أبُيِّنْتَهَا أمْ نَاكَرَتْكَ شِيَاتُهَا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أبُيِّنْتَهَا أمْ نَاكَرَتْكَ شِيَاتُهَا | نَزَائِعَ يَنْقُلْنَ الرّدَى صَهَوَاتُهَا |
طَلَعْنَ سَوَاءً، وَالرّمَاحُ عَوَابِسٌ | تُعَاسِلُهَا أعْنَاقُهَا وَطلاتُهَا |
رَأوا نَقْعَها يَدْنُو فَظَنّوا غَمَامَة ً | فما شعروا حتى بدت جبهاتها |
وَفَوْقَ قَطَاهَا غِلْمَة ٌ غالبيّة ٌ | تَمِيسُ عَلى أكْتَافِهَا وَفَرَاتُهَا |
مَغَاوِيرُ لا مِيلٌ تُثَنّي رِقَابَهَا | أفِتْيَانُهَا البَاكُونَ أمْ فَتَيَاتُهَا |
تلثم فوق اللثم بالنقع والدجى | فلولا ظباها لم تبن صفحاتها |
مَتَى تَرَهَا في حَيّهَا تَرَ فِتْيَة ً | لِيَوْمِ الوَغَى مَأخُوذَة ً أُهْبَاتُهَا |
مُفَرَّغَة ً مِمّا تُنِيلُ عُبَابَهَا | من المال أو مملوؤة جفناتها |
تَخَطّى بِهَا أعْنَاقَ كُلّ قَبيلَة ٍ | صوارمها تهتز أو قنواتها |
ترى عندها الشهر الحرام محللا | إذا خفَرَتْهَا للوَغَى عَزَمَاتُهَا |
و احلم خلق الله حتى إذا دنا | إلَيْها الأذَى طارَتْ بِهَا جَهَلاتُهَا |
إذا وسمت بالنار خيل فعندها | كَرَائِمُ آثَارُ الطّعَانِ سِمَاتُهَا |
متى سمعت صوت الصريخ تنصتت | قِيَاماً إلى داعي الوَغَى سَمَعَاتُهَا |
رَحَلْنَا بِأكْبَادٍ غِلاظٍ عَلى الهَوَى | قليل إلى ما خلفها لفتاتها |
إذا ازمعت ازماعة الجد لم تبل | افتياتها الباكون أم فتياتها |
سوابقها أولى بها لانساؤها | و ادراعها والبيض لا امهاتها |
وحي من الأعداء باتوا بليلة | منعمة لو لم تذم غداتها |
وَخَيْلٍ خَشَشْنَا جَوّهمْ برِمَاحِنا | كما خش آناف القروم براتها |
فما استيقظوا حتى تداعى صهيلها | وَقَدْ سَبَقَتْ ألحَاظَهُمْ عَبَرَاتُهَا |
و لم ينجح إلا من تخاطت سيوفنا | و ذاق الردى من عممت شفراتها |
قواضب لا يودي بشيء قتيلها | إذا امست القتلى تساق دياتها |
أنِسْنَا بِأطْرَافِ الرّمَاحِ، وَإنّنا | لنحن محلوها ونحن سقاتها |
نبَتنَ لأيْدِينَا خُصُوصاً، وَإنّمَا | لَنَا يَتَوَاصَى بالطّعَانِ نَبَاتُهَا |
بِأبْوَابِنَا مَرْكُوزَة ٌ، وَإلى الوَغَى | تَزَعْزَعُ في أَيمانِنَا قَصَبَاتُهَا |
أبِيتُ، وَكَانَ العِزُّ مِنّي خَليقَة ً | و هل سبة إلا وقومي اباتها |
فلا تفزعني بالوعيد سفاهة | فلي همة لا تقشعر شواتها |
تَغاوَتْ عَلى عِرْضِي عَصَائبُ جَمّة ٌ | وَلَوْ شِئْتُ مَا التَفّتْ عَليّ غُوَاتُهَا |
أُوَلّيهِمُ صَمّاءَ أذْنٍ سَمِيعَة ٍ | إذا مَا وَعَتْ ألْوَتْ بِهَا غَفَلاتُهَا |
يَطُولُ إذاً هَمّي، إذا كانَ كُلّمَا | سَمِعتُ نَبيحاً من كِلابٍ خَساتُهَا |
لِذِلّتِهَا هَانَتْ عَليّ ذُنُوبُهَا | فلَمْ أدرِ مِنْ نَبذي لهَا مَنْ جُناتُهَا |
قَوَارِصُ لمْ تَعْلَقْ بجِلْدِي نِصَالُها | وَلَوْ كانَ غَيرِي أنفَذتهُ شَذاتُهَا |
هم استلدغوا رقش الافاعي ونبهوا | عقارب ليل نائمات حماتها |
وهمْ نَقَلُوا عَنّي الذي لمْ أفُهْ بهِ | و ما آفة الاخبار الا رواتها |
رَمَوْني بِما لَوْ أنّ عَيْني رَمَتْ بِهِ | جناني على عزي لها لفقاتها |
