بالله يا نَسَماتِ النيل في السَّحَرِ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
بالله يا نَسَماتِ النيل في السَّحَرِ | هل عندَكُنَّ عن الأَحباب مِنْ خبَر؟ |
عرفتكنَّ بعرفٍ لا أكيفه | لا في الغوالي ، ولا في النَّورِ والزَّهَر |
من بعض ما مسح الحسنُ الوجوهَ به | بينَ الجبينِ، وبينَ الفَرْقِ والشَّعَر |
فهل عَلِقْتُنَّ أَثناءَ السُّرَى أَرَجاً | من الغدائر ، أو طيبا من الطُّرر؟ |
هجتنَّ لي لوعة ً في القلب كامنة ً | والجُرْحُ إنْ تَعْتَرِضْه نَسْمَة ٌ يَثُر |
ذكرت مصر ، ومن أهوى ، ومجلسنا | على الجزيرة بين الجسر والنَّهَر |
واليومُ أَشْيَبُ، والآفاقُ مُذْهَبة ٌ | والشمسث مصفرة ٌ تجري لمنحدر |
والنخلُ مُتَّشِحٌ بالغيم، تحسبُهُ | هِيفَ العرائسِ في بيضٍ من الأُزُر |
وما شجانيَ إلاّ صوتُ ساقية ٍ | تستقبل الليلَ بين النَّوْح والعَبَر |
لم يترك الوجدُ منها غيرَ أَضْلُعِها | وغيرَ دَمعٍ كصَوْب الغَيْثِ مُنْهَمِر |
بخيلة بمآقيها ، فلو سئلتْ | جَفْناً يُعين أَخا الأَشواقِ لم تُعِر |
في ليلة من ليالي الدهر طَيِّبَة ٍ | محا بها كلَّ ذنبٍ غيرِ مُغْتَفَر |
عفَّتْ ، وعفَّ الهوى فيها ، وفاز بها | عَفُّ الإشارة ِ، والأَلفاظِ، والنظر |
بتنا ، وباتت حناناً حولنا ورضاً | ثلاثة ٌ بين سمْعِ الحبِّ والبصر |
لا أكذب اللهَ ، كان النجمُ رابعنا | لو يُذْكرُ النجمُ بعد البدر في خبر |
وأَنصفَتْنا، فظُلمٌ أَن نُجازِيَها | شكوى من الطول، أَو شكوى من القِصَر |
دَعْ بعد رِيقَة ِ مَنْ تَهْوَى ومَنْطِقِه | ما قيل في الكأْس، أَو ما قيل في الوتر |
ولا تبالِ بكنزٍ بعد مبسمِه | أَغلى اليواقيت ما أُعْطِيتَ والدُّرَر |
ولم يَرُعْنِي إلاَّ قولُ عاذِلة ٍ | ما بالُ أَحمدَ لم يَحلُمْ ولم يَقِر؟ |
هلا ترفَّع عن لَهْوٍ وعن لَعِبٍ؟ | إن الصغائر تغري النفسَ بالصغر |
فقلتُ: للمجد أَشعاري مُسَيَّرة | وفي غواني العلا ـ لا في المها ـ وطري |
مصرُ العزيزة ُ، مالي لا أُودِّعُها | وداعَ محتفظٍ بالعهد مذكر |
خلَّفْتُ فيها القَطا ما بين ذي زَغَبٍ | وداعَ محتفظٍ بالعهد مدكر |
وذي تمائمَ لم ينهض ولم يَطِرِ | |
أسلمتهم لعيون الله تحرسُهم | وأَسلموني لظلِّ الله في البشر |