مع تجريدهم من الرتب العسكرية ومصادرة أملاكهم.
كما حكم على محمد عبده وغيره بالنفي خارج مصر، وسجن الكثير من المصريين.
وبذلك انتهت الثورة العرابية، وبدأ الاحتلال البريطاني لمصر الذي استمر أكثر من سبعين عاما!
هو الأمير عبد القادر ناصر الدين بن محيي الدين الحسني المعروف بعبد القادر الجزائري, اشتهر بمناهضته للاحتلال الفرنسي للجزائر.
ولد في 23 رجب 1222هـ / مايو 1807م، بقرية "القيطنة" بوادي الحمام من منطقة معسكر "المغرب الأوسط" بالجزائر، ثم انتقل والده إلى مدينة وهران.
كان لوالده محيي الدين صدام مع الحاكم العثماني لمدينة "وهران"، وأدى هذا إلى تحديد إقامة الوالد في بيته، فاختار أن يخرج من الجزائر كلها في رحلة طويلة.
وكان الإذن له بالخروج لفريضة الحج عام 1241هـ/ 1825م، فخرج مصطحبا ابنه عبدالقادر معه، وفي رحلتهم للحج تعرفوا على الطريقة الشاذلية والقادرية، فالتقوا في دمشق وبغداد ببعض شيوخ الطريقتين وقرؤوا كتبهم، ثم عادوا إلى الجزائر عام 1244هـ/ 1828م، فلما تعرضت الجزائر لحملة عسكرية فرنسية شرسة، وتمكنت من احتلال العاصمة.
بحث أهالي وعلماء "غريس" عن زعيم يأخذ اللواء ويبايعونه على الجهاد تحت قيادته، استقر الرأي على "محيي الدين الحسني" والد عبد القادر، وعرضوا عليه الأمر، ولكن الرجل اعتذر عن الإمارة وقبل قيادة الجهاد، فأرسلوا إلى صاحب المغرب الأقصى ليكونوا تحت إمارته، فقبل السلطان "عبد الرحمن بن هشام" سلطان المغرب، وأرسل ابن عمه "علي بن سليمان" ليكون أميرا على وهران، وقبل أن تستقر الأمور تدخلت فرنسا مهددة سلطان المغرب بالحرب، فانسحب السلطان واستدعى ابن عمه فعاد، ولما كان محيي الدين قد رضي بمسؤولية القيادة العسكرية، والتفت حوله الجموع من جديد، وخاصة أنه حقق عدة انتصارات على العدو، وكان عبد القادر على رأس الجيش في كثير من هذه الانتصارات، اقترح الوالد أن يتقدم "عبد القادر" لهذا المنصب، فقبل الحاضرون، وقبل الشاب ذلك، وتمت البيعة، ولقبه والده بـ "ناصر الدين" واقترحوا عليه أن يكون "سلطانا" ولكنه اختار لقب "الأمير"، وبذلك خرج إلى الوجود "الأمير عبد القادر ناصر الدين بن محيي الدين الحسني"، وكان ذلك في 13 رجب 1248هـ الموافق 20 نوفمبر 1832.
فلما بايعه الجزائريون وولوه القيام بأمر الجهاد، نهض بهم، وقاتل الفرنسيين خمسة عشر عاما، ضرب في أثنائها نقودا سماها " المحمدية " وأنشأ معامل للأسلحة والأدوات الحربية وملابس الجند.
وعقدت فرنسا اتفاقية هدنة معه، وهي اتفاقية "دي ميشيل" في عام 1834، وبهذه الاتفاقية اعترفت فرنسا بدولة الأمير عبد القادر، وبذلك بدأ الأمير يتجه إلى أحوال البلاد وتنظيم شؤونها.
وقبل أن يمر عام على الاتفاقية نقض القائد الفرنسي الهدنة، وناصره في هذه المرة بعض القبائل في مواجهة الأمير عبد القادر، ونادى الأمير في قومه بالجهاد ونظم الجميع صفوف القتال، حتى نجح في إحراز النصر؛ مما أجبر الفرنسيين على عقد معاهدة هدنة جديدة عرفت باسم "معاهد تافنة" في عام 1837م.
وعاد الأمير لإصلاح حال بلاده وترميم ما أحدثته المعارك بالحصون والقلاع، وتنظيم شؤون البلاد، ثم كرر الفرنسيون نقض المعاهدة في عام 1839م، ورأى بعد حين أن من الصواب الجنوح للسلم، وشاور أعيان المجاهدين في ذلك، لكن الفرنسيين أسروه سنة 1263هـ/1847م وأنهوا دوره القيادي، توفي رحمه الله ليلة 19 رجب عام 1300هـ، 1883م عن عمر يناهز 76 عاما.
حاول عبد الله بن فيصل إخضاع أهل المجمعة واسترداد سلطته عليهم، لكنه فشل أمام تحالف أهل المنطقة مع ابن رشيد وآل مهنا، فمنيت قواته بخسائر فادحة في الأرواح، فبسط ابن رشيد نفوذه على الوشم وسدير، وعين لها حاكما من قبله، وكاتب البلدان المجاورة لتدخل في طاعته، ولما أرسل عبد الله أخاه محمدا لابن رشيد للتفاهم معه والتفاوض، جلا ابن رشيد عن الوشم إكراما له، ودليلا على حسن نيته، وأرسل معه هدايا ثمينة للإمام عبد الله ووعده بالمسالمة.
طلب اللورد كرومر المندوب السامي البريطاني بمصر من الضابط تشارلز جورج غوردون الإشراف على إخلاء السودان من القوات المصرية تمهيدا لاحتلالها، ولكن غوردون رفض ذلك الطلب وأعلن أن القوات الإنجليزية والمصرية المشتركة بالخرطوم سوف تتحرك للقضاء على الثورة المهدية، وكان ذلك منه غطرسة وتكبرا دفع ثمنهما حياته؛ تحركت قوات المهدي باتجاه الخرطوم أواخر سنة 1301هـ 1884م، وأرسل المهدي مندوبا من عنده يطلب من غوردون تسليم الخرطوم، فرفض وأبى واستكبر بشدة، فضرب المهديون حصارا شديدا على المدينة، وعندها تحركت الحكومة الإنجليزية برئاسة جلادستون وأرسلت قوات لنجدة الحامية المصرية في السودان، وذلك في أوائل سنة 1302هـ 1885م، وعندها قرر المهديون اقتحام المدينة فاقتحموها في 12 ربيع الآخر سنة 1302هـ، وكان رأس غوردون هو أول رأس قطع في هذه المعركة التي أصبحت بعدها السودان كلها خاضعة للحركة المهدية، وكان لسقوط الخرطوم ومقتل غوردون صدى عظيما في إنجلترا، ولكن ثمار الحركة لم تكتمل؛ إذ مات زعيمها بعد ذلك بقليل.
بدا نفوذ فرنسا في غينيا منذ عام 1254هـ / 1838م؛ حيث تدخلت بسبب الاختلاف مع أحد أمراء القبائل حول تجارة الرقيق، وفي عام 1270هـ / 1854م أرادت أن تحول بين بريطانيا وبين ربط منطقة غامبيا بمنطقة سيراليون باحتلال جهات غينيا؛ لذا أسرعت فرنسا واحتلت مدينة دوبريكا وما حولها لتقطع على بريطانيا الطريق، وفي هذا العام عقد مؤتمر برلين، ونتيجته استقلت فرنسا بأنحاء غينيا وأخذت تتوسع بجهات غينيا كلها، واحتلت جزيرة تومبو التي تقع عليها عاصمة البلاد الحالية كوناكري.
كانت مطامع روسيا ومنذ عهد بطرس الأكبر الوصول إلى مياه الخليج العربي، والسيطرة على بلاد فارس المجاورة، والحصول على قاعدة بحرية في الخليج العربي، وكانت بريطانيا هي المنافس لروسيا؛ حيث استطاعت الملاحة في نهر الكارون، وعقدت الاتفاقيات مع الشاه، ومن جانب آخر قام الروس بتسخير جيش لحماية الشاه من الانقلابات والتمردات العسكرية، فأصبح الروس لهم نفوذ في الشمال من إيران، ومن البريطانيين في الجنوب، وقامت بريطانيا بتقوية مراكزها التجارية على الموانئ مثل بندر عباس والمحمرة وبوشهر، ومع ذلك أبدت رغبتها في التعاون مع الروس لإيجاد منفذ تجاري لها في شمال فارس، وفي الوقت نفسه حرصت على عدم تقوي الروس في الجنوب حتى لا يصبحوا منافسين لها، فكانت تعمل على إثارة الولايات للتمرد على الولاية المركزية، وأما الروس فكان مشروع سكة الحديد إلى الكويت من البحر المتوسط مثيرا لقلق البريطانيين، فقامت بريطانيا بتوقيع معاهدة مع الكويت بجعلها تحت الحماية البريطانية، وردا على الأمر حاولت روسيا التقرب من الكويت وحاولت الاستيلاء على ميناء بندر عباس وبعض الجزر الواقعة في مضيق هرمز، فأسست شركات للملاحة بين موانئ البحر الأسود وموانئ الخليج العربي، وفتحت قنصليات في بوشهر والبصرة, وهكذا كانت الدولتان تتنافسان مع الشاه بعقد الاتفاقيات التجارية والامتيازات النفطية والتنقيب، حتى تطورت الأمور وعقدت الدولتان الروسية والبريطانية اتفاقا يحدد مناطق نفوذ كل منهما على فارس؛ حيث كانت حصة روسيا أكبر من بريطانيا.
هو اللواء تشارلز جورج غوردون المعروف بلقب (غوردون الصين) و(غوردون باشا) و(غوردون الخرطوم).
ولد بلندن عام 1833م.
كان غوردون ضابطا وإداريا في الجيش البريطاني، وتنقل في عدد من المهام القيادية العسكرية البريطانية، فعين في سلاح الهندسة الملكية، واشترك في حرب القرم وعمره واحد وعشرون عاما، ثم اشترك في حرب الصين؛ حيث أسهم في الاستيلاء على بكين، ثم تولى قيادة الجيش الصيني الذي قمع ثورة تيبنج.
وفي سنة (1874 م) عينه الخديوي إسماعيل حاكما عاما للسودان، وظل في منصبه سبع سنوات، وعندما طلب منه المندوب السامي البريطاني بمصر اللورد كرومر الانسحاب من مصر رفض وأبى واستكبر بشدة، فبدأت جيوش المهدية بحصار الخرطوم، وكان غوردون عمل على تحصين المدينة بالأسلاك الشائكة وتقوية القلاع وزرع الألغام.
وكانت حامية الخرطوم مكونة من مصريين وأتراك وبعض السودانيين، فجاء المهدي بجمع يقدر بأكثر من مائة ألف مقاتل، وكان غوردون قبل أن يشتد عليه الحصار أرسل إلى حكومته طالبا حملة تفتح الطريق بينه وبين مصر لسحب الحاميات، ثم اضطره الحصار للمناداة بحملة إنقاذ؛ حيث تحركت حملة الإنقاذ من القاهرة بقيادة اللورد ولزلي وعندما علمت قوات المهدية بهذه الحملة عملت دون تمكينها من الوصول إلا حين تحرر الخرطوم، وفي 25يناير 1885 بدأ أنصار المهدي يعبرون النيل الأبيض للحاق بجيش عبد الرحيم النجومي الذي كان يحاصر الخرطوم من جهة الجنوب، وفي صباح يوم 26 يناير تمكنت قوات المهدية من دخول الخرطوم عنوة وقتل غوردون داخل ساحة القصر.
وكان لسقوط الخرطوم ومقتل غوردون صدى عظيما في بريطانيا عموما، وفي مجلس العموم خصوصا.
قررت بريطانيا إخلاء الحاميات المصرية من ميناء زيلع الصومالي، وقررت أن تكون إدارة ساحل الصومال الممتد من "زيلع" حتى "رأس حافون" تابعة مباشرة لحكومة الهند الخاضعة لبريطانيا.
هو محمد أحمد بن عبد الله، المهدي السوداني الثائر، وقائد الحركة المهدية ومؤسسها.
كان لحركته أثر كبير في حياة السودان السياسية.
ولد في جزيرة تابعة لدنقلة سنة 1259هـ، من أسرة اشتهر أنها حسينية النسب.
وكان أبوه فقيها، فتعلم منه القراءة والكتابة، وحفظ القرآن وهو في الثانية عشرة من عمره.
ومات أبوه وهو صغير، فعمل مع عمه في نجارة السفن مدة قصيرة، وذهب إلى الخرطوم، فقرأ الفقه والتفسير، وتصوف وانقطع في جزيرة أبا في النيل الأبيض مدة خمسة عشر عاما للعبادة والدرس والتدريس.
وكثر مريدوه، واشتهر بالصلاح.
وسافر إلى (كردفان) فنشر فيها (رسالة) من تأليفه يدعو بها إلى تطهير البلاد من مفاسد الحكام, وجاءه عبد الله بن محمد التعايشي فبايعه على القيام بدعوته.
وقويت عصبية المهدي بقبيلة (البقارة) وقد تزوج منها, وتلقب سنة 1298هـ (1881 م) بالمهدي المنتظر، وكتب إلى فقهاء السودان يدعوهم لنصرته.
وانبث أتباعه (ويعرفون بالدراويش أو الأنصار) بين القبائل يحضون على الجهاد.
حاولت الحكومة المصرية والإنجليز القضاء عليه وعلى حركته، لكن كثرة أتباعه وحماسهم لحركته التي تسعى لرفع الظلم الواقع على السودانيين كلف المصريين والإنجليز الكثير من الدماء على رأسها القائد الإنجليزي غوردون، عندما هاجم بعض أتباع المهدي (الخرطوم) وفيها غوردون باشا فقتلوه وحملوا رأسه على حربة (سنة 1302هـ)، وانقاد السودان كله للمهدي.
أرسل إلى الخديوي والسلطان عبد الحميد وملكة إنجلترا يشعرهم بدولته ومقر سلطنته، وضرب النقود.
ولكنه لم يلبث أن مات بالجدري في (أم درمان) وقد أوصى بالخلافة من بعده لعبد الله التعايشي.
كان المهدي طويلا أسمر بخضرة، ضخم الجثة، عظيم الهامة، واسع الجبهة، أقنى الأنف، واسع الفم والعينين، مستدير اللحية، خفيف العارضين، أسنانه كاللؤلؤ، يتعمم على قلنسوة من نوع ما يتعمم عليه أهل مكة، وعمامته كبيرة منفرجة من الأمام، يرسل عذبة منها على منكبه الأيسر.
وكان فطنا فصيحا قوي الحجة، إذا خطب خلب لب من يستمع إليه.
في الوقت الذي نجح فيه ابن رشيد في بسط نفوذه ليشمل بلاد الوشم وسدير كان محمد بن سعود ينازع عمه الإمام عبد الله على الحكم، بحجة أنه الوريث الشرعي لوالده، فدارت بينهما عدة معارك انتهت في هذه السنة بتغلب أبناء سعود على عمهم عبد الله، ودخلوا الرياض واعتقلوا عمهم عبد الله وسجنوه.
كان الإمام عبد الله والمعركة دائرة بينه وبين ابن أخيه محمد بن سعود أرسل إلى محمد ابن رشيد يستنجد به ويطلب منه القدوم لنصرته فلبى طلبه فزحف إلى الرياض على رأس قوة كبيرة، ففر أبناء سعود إلى الخرج كعادتهم عندما يهددهم الخطر، فدخل ابن رشيد الرياض وأخرج عبد الله من السجن بعد أن أصيب بمرض في سجنه، ثم عاد إلى حائل ومعه الإمام عبد الله، وعين على الرياض قائده سالم بن سبهان وتفاوض مع أولاد سعود أن تبقى لهم الخرج على شرط أن لا يعتدوا على الرياض.
لما كانت إيطاليا الفاشية مصممة على إقامة إمبراطورية استعمارية، فقد قامت بغزو إثيوبيا في 3 تشرين الأول 1935 وأرغمت هيلاسيلاسي على اللجوء إلى المنفى في أيار 1936.
وضمت إيطاليا إثيوبيا إلى إرتريا التي كانت آنذاك مستعمرة إيطالية، وضمت إلى الاثنين الصومال الإيطالي، وكونت من الثلاثة أفريقيا الشرقية الإيطالية.
ضج الناس في الرياض من سياسة ابن سبهان، ومما زاد غضبهم عليه قتله لأبناء سعود الثلاثة: محمد، وعبد الله، وسعد، الأمر الذي أغضب أيضا آل سعود وابن رشيد، فقام بعزله، وعين بدلا عنه فهاد بن عبادة بن رخيص.
بعد أن احتلت بريطانيا مصر أرادت أن تحل محل القوات المصرية في شرقي أفريقيا وانتهزت الحركة المهدية في السودان ففصلت سواحل البحر الأحمر وبلاد الصومال عن مصر، وحلت القوات البريطانية محل القوات المصرية في زيلع عام 1302هـ وأما جنوبي الصومال فكان مع القوات الإيطالية، ولم تكن بريطانيا تريد أن تدخل في خلافات مع فرنسا وإيطاليا فاتفقت مع فرنسا عام 1306هـ / 1888م على إنهاء الخلاف بينهما في مناطق الصومال وسواحلها، واقتسام النفوذ في شمالي الصومال وزنجبار، وشاركتهما في ذلك ألمانيا وإيطاليا، فأخذت بريطانيا القسم الأوسط من شرقي إفريقيا ساحل كينيا وساحل الصومال على خليج عدن (الصومال الإنجليزي)، وأخذت إيطاليا الساحل الشمالي من شرقي إفريقيا (الصومال الإيطالي)، وأخذت فرنسا جيبوتي (الصومال الفرنسي) وأعطيت الحبشة القسم الغربي من الصومال (الأوغادين) فقسمت الصومال أبشع تقسيم؛ نكاية بأهله المسلمين
أنزلت الدولة العثمانية الغواصة "عبد الحميد " إلى البحر، وكان اسمها "تحت البحر" وهي أول غواصة تصنع في المملكة المتحدة، بدئ بتصنيعها في عام 1886م، وتعمل بالطاقة البخارية، وتعتبر من جيل الغواصات التي بنيت في وقت مبكر في إنجلترا، وأدخلتها الدولة العثمانية للخدمة ضمن أسطولها الحربي بعد إجراء تجارب الغوص والارتفاع والسير، ثم أدخلت هذه الغواصة "الطوربيدات"، وكانت الدولة العثمانية من أوائل الدول في تدعيم الغواصات بالطوربيدات.
أفلحت الضغوط الفرنسية في حمل كل من ألمانيا والنمسا والمجر وأسبانيا وإيطاليا وهولندا وروسيا والإمبراطورية العثمانية وبريطانيا على توقيع معاهدة القسطنطينية في 29 أكتوبر 1888م، والتي تقضي مادتها الأولى بضمان حرية الملاحة في قناة السويس واستمرارها في أوقات الحرب والسلم، وكفالتها لكل سفينة حربية أو تجارية أيا كان العلم الذي ترفعه، واتفاق الأطراف السامية المتعاقدة بعدم التدخل بأي شكل من الأشكال لعرقلة الملاحة في القناة.
واتفقت أطراف المعاهدة على الامتناع عن القيام بممارسة حقوق الحرب، أو الدخول في أي مواجهات عسكرية أو أي عمل آخر من شأنه تعطيل الملاحة في القناة، أو المساس بسلامة موانيها، وعدم قيام المتحاربين في أوقات الحرب باستخدام القناة وموانيها في إقلاع أو هبوط القوات وشحن أو تفريغ الذخائر والمواد الحربية، والتزام الأطراف السامية المتعاقدة بعدم السماح لأي سفن حربية بالبقاء في القناة، وخولت المادتان 9، 10 مصر باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ بنود هذه المعاهدة، وتأمين الدفاع عن مصر واستقرار النظام العام فيها.
ومع ذلك جاءت المادة 11 لتقرر بأن هذه الإجراءات يجب ألا تخل بحرية الملاحة في القناة، وقضت المعاهدة كذلك بأن تعتبر مبدأ المساواة ركنا أساسيا من أركانها، وبأن الالتزامات الواردة فيها لا تقيد بأجل الالتزام الممنوح للشركة العالمية لقناة السويس البحرية.
تولى عبد الرحمن بن فيصل حكم الرياض بعد وفاة أخيه عبد الله؛ لأن أخاه محمدا وهو أكبر منه لم يكن له مطمع في الحكم، وطلب عبد الرحمن من ابن رشيد أن يعزل فهاد ابن رخيص عن إمارة الرياض فقابل ابن رشيد هذا الطلب بتحد، فعزل ابن رخيص وعين ابن سبهان العدو اللدود لابن سعود.
هو الإمام عبد الله بن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن، ثالث حكام الدولة السعودية الثانية، بويع بالرياض بعد وفاة والده سنة 1282هـ وخالفه أخوه سعود، فنشبت بينهما معارك استولى سعود في آخرها سنة 1287هـ على الرياض.
وخلع عبد الله، فلجأ إلى الترك في الأحساء فلم يطمئنوا إليه، فابتعد عنهم، وجمع بعض القبائل وأعاد الكرة على أخيه سعود.
فاقتتلا في وقعة الجزعة من أراضي نجد، وفشل عبد الله، فقصد عتيبة مبتعدا عن الرياض.
ومات سعود سنة 1291 هـ وولي بعده أخوهما عبد الرحمن، فزحف إليه عبد الله، فنزل له عبد الرحمن عن الإمامة.
ودخل الرياض فكان حكمه الثاني من 1291 - 1301 هـ / 1874 - 1884 م، فثار عليه أبناء أخيه سعود وهاجموا الرياض، فظفروا به وحبسوه فيها.
ودبت الفوضى، فقويت شوكة محمد ابن الرشيد صاحب حائل فهاجم الرياض، وفر أبناء سعود إلى الخرج، وأفرج ابن رشيد عن عبد الله واصطحبه معه إلى حائل، فأقام عنده إلى سنة 1307هـ، وأذن له ابن الرشيد بالعودة إلى بلده الرياض مع أخيه عبد الرحمن، فلم يستقر غير يوم واحد ووافته منيته فيها، فتولى عبد الرحمن بن فيصل الحكم بعده.
هو الوزير المؤرخ خير الدين باشا التونسي، من رجال الإصلاح السياسي الإسلامي، وهو شركسي الأصل من القوقازي، ولد سنة 1225هـ، قدم إلى تونس صغيرا، وقضى بها معظم حياته، اتصل بصاحبها (الباي أحمد) وأثرى وتعلم بعض اللغات وتقلد مناصب عديدة عالية آخرها منصب رئيس الوزراء، وبسعيه أعلن دستور المملكة التونسية سنة 1284 هـ - 1867م، ولكنه ظل حبرا على ورق.
وفي سنة1294 هـ - 1877م قام بعدة إصلاحات، وقاوم الحكم الاستبدادي، وعمل على إقامة العدل، وساهم في وضع قوانين مجلس الشورى الذي أصبح رئيسا له سنة 1861م، وأمام ازدياد فساد الوضع السياسي في البلاد نتيجة سوء تصرف المسؤولين وسرقاتهم قدم خير الدين استقالته من جميع وظائفه سنة 1862، واستغرقت فترة انقطاعه سبع سنوات، انعزل فيها في بستانه يتأمل ويكتب، ثم خرج إلى الأستانة وتقرب من السلطان عبد الحميد العثماني، فولاه الصدارة العظمى سنة 1295 هـ فحاول إصلاح الأمور، فأعياه، فاستقال سنة 1296هـ ونصب (عضوا) في مجلس الأعيان، فاستمر إلى أن توفي بالأستانة.
له كتاب في سياسة الإصلاح معروف باسم "أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك".
هو الإمام العلامة الأمير السيد الشريف المحقق محيي السنة وقامع البدعة: أبو الطيب محمد صديق بن حسن بن علي بن لطف الله القنوجي البخاري، نزيل بهوبال، ويرجع نسبه إلى زين العابدين بن علي بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب.
ولد في بلدة "بريلي" موطن جده من جهة الأم، عام 1248هـ ولما بلغ السادسة من عمره توفي والده، فرحل مع أمه إلى قنوج موطن آبائه بالهند، فنشأ فيها في حجر أمه يتيما فقيرا على العفاف والطهارة، وتلقى الدروس في علوم شتى على صفوة من علماء قنوج ونواحيها وغيرهم.
درس صديق على شيوخ كثيرين من مشايخ الهند واليمن، واستفاد منهم في علوم القرآن والحديث وغيرهما، ولقد أجازه شيوخ كثيرون ذكرهم في ثبته "سلسة العسجد في مشايخ السند".
وله تلاميذ كثيرون درسوا عليه واستجازوه، وبعد عودته من الحجاز إلى الهند انتقل العلامة صديق حسن خان من (قنوج) إلى مدينة (بهوبال) في ولاية (مادهيا براديش) في وسط الهند، وقد ذاع صيته في تلك الأيام، كإمام في العلوم الإسلامية، ومؤلف بارع في العلوم العقلية والنقلية، وكاتب قدير في اللغات العربية والفارسية والأوردية، ومجتهد متواصل في الدرس والتأليف والتدوين، ولم يلبث أن تزوج بأميرة بهوبال (شاهجان بيجوم) التي كانت تحكمها حينذاك، تزوجت به لما علمت من شرف نسبه وغزارة علمه واستقامة سيرته، سنة 1287هـ، وجعلته معتمد المهام، ومنحته أقطاعا من الأرض الخراجية تغل له خمسين ألف ربية في كل سنة، وخلعت عليه ولقبته الدولة البريطانية الحاكمة بالهند نواب أمير الملك سيد محمد صديق حسن خان بهادر، ومنحته حق التعظيم في أرض الهند بطولها وعرضها بإطلاق المدافع سبع عشرة طلقة، وخلعت عليه بالخلع الفاخرة، ومنحه السلطان عبد الحميد خان الوسام المجيدي من الدرجة الثانية.
عمل صديق خان وزيرا لزوجته الأميرة (شاهجان بيجوم) ونائبا عنها.
كان زواج العلامة صديق حسن خان بالأميرة شاهجان وتلقبه بأمير بهوبال نقطة تحول لا في حياته العلمية فقط، بل في النشاط العلمي والعهد التأليفي في الهند كلها، فكان له موهبة فائقة في الكتابة وفي التأليف، حتى قيل إنه كان يكتب عشرات الصفحات في يوم واحد، ويكمل كتابا ضخما في أيام قليلة، ومنها كتب نادرة على منهج جديد، وعندما ساعدته الظروف المنصبية والاقتصادية على بذل المال الكثير في طبعها وتوزيعها، تكللت مساعيه العلمية بنجاح منقطع النظير.
من مؤلفاته: فتح البيان في مقاصد القرآن، ونيل المرام من تفسير آيات الأحكام، والدين الخالص (جمع فيه آيات التوحيد الواردة في القرآن، ولم يغادر آية منها إلا أتى عليها بالبيان الوافي)، وعون الباري بحل أدلة البخاري (شرح كتاب التجريد)، والسراج الوهاج في كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج، والحرز المكنون من لفظ المعصوم المأمون (في الحديث)، والرحمة المهداة إلى من يريد زيادة العلم على أحاديث المشكاة، والجنة في الأسوة الحسنة بالسنة،(في اتباع السنة)، الحطة في ذكر الصحاح الستة، والروضة الندية شرح الدرر البهية للقاضي محمد اليمني الشوكاني، وفتح العلام شرح بلوغ المرام لابن حجر العسقلاني، وحصول المأمول من علم الأصول (تلخيص إرشاد الفحول للشوكاني) (في أصول الفقه)، وقطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر، وغيرها كثير، قال عبد الحي الطالبي: "له مصنفات كثيرة ومؤلفات شهيرة في التفسير والحديث، والفقه والأصول، والتاريخ والأدب، قلما يتفق مثلها لأحد من العلماء، وكان سريع الكتابة حلو الخط، يكتب كراستين في مجلس واحد بخط خفي في ورق عال، ولكنه لا تخلو تأليفاته عن أشياء، إما تلخيص أو تجريد، أو نقل من لسان إلى لسان آخر، وكان كثير النقل عن القاضي الشوكاني، وابن القيم، وشيخه ابن تيمية الحراني، وأمثالهم، شديد التمسك بمختاراتهم، وقد اعتراه مرض الاستسقاء، واشتد به المرض وأعياه العلاج واعتراه الذهول والإغماء، وكانت أنامله تتحرك كأنه مشغول بالكتابة، فلما كان نصف الليل فاضت على لسانه كلمة أحب لقاء الله، قالها مرة أو مرتين، وطلب الماء واحتضر، وفاضت نفسه، وكان ذلك في ليلة التاسع والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1307هـ، وله من العمر تسع وخمسون سنة وثلاثة أشهر وستة أيام، وشيعت جنازته في جمع حاشد، وصلي عليه ثلاث مرات، و كان قد أوصى بأن يدفن على طريقة السنة، فنفذت وصيته.
هو الأمير رابح بن فضل الله أو رابح الزبير، كان زعيما سودانيا، ولد في عائلة عربية في حلفاية الملوك، أحد ضواحي الخرطوم، كان والده زعيما أو ملكا على إحدى القبائل التي استوطنت منطقة بحر الغزال، التحق رابح بجيش "الزبير" إلا أنه عند بلوغه سن العشرين سافر رابح إلى القاهرة، والتحق بجيش الخديوي إسماعيل في مصر، وعمل في سلاح الفرسان غير النظاميين المصري أثناء حملة الحبشة، وقد أصيب في تلك الحملة فأبعد عن الخدمة بالجيش، فآثر العودة إلى بلاده، وكان والده قد توفي قبل عودته، فانضم رابح إلى جيش الزبير، وأصبح في خدمته، حتى عد من كبار معاونيه المقربين له؛ ولشدة قربه من الزبير كان يسمى برابح الزبير وعرف به أكثر من رابح بن فضل الله، ولما توفي الزبير تولى رابح قيادة الجيش، وتمكن من إقامة مملكة إسلامية في منطقة "تشاد"، كانت عاصمتها مدينة "ديكوا" ومات بعد قيام الفرنسيين بغزو مملكته والدخول إلى العاصمة "ديكوا" وقتله في المعركة.
أراد الأمير سالم بن سبهان حاكم الرياض من قبل ابن رشيد التخلص من عبد الرحمن بن فيصل، فدبر مؤامرة لتنفيذها يوم عيد الأضحى، إلا أن عبد الرحمن اكتشفها، فلما دخل ابن سبهان القصر على عبد الرحمن اعتقله هو ومن معه، وظل ابن سبهان في السجن إلى أن أطلق سراحه فيما بعد بطلب من ابن رشيد.
حاول عبد الرحمن بن فيصل أن يستعيد سلطته على مناطق القصيم، فاستنجد بأهالي القصيم ضد محمد ابن رشيد الذي لم يمهل هذا الحلف حتى ينضج، فجرد حملة عسكرية قوية من البدو والحضر، واتجه لمحاصرة الرياض لإنهاء حكم آل سعود، وانتهى الحصار بعد 40 يوما بصلح حضره من قبل عبد الرحمن أخوه محمد، والشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ قاضي الرياض، وحضر المفاوضات الأمير عبد العزيز بن عبد الرحمن، وكان عمره لا يتجاوز 10 سنوات، ومن أهم بنود الصلح: فك ابن رشيد حصاره للرياض، والرحيل إلى حائل, وأن تكون السلطة الفعلية في الرياض لآل سعود دون تدخل ابن رشيد، وإطلاق سراح سالم بن سبهان من السجن.
قرر محمد ابن رشيد أن يصفي حساباته مع أهل بريدة بعد فشل فتح الرياض، فأعد حملة من عربان شمر وحرب، والتقى بقوات القصيم في مكان يدعى القرعا، وانتصر عليه أهل القصيم فاحتال عليهم وانسحب إلى سهلية، فلما لحق به أهل القصيم انقض عليهم وهزمهم وقتل منهم 1000 رجل، وكان عبد الرحمن بن فيصل قد جهز جيشا لمساعدة مؤيديه من أهل القصيم إلا أنه وصله خبر هزيمتهم قبل أن يصل إليهم، فرجع إلى الرياض وقرر الخروج منها لمعرفته بالنتيجة الحتمية أن ابن رشيد لن يتأخر عن دخول الرياض والسيطرة عليها، فخرج بعائلته إلى الصحراء الشرقية قرب الأحساء, وعرفت هذه المعركة بمعركة المليداء، وهي من أكبر المعارك التي مكنت لابن رشيد من بسط سيطرته على نجد، ومهدت لانهيار الدولة السعودية الثانية تماما.
استمرت السيطرة البرتغالية في عمان منذ بداية القرن السادس عشر وحتى عام 1060هـ /1650م حين استطاعت أسرة اليعاربة تحرير أرض عمان بطرد البرتغاليين من معاقلهم في مسقط ومطرح، وكان ذلك التحرير ثمرة الكفاح والإرادة العمانية التي استثمرت تنافس وصراع الإنجليز والهولنديين مع البرتغاليين؛ لتخرج منه في المنتصف الأول من القرن السابع عشر أقوى قوة بحرية محلية في غرب المحيط الهندي، قادرة على إنهاء السيطرة البرتغالية.
وكانت إنجلترا قد برزت منذ أواخر القرن السادس عشر كقوة بحرية ضاربة بين القوى الأوروبية، وراحت تفتش عن سبيل الوصول إلى مناهل الثراء الشرقية، وكسر الاحتكار البرتغالي، فكانت (إدوارد بانوتي) أول سفينة إنجليزية قامت بزيارة زنجبار عام 1000هـ /1591م وظهرت نتائج زياراتها بعد تسع سنوات، حين تشكلت شركة الهند الشرقية الإنجليزية التي تأسست بموجب مرسوم ملكي صدر في 1009هـ /1600م والتي اقترن بها نشاط إنجلترا التجاري والبحري فيما بعد.
بدأت شركة الهند الشرقية تمارس نشاطاتها بدخول منطقة الخليج العربي، وكان هدفها من دخولها لهذه المنطقة بيع الأصواف الإنجليزية في إيران مقابل الحصول على الحرير، وبذلك التقت مصالح كل من إنجلترا والفرس لمهاجمة العدو البرتغالي المشترك، وقد بلغ الخطر الإنجليزي الفارسي على مركز الهجوم المشترك الذي شنه الإنجليز والفرس على هرمز، كذلك تعاون الإنجليز مع الهولنديين لإزاحة منافسة البرتغالية، فنجح أسطول إنجليزي هولندي مؤلف من ثماني سفن في دحر الأسطول البرتغالي بالقرب من هرمز في عام 1035هـ /1625م.
بعد معركة المليداء سنة 1308 أخذ الإمام عبد الرحمن ما أمكنه أخذه من ممتلكاته في الرياض، وخرج بأسرته منها، واتجه إلى المناطق الواقعة بين واحة يبرين والأحساء، لبعدها عن متناول ابن رشيد، ولوجود قبائل متعاطفة معه، ومناوئة لخصمه ابن رشيد، مثل العجمان وآل مرة، ولكن صعوبة حياة الصحراء على نساء أسرته وأطفاله أجبرت الإمام عبد الرحمن على إرسال ابنه عبد العزيز إلى الشيخ عيسى بن خليفة حاكم البحرين طالبا منه أن يقبل إقامة أسرته لديه، ورحب الشيخ عيسى بالطلب، فذهب أطفال الإمام ونساؤه إلى البحرين، ليلقوا كرم الضيافة هناك.
حاول عبد الرحمن أن يستعيد الرياض, فجمع أنصاره من أعراب البادية، وصحبه إبراهيم بن مهنا أبا الخيل، أمير بريدة مع عدد من أهلها, وهاجم الإمام عبد الرحمن مع أتباعه بلدة الدلم واستولوا عليها وطردوا من كان فيها من أتباع محمد بن رشيد.
ثم توجه إلى الرياض، ودخلها سنة 1309ه،ـ ومن الرياض سار الإمام عبد الرحمن إلى المحمل، ونزل في حريملاء شمال الرياض والتقى بابن رشيد في معركة فاصلة انهزم فيها عبد الرحمن وقتل عدد من رجاله وأنصاره، ودخل ابن رشيد الرياض، وبعد هذه المعركة تبددت آمال عبد الرحمن بن فيصل، وعاد إلى مخيمه في البادية، وكانت وقعة حريملاء آخر معارك أئمة الدولة السعودية الثانية، وبها انتهت دولة آل سعود في مرحلتها الثانية.