أُرِيدُ لَئِنْ أحنُو عَلى الضّغْنِ بَينَنا | وَتَأبَى قُلُوبٌ أنْغَلَتْهَا هَنَاتُهَا |
دعوها ندوباً بيننا باندمالها | ولا تبلغوا مني والا نكاتها |
فَإنّي مَطُولٌ للأعَادي مُمَاحِكٌ | اذا نصَّفوا اوساق ضغن ملاتها |
لقَد غَرّبَتني حُظوَة ُ الفَضْلِ عنكُمُ | وَإنْ جَمَعَتْ أعرَاقَنَا نبَعَاتُهَا |
و ما النفس في الاهلين الا غربية | إذا فقدت اشكالها ولداتها |
بني مضر خلوا نفوساً عزيزة | تَنَامُ فَأوْلَى أنْ يَطُولَ سِنَاتُهَا |
دعوها فخير للاعادي هجورها | وَشَرٌّ لِمَنْ يَغرَى بِها يَقَظَاتُهَا |
ثِقُوا عَنْ قليلٍ أنْ يَهُبّ شَرَارُها | وَإنْ قُلتُمُ قَدْ أُخمِدَتْ جَمَرَاتُهَا |
ولا تأنسوا ان الجياد بشكلها | فَيَا رُبّمَا أرْدَتكُمُ نَزَوَاتُهَا |
و لا تأمنوا صول النفوس وان غدت | مَضَارِبُهَا مَفْلُولَة ً وَظُبَاتُهَا |
بنو هاشم عين ونحن سوادها | على رغم اقوام وانتم قذاتها |
وَمَا زِلْتُمُ داءً يُفَرّي إهَابَهَا | و ان كنتم منها ونحن اساتها |
و اعجب ما يأتي به الدهر انكم | طَلَبْتُمْ عُلًى مَا فيكُمُ أدَوَاتُهَا |
و املتم أن تدركوها طوالعاً | دعوها ستسعى للمعالي سعاتها |
وَإمّا حَرَنْتُمْ عَنْ مَداهَا، فإنّنَا | سراع إذا مدت لنا حلباتها |
أبي دُونَكُمْ ذاكَ الذي ما تَعَلّقَتْ | باثوابه الدنيا ولا تبعاتها |
تجنبها هوجاء لا مستقيمة | خطاها ولا مأمونة عثراتها |
غَدَا رَاضِياً بالنّزْرِ مِنْهَا قَنَاعَة ً | وَلَوْ شاءَ قَدْ كانَتْ لهُ جَفَناتُهَا |
تلافظها من بعد ما زاق طعمها | فكانت زعاقاً عنده طيباتها |
تلافى قريشاً حين رق اديمها | و خفت على ايدي الرجال حصاتها |
وَرَجّبَها مِنْ بَعدِ ما مالَ فَرْعُهَا | و حين ابت الا اعوجاجاً قناتها |
و كم عاد في احدى عواليه هامة | لجبار قوم قطرته شباتها |
فَمَنْ غَيْرُهُ لليَعْمَلاتِ يُقِيمُهَا | إذا وَقَعَتْ مَثْنِيّة ً رُكُبَاتُهَا |
وَمَنْ لعَجاجِ الحرْبِ يَجلو ظَلامَهُ | إذا خَفَقَتْ في نَقْعِها عَذَبَاتُهَا |
وَمَنْ للمَعَالي القُودِ يَقْرَعُ هَامَها | إذا نفت الأقدام عنها صفاتها |
و من لاضاميم الجياد غدوها | لِطَعْنِ حَماليقِ العِدَى وَبَيَاتُهَا |
لَنَا وَعَلَيْنا إنْ لَبِثْنَا هُنَيهَة ً | قطاف رؤس اينعت ثمراتها |
فيا لهفي كم من نفوس كريمة | تموت وفي اثنائها حسراتها |
يعز علينا ان تفوت وانها | قضَتْ نحبَها أوْ ما انقضَتْ زَفَرَاتُهَا |
و كان بدار اهون ملقى جنوبها | سَوَاءٌ عَلَيْها مَوْتُها وَحَيَاتُهَا |
أسَارَى تُعَنّيها الكُبُولُ، مَذُودَة ٌ | بواطشها مقصورة خطواتها |
و ما برحت تبكي قتيلاً عيونها | فلا دمعها يرقى ولا عبراتها |
عسى الله ان يرتاح يوماً بفرحة | فتَنطِقَ أنْضَاءٌ أُطِيلَ صُماتُهَا |
و يؤخذ ثار مات هما ولاته | وَلَمّا تَمُتْ أضْغَانُهَا وَتِرَاتُهَا |
فكَمْ فُرّجَتْ من بَعدِ ما أغلِقَتْ لَنا | مَغالِقُها، وَاستَبهَمَتْ حَلَقاتُهَا |
غَرَسْتُ غُرُوساً كنتُ أرْجو لَحاقَها | وَآمُلُ يَوْماً أنْ تَطِيبَ جَناتُهَا |
فان اثمرت لي غيرما كنت آملاً | فلا ذنب لي ان حنطلت نخلاتها |