أنظر إلى الأقمار كيف تزولُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أنظر إلى الأقمار كيف تزولُ | وإلى وُجوهِ السَّعْدِ كيف تَحول |
وإلى الجبالِ الشمِّ كيف يميلها | عادي الرّدى بإشارة ٍ فتميل |
وإلى الرياح تخرُّ دون قرارها | صرعى عليهن الترابُ مهيل |
وإلى النُّسور تقاصرت أعمارها | والعهدُ في عمر النسورِ يطول |
في كلِّ منزلة ٍ وكل سمِيَّة | قمرٌ من الغُرِّ السُّماة ِ قتيل |
يهوي القضاء بها، فما من عاصمٍ | هيهات! ليس من القضاءِ مُقيل |
فتحُ السماءِ ونورُها سكنا الثرى | فالأَرضُ وَلْهى ، والسماءُ ثَكول |
سِرْ في الهواءِ، ولُذ بناصية ِ السُّها | الموتُ يرفرفُ فيه عزرائيل |
ولكلّ نفسٍ ساعة ٌ، مَنْ لم يَمُتْ | فيها عزيزاً مات وهو ذليل |
أَإلى الحياة ِ سَكنْتَ وهْي مَصارعٌ | وإلى الأماني يسكنُ المسلولَ؟ |
لا تحفلنّ ببؤسها ونعيمها | نعمى الحياة ِ وبؤسها تضليل |
ما بين نَضرَتِها وبين ذُبولِها | عمرُ الورودِ، وإنه لقليل |
يجري من العبَراتِ حولَ حديثِه | ما كان من فرحٍ عليه يسيل |
ولرُبَّ أَعراسٍ خَبَأْن مآتماً | كالرُّقْط في ظلِّ الرياضِ تقيل |
يا أيها الشهداءُ، لن ينسى لكم | فتحٌ أَغرُّ على السماءِ جميل |
والمجدُ في الدنيا لأَوّلِ مُبْتنٍ | ولمن يشيد بعده فيطيل |
لولا نفوسٌ زُلْنَ في سُبُل العُلا | لم يهدِ فيها السالكين دليل |
والناسُ باذلُ روحه، أو مالهِ | أَو علمِه، والآخرون فُضول |
والنَّصْرُ غرَّتُه الطلائعُ في الوغَى | والتابعون من الخميس حُجول |
كم ألف ميلٍ نحو مصرَ قطعتمُ | فِيم الوقوفُ ودون مصر مِيل؟ |
طوروسُ تحتكم ضئيلٌ، طرْفُه | لمّا طلَعتم في السحاب كَلِيل |
ترخون للريح العنان، وإنها | لكمُ على طغيانها لذلول |
إثنين إثر اثنين، لم يخطر لكم | أنّ المنيّة ثالثٌ وزميل |
ومن العجائب في زمانِك أَن يَفِي | لك في الحياة ِ وفي الممات خليل |
لو كان يفدّى هالكٌ لفداكمُ | في الجوّ نسرٌ بالحياة بَخيل |
أيُّ الغُزاة ِ أُولِي الشهادة ِ قبلكم | عرضُ السماءِ ضريحهم والطول؟ |
يغدو عليكم بالتحية ِ أهلها | ويرفرفُ التسبيح والتهليل |
إدريسُ فوقَ يمينهِ ريحانