بمجال عزمي يملأ الملوان
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
بمجال عزمي يملأ الملوان | وَتَضلّ فِيهِ بَوَائِقُ الأزْمَانِ |
عزم رضيع لبان أطراف القنا | في حَيْثُ يَرْضَعُ مِن نَجيعِ لَبَانِ |
كَم من حَشَى خَطبٍ شَققتُ ضَميرَهُ | وَأرَقْتُ في دَمِهِ دَمَ الأضْغَانِ |
وَاللّيلُ مُنخَرِقُ القَميصِ عن الضّحى | قد كدت أرقعه بنقع حصاني |
وكأنّ أنجمه وجوه خرائد | سُتِرَتْ مِنَ القَسطَالِ بالأرْدانِ |
وَخَرَجْتُ عَن أعجازِهِ مِنْ بَعدِ ما | جذب النّعاس عمائم الركبان |
في مَهمَهٍ صَقَلَ المُحُولُ مُتُونَهُ | لَمْ يَصْدَ قَطُّ بِوَابِلٍ هَتّانِ |
أرض حصان من ملامسة ِ الحيا | وَالأرْضُ تَحمَدُ منهُ غَيرَ حَصَانِ |
ثم ارتمت بالغيثِ فيه غمامة | وَسَقَتْ غَلِيلَ الجَدْبِ بالتّهْتَانِ |
فطَوَى الحَيا بُرْدَ النّحولِ وَنَشّرَتْ | رِمَمُ الصّعِيدِ غَدائِرَ الأغْصَانِ |
وكأنّ أنفاس الصبا في حجرها | يسفحن دمع المزن في الحجرانِ |
دَمعاً، إذا ما فَاضَ صَوّرَ أعْيُناً | حيث استقرّ به من الغدران |
وتريك من أوراقهنَّ أهلة | تَحتَ الغَزَالَة ِ، شُرَّدَ الغِزْلانِ |
ولكم عقدت عرى الخطاب بخطبة | حَلّتْ بِفَيْصَلِها عُرَى الحِدْثَانِ |
لي همة أقطعتها قِصَدَ القنا | في قَصْدِ يَوْمَيْ مَعرَكٍ وَرِهَانِ |
لَوْ حَارَبَتْ أُفْقَ السّمَاءِ لفَرّقَتْ | بَيْنَ الثّرَيّا فِيهِ وَالدَّبَرَانِ |
عنوَانُ بَأسِي أنْ يَصُولَ مُهَنّدي | وردى عدوي أن يطول لساني |
لا تَجْمَعَنّي وَالزّمَانَ، فَإنّهُ | عَوْدٌ يَحُكَ جِرَانَهُ بِجِرَاني |
إني لألحظ ذا الأنام مجانباً | عَنْ مُقْلَة ٍ وَحْشِيّة ِ الإنْسَانِ |
أسْطُو بجَأشِ فَتًى يُفَرّقُ سَيفُهُ | جيش الحمام إذا التقى الجمعان |
من آل عدنان الذين كفاهم | إن ابن موسى من بني عدنان |
النّازِلِينَ، إذا تَقَارَعَتِ القَنَا | والبيض خارجة عن الأجفان |
يحشون أحشاء الوفاض إذا هم | ـتَزَموا بفَضْلِ ذوَائبِ الشجعانِ |
لبسوا العمائم مذ رأوا أسيافهم | أبداً تذل معاقد التيجان |
وإذا الحسين دعاهمُ بجيادهم | حُشِدَتْ إلَيْهِ مُصِرّة َ الآذَانِ |
متواترات في الطلوعِ مغيرة | لَفْظَ السّوَاغِبِ من نَوَى قُرّانِ |
لَيثٌ بهِ سَفَكَ الطّعانُ دَمَ القَنا | بدِمَاءِ أهْلِ الشّرْكِ وَالطْغْيَانِ |
لما فزعن من التحطّمِ في الطُلى | جعل القلوب تمائم الخرصان |
لولاه ما طبعت ظباً لتقارع | أبداً ولا قطعت قنا لطعان |
للَّهِ يَوْمُكَ في غُوَيْثٍ إنّهُ | يَوْمٌ بِهِ يُشْجَى بَنُو غَيْلانِ |
بالحِصْنِ، إذ دَعَتِ القَنا خِرْصَانَها | وَتَحَصّنَتْ في أنْفُسِ الفُرْسَانِ |
غاضَتْ مياهُ وُجوهِهمْ خَوْفَ الرّدى | فكأنّها فاضت إلى الأجفان |
صَبّحْتَهُمْ بِيَدٍ تُطَوِّحُ بالظُّبَى | ويدٌ تدقّ عواليَ المران |
لدنا تهزّ طعينها فتخاله | في الطعنِ وثَّاباً إلى الأقرانِ |
قطّعت أنفاس الحمام بجريها | حتى كبا في الهامِ والأبدانِ |
فكأنما الأرماح ضلت في الوغى | حتى انثنت تستاف كل جنان |
وَالخَيلُ تَعثُرُ بَينَ أطرَافِ القَنَا | مصبوغة بدم القلوب الآني |
ستر السهامُ فروجها فكأنما | دّرَعَتْ إلَيكَ مَدارِعَ الظِّلمانِ |
لَوْ أنّ أنْفَاسَ الرّياحِ تَصَاعَدَتْ | في نَقْعِهَا طَارَتْ مَعَ العِقْبَانِ |
خضت الظلام إليهم بسنابك | خاضت قلوب مواقد النيران |
وَفَرَيْتَ وَفْرَة َ لَيلِهِمْ بصَوَارِمٍ | وَصَلَتْ عُرَى الإصْبَاحِ باللّمَعَانِ |
حَسرَ الدُّجَى فنَصَبتَ أعناقَ العِدا | قُبَلاً لِنَيْلِ رَوَاكِعِ الشَّرْيَانِ |
فتركتهم صرعى بكل مفازة | وَكَأنّمَا صُعِقُوا عَلى الأذْقَانِ |
تخفى النسور بزفها أجسادهم | عن ناظر الريبال والسرحان |
نَبَثَتْ مَناسِرُها الجِرَاحَ، كَأنّها | بالنبثِ تسبر وقع كل سنان |
حتى رجعت بفتية قصفوا القنا | وَرَمَوْا بِكُلّ حَنِيّة ٍ مِرْنَانِ |
لَوْ أمكَنُوا وَصَلُوا بكُلّ مُثَقَّفٍ | يسم الطُلى في الطعنِ كل بنان |
أسد برى الإسئاد نحضَ جيادهم | بالكرِّ والتضرابِ والتّطعانِ |
لو عقدت بعضاً ببعض في السُرى | كانت له بدلاً من الأرسان |
يَهْني بَني عَدْنَانَ وَقعَتُكَ التي | جذبت بضبع الدين والإيمان |
لَوْ لمْ تُحَلّ طُلَى الأعادي عَقّدُوا | بعرى القلوب سبائب الأحزان |
قدها فغرتها من الكلم الجنى | وحجولها من صنعة ومعان |
هي نطفة رقرقتها من خاطري | بَيْضَاءُ تَنْقَعُ غُلّة َ الظّمْآنِ |