أرَابَكِ مِنْ مَشِيبي مَا أرَابَا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أرَابَكِ مِنْ مَشِيبي مَا أرَابَا | وما هذا الباض عليَّ عابا |
لئن ابغضت مني شيب راسي | فإنّي مُبْغِضٌ مِنْكِ الشّبَابَا |
يذم البيض من جزع مشيبي | ودل البيض اول ما اشابا |
وَكَانَتْ سَكرَة ٌ، فصَحوْتُ منها | وَأنْجَبَ مَنْ أبَى ذاكَ الشّرَابَا |
يميل بي الهوى طربا وانأى | ويجذبني الصبا غزلا فآبا |
وَيَمْنَعُني العَفَافُ كَأنّ بَيْني | وَبَينَ مَآرِبي مِنْهُ هِضَابَا |
نصلت عن الصبا ومصاحبيه | وَأبْدَلَني الزّمَانُ بهِمْ صِحَابَا |
ولما جد جد البين فينا | وَهَبْتُ لَهُ الظّعَائِنَ وَالقِبَابَا |
وماروعت من جزع جنانا | وَلا رَوّيْتُ مِنْ دَمْعٍ جَنَابَا |
دَعِيني أطْلُبِ الدّنْيَا، فإنّي | ارى المسعود من رزقَ الطلابا |
ومن ابقى لآجله حديثاً | ومن عانى لعاجله اكتسابا |
وَمَا المَغْبُونُ إلاّ مَنْ دَهَتْهُ | ولا مجداً ولا جدة اصابا |
فلا والله اتركها خليا | ولما اجنب الاسد الغضابا |
واركبها محصنة شبوباً | تُمَانِعُ غَيرَ فارِسِها الرّكَابَا |
اذا نهنهتها ارنت جماحا | إلى أمَلي، تُجاذِبُني جِذابَا |
فَإمّا أمْلأُ الدّنْيَا عَلاءً | وَإمّا أمْلأُ الدّنْيَا مُصَابَا |
سجية من رعى الايام حتى | أشَابَ جَمَاجِماً مِنها، وَشَابَا |
وهل تشوي حقايق المعيّ | إذا مَا ظَنّ أغرَضَ أوْ أصَابَا |
وَلَمْ أرَ كالمَآرِبِ رَامِيَاتٍ | بِنَا الدّنْيَا بِعَاداً وَاقْتِرَابا |
تخوضنا البحار مزمجرات | وَتُسْلِكُنَا المَضَايِقَ وَالعُقَابَا |
واعظم من عباب البحر حرص | على الارزاق اركبنا العبابا |
وَغُلْبٌ كالقَوَاضِبِ مِنْ قُرَيشٍ | يرُوّونَ القَوَاضِبَ وَالكِعَابَا |
فَمَا وَلَدَ الأجَارِبُ مِنْ تَمِيمٍ | نظيرهم ولا الشعر الرقابا |
وَإنّ المَجْدَ قَدْ عَلِمَتْ مَعَدٌّ | وَدارَ العِزّ وَالنّسَبَ القُرَابَا |
لأطوَلِهِمْ، إذا رَكِبُوا، رِمَاحاً | واعلاهم اذا نزلوا قبابا |
وَأغزَرِهِمْ، إذا سُئِلوا، عَطاءً | وَأوْحاهُمْ، إذا غَضِبُوا، ضِرَابا |
بنو عم النبي واقربوه | والصقهم به عرقاً لبابا |
عُلٍى بِيَدِ الحُسَينِ ذُؤابَتَاهَا | وفرعاها اللذا كثرا وطابا |
وَكَانَتْ لا تُجَارُ مِنَ الأعَادي | فساند غربة ذاك النصابا |
وحصنها فليس ينال منها | ذَنُوباً، مَنْ يَهُمّ، وَلا ذِنَابا |
هُمَامٌ مَا يَزَالُ بِكُلّ أرْضٍ | يُبَرْقِعُ تُرْبُهَا الخَيلَ العِرَابَا |
نزائع كالسهام كسين نحضاً | خفيفاً لا اللؤام ولا اللغابا |
مُحَبَّسَة ً عَلى الأهْوَالِ تَلْقَى | بها العقبان رافعة الذنابا |
يُوَقّرُهَا، فَتَحسَبُها أُسُوداً | ويطلقها فتحسبها ذئابا |
وَأعْطَتْهُ الرّؤوسَ مُسَوَّمَاتٌ | تَدُقّ بِهَا الجَنادِلَ وَالظّرَابَا |
إذا قَطَعَتْ بهِ شَأوأ بَلاهَا | بِأبْعَدَ غَايَة ً وَأمَدَّ قَابَا |
تجاوزه المقاول وهو باق | يَبُذّ رِقَابَ غُلْبِهِمِ غِلابَا |
كَنَصْلِ السّيْفِ تَسْلَمُ شَفرَتاهُ | وَيُخْلِقُ كُلّ أيّامٍ قِرَابَا |
اذا اشتجر القنا فصل الهوادي | وَإنْ قَرّ الوَغَى فَصَلَ الخَطَابَا |
بَلَى وَبَلَتْ يَداهُ مِنَ الأعَادي | أرَاقِمَ نُزَّعاً وَقَناً صِلابَا |
فَقَوّمَ بالأذى مِنها صِعَاداً | وذلل بالرقي منها صعابا |
وَغادَرَ كُلَّ أرْقَمَ ذي طُلُوعٍ | على الاعداء يدرع الترابا |
حذار بني الضغائن من جري | اذا ما الريب بادهه ارابا |
يَعَضُّ عَلى لَوَاحِظَ أُفعُوانٍ | فان سيم الاذى طلب الوثابا |
وَإنّ وَرَاءَ ذاكَ الحِلْمِ صَوْلاً | وان لتلكم البقيا عقابا |
وَلَوْ أنّ الضّرَاغِمَ نَابَذَتْهُ | تَوَلّجَ خَلْفَهَا أجَما وَغَابَا |
رماكم بالضوامر مقربات | يُزَاوِلْنَ المَحَانيَ وَالشّعَابَا |
ويعجلن الصريخ وهن زور | الى الأعداء يرسلن اللعابا |
فارعى من جماجمكم جميعاً | وامطر من دماءكم سحابا |
لك الهمم التاي عرف الاعادي | تَشُبّ بِكُلّ مُظْلِمَة ٍ شِهَابَا |
اذا خفقت رياح العزم فيها | تَبَلّجَ عَارِضٌ منهَا، فَصَابَا |
وَمُشرَعَة ِ الأسِنّة ِ ذاتِ جَرْسٍ | يقود عقاب رايتها العقابا |
تخوض الليل يلمع جانباها | كَأنّ الصّبحَ قَدْ حَدَرَ النّقَابَا |
لها في فرجة الفجر اختلاط | يَرُدّ الصّبْحَ من رَهَجٍ غِيَابَا |
وَتَغْدُو كالكَوَاكِبِ لامِعَاتٍ | تمزق من عجاجتها الحجابا |
يُصَافِحُها شُعَاعُ الشّمسِ حتى | كَأنّ على الظُّبَى ذَهَباً مُذابَا |
صَدَمتَ بهَا العَدُوّ، وَأنتَ تَدعو | نَزَالِ، فَأيُّ داعِيَة ٍ أجَابَا |
وَقَوّضْتَ الخِيَامَ تَذُبّ عَنها | أُسُودُ وَغًى ، وَأصْفَرْتَ الوِطَابَا |
رَأيْنَا الطّايِعَ المَيْمُونَ بَدْءاً | يَسُلُّكَ في النّوَائِبِ، وَاعتِقَابَا |
ولما جرت البيض المواضي | رآك من الظبي امضى ذبابا |
فالحمك العدى حتى تهاووا | وَلا دِمَناً تَحِسّ وَلا ضِبَابَا |
هناك قدوم اعياد طراق | تصوب العز ما وجدت مصابا |
وايام تجوز عليك بيض | وَقَدْ قَرَعَتْ مِنَ الإقْبَالِ بَابَا |
فكم يوم كيومك قدت فيه | عَلى الغُرَرِ، المَقانِبَ وَالرّكَابَا |
الى البلد الامين مقومات | يُمَاطِلُهَا التّعَجّلَ وَالإيَابَا |
بحيث تفرغ الكوم المطايا | حقائبها وتحتقب الثوابا |
مَعالِمُ إنْ أجَالَ الطّرْفَ فِيهَا | مُصِرُّ القَوْمِ أقْلَعَ، أوْ أنَابَا |
فَفُزْتَ بِهَا ثَمَانيَ مُعْلَمَاتٍ | نَصَرْتَ بِهَا النّبُوّة َ وَالكِتَابَا |
بَعَثْتُ لكَ الثّنَاءَ عَلى صَنيعٍ | إذا مَا هِبْتَ دَعوَتَهُ أهَابَا |
رغائب قد قطعن حنين عيسٍ | فلا نأيا اريغ ولا اغترابا |
وَقَبْلَ اليَوْمِ مَا أغمَدْنَ عَنّي | من الايام نائبة ونابا |