نُصَافي المَعَالي، وَالزّمانُ مُعانِدُ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
نُصَافي المَعَالي، وَالزّمانُ مُعانِدُ | وَنَنْهَضُ بِالآمَالِ، وَالجَدُّ قَاعِدُ |
تَمُرّ بِنَا الأيّامُ غَيْرَ رَوَاجِعٍ | كما صافحت مر السيول الجلامد |
وَتُمْكِنُنَا مِنَ مائِهَا كُلُّ مُزْنَة ٍ | وتمنعنا فضل السحاب المزاود |
وما مرضت لي في المطالب همة | واحداثه في كل يوم عوائد |
عوائد همٍ لا يحيين غبطة | بهن ولا تلقى لهن الوسائد |
ولله ليل يملأُ القلب هوله | وَقَدْ قَلِقَتْ بالنّائِمِينَ المَرَاقِدُ |
يقر بعيني ان ارى ارض بابل | تخوض مغانيها الجياد المذاود |
وَأسْحَبُ فيها بُرْدَ جَذلانَ شامِتٍ | اذا شاءَ غنته الرقاق البوارد |
سللنا رقاب العيس من خلل الدجى | تلاعبها اشطانها والمقاود |
وَقَدْ حَفّ بالبَدْرِ النّجُومُ كأنّهُ | هديٌ تهاداه الاماء الولائد |
وفي اعين القوم انضمام من الكرى | وَطَرْفُا لسُّرَى بَينَ الأزِمّة ِ شَاهِدُ |
فمضطرب في غرزة مترنح | وَآخَرُ مَكبُوبٌ على الرّحلِ ساجِدُ |
وغائرة قد وقر النوم لحظها | تسفه جفنيها الهموم العوائد |
تَقُودُ جِيَاداً ما اتُّهِمْنَ على مَدًى | بلى ربما ارتابت بهن الاوابد |
إذا جَالَ في أشداقِها الظِّمْءُ قلّصَتْ | لها الارض وانقادت اليها الموارد |
أبَحْنَا لها تَقْتَضّ مِنْ عُذَرِ الرُّبَى | فكَرّتْ عَلَيها بالعَجَاجِ الفَدافِدُ |
طَرَائِق بِيدٍ يَعسُلُ الآلُ بَيْنَهَا | كما اضطرب السرحان والليل بارد |
هَجَمنا عَلى غَوْلِ الطّرِيقِ وَبُعْدِهِ | وَمَا رَكَضَتْ فيه الرّياحُ الصّوَارِدُ |
أأُرْسِلُ خَيلَ اللّحظِ في طَلَبِ الهوَى | وَمِنْ ظَنّهَا أنّ الخُدُودَ طَرَائِدُ |
ولي شغل في طالب ضل قصده | أُسَائِلُ عَنهُ مَا يَقُولُ المَقَاصِدُ |
أقُولُ لِدَهْرٍ تَاهَ إذْ صِيدَ لَيْثُهُ: | كذاك يصاد الليث والليث راقد |
اثلم هذا النصل بالضرب ضارب | وزعزع هذا الطود بالوطء صاعد |
تعز فما كل المصائب قادم | عَلَيكَ، وَلا كُلّ النّوَائِبِ عَائِدُ |
ينال الفتى من دهره قدر نفسه | وَتَأتي عَلى قَدْرِ الرّجَالِ المَكَايِدُ |
فِدًى لكَ يا مَجدَ المَعالي وَبَأسهَا | فعال جبان شجعته الحقائد |
فَمَا تَرَكَتْ منكَ الصّوَارِمُ وَالقَنَا | وَلا أخَذَتْ مِنكَ الحِسَانُ الخَرَائِدُ |
عُزِلْتَ وَلَكِنْ ما عُزِلتَ عنِ النّدى | وجودك في جيد العلى لك شاهد |
بوَجهِكَ مَاءُ العزّ في العَزْلِ ذائِبٌ | ووجه الذي ولي من الماء جامد |
فانت ترجي الملك وهو زواله | بغير جلاد فيه وهو مجالد |
فلا يَفرَحِ الأعداءُ فالغَزْلُ مَعرِضٌ | اذا راح عنه صادر جاء وارد |
وَما كُنتَ إلاّ السّيفَ يَمضِي ذُبابُهُ | ولا ينصر العلياء من لا يجالد |
نضي فقصى حق الضرائب في الوغى | وَأثْنَتْ عَلَيْهِ حِينَ رُدّ المَغَامِدُ |
فأعطَوْا عِنَانَ الضّرّ غَيرَكَ إذْ رَأوْا | يَمِينَكَ تَسْتَوْلي عَلَيْهَا الفَوَائِدُ |
وما كنت يوماً في الزمان بممسك | عرى المال ان ضجت اليك المواعد |
وَلا كنتَ تَرْضَى أنْ تَصِحّ بِبَلْدَة ٍ | اذا قيل عضو من زمانك فاسد |
أيَا غُدْوَة ً سَاءَ الحُسَينَ صَبَاحُها | وسر العدى فيها الزمان المعاند |
لحققت عندي ان كل صبيحة | مجاجة سم والليالي اساود |
يُعَرّفُكَ الإخْوَانُ كُلٌّ بِنَفْسِهِ | وخير اخ من عرفتك الشدايد |
وطاغ يعير البغي غرب لسانه | وليس له عن جانب الدين ذائد |
شَنَنْتَ عَلَيْهِ الحَقّ حَتّى رَدَدْتَهُ | صَمُوتاً، وَفي أنْيَابِهِ القَوْلُ رَاقِدُ |
يَدِلّ بِغَيرِ اللَّهِ عَضْداً وَناصِراً | وَناصُرُكَ الرّحمَنُ، وَالمَجدُ عاضِدُ |
تُعَيِّرُ رَبّ الخَيرِ بَالي عِظَامِهِ | الا نزهت تلك العظام البوائد |
وَلَكِنْ رَأى سَبّ النّبيّ غَنيمَة ً | وَمَا حَوْلَهُ إلاّ مُرِيبٌ وَجَاحِدُ |
وَلَوْ كانَ بَينَ الفاطِمِيّينَ رَفْرَفَتْ | عليه العوالي والظبي السواعد |
ألا إنّ جَدبَ الحِلمِ عندَكَ مُخصِبٌ | وان لئيم المجد عندك رافد |
ضجرت من العلياء فاخترت عزلها | كانك قد افنت نداك المحامد |
تَرَكْتَ قَلُوصاً بالفَلاة ِ وَوَحْشَها | تجاذبه عن نفسه وتراود |
ستذكرك الارماح وهي قوارب | وَلَيسَ لهَا إلاّ القُلُوبُ مَوَارِدُ |
حوَى المجدَ يا قيسَ بنَ عَيلانَ ماجدٌ | وَجَلّ، فَمَا يُلْقَى لَهُ فيهِ حَاسِدُ |
فَتًى يَحتَوِي أرْماحَكمْ، وَهوَ صَارِمٌ | وَيُسرِي جُيُوشاً نحوَكمْ، وَهوَ وَاحِدُ |
ويوم عويث والسيوف بوارق | تظل المنايا والقسي رواعد |
رَدَدْتَهُمُ، وَالسُّمرُ بَينَ ظهورِهمْ | تعقل فيه الموت والموت شارد |
وَقَدْ خَلَقَتْ فيها عُيوناً قَرِيحَة ً | يَنَامُونَ عُمرَ اللّيلِ، وَهيَ سَوَاهِدُ |
أسِنّة ُ فِهْرٍ في صُدُورِ جِيَادِهِمْ | كان قناها للجياد مقاود |
هم ذخروا اعمارهم لسيوفه | فأوْلى لهَا وَالحَرْبُ عَذرَاءُ نَاهِدُ |
رَأيْتُ فَيَافي تَقتَضِي هَبَوَاتِهِ | وَتَرْغَبُ أرْسَاغَ الجِيَادِ القَوَادِدِ |
مدى يمخض الاشواط حتى يعيدها | ولا زبدة الا الجواد المجاود |
لَنِعْمَ حَرِيمُ العَزْمِ أنْتَ وَثَغْرُهُ | اذا رجح الرأي الالد المجالد |
الست من القوم الذين اذا سطوا | تَبَرّى مِنَ التّاجِ العَظِيمُ المُعَاقِدُ |
سِياطُهُمُ بِيضُ الظُّبَى وَسُجونُهمْ | إذا غَضِبُوا دونَ العَلاءِ المَلاحِدُ |
رِقَابُ العِدَى وَالعِيسُ فيهمْ ذَليلَة ٌ | وَللبِيضِ ما نِيطَتْ عَلَيهِ القَلائِدُ |
يُعَشّشُ طَيرُ الخضْبِ في حُجُرَاتهمْ | وتعقل منهن البيوت الشوارد |
وما والد مثل ابن موسى لمولد | قَرِيبٍ تَجَافَاهُ الرّجَالُ الأبَاعِدُ |
حمى الحج واحتل المظالم رتبة | على ان ريعان النقابة زائد |
فاقبل والدنيا مشوق وشايق | وَأعرَضَ، وَالدّنْيَا طَرِيدٌ وَطَارِدُ |
وَسَاعَدَهُ، يَوْمَ استَقَلّ رِكَابَهُ | أخُوهُ، وَقالَ البَينُ: نِعْمَ المُسَاعِدُ |
هما صبرا والحق يركب راسه | عشية زالت بالفروع القواعد |
تَفَرّدَ بِالعَلْيَاءِ عَنْ أهْلِ بَيْتِهِ | وَكُلٌّ يُهَادِيهِ إلى المَجْدِ وَالِدُ |
وَتَختَلِفُ الآمَالُ في ثَمَرَاتِهَا | اذا اشرقت بالري والماء واحد |
ومد على الجوزاء اطناب منزل | يَلُوذُ بحَقْوَيْهِ السُّهَا وَالفَرَاقِدُ |
فقرٌ لنيران البوارق مصطل | وظمء لاحواض الغمائم وارد |
احق بلاد الله بالمزن ارضه | اذا شام اقصى خطره البرق رائد |
كاني به والعز ينضو همومه | وقد خضعت تلك الخطوب النواكد |
اعاد اليه الله ماضي سروره | وَرَدّ اللّيَالي وَهيَ بِيضٌ أمَاجِدُ |
مُنِيتَ بشَوْقٍ يَنحَرُ الدّمعَ سَيفُهُ | اذا حادثته بالصقال المعاهد |
أآلَ هُذَيْمٍ هَلْ تَقَرُّ قُلُوبُكُمْ | وقلب بن عدنان على الدهر واجد |
إذا جَحَدُوا نُعمَاكَ لَوّتْ رِقابَهُمْ | لمنك اطواق بها وقلائد |
وَلا زَالَتِ الأسيَافُ تَسبي حَرِيمَهمْ | وَتَسبي حَرِيمَ المَالِ مِنكَ القَصَائِدُ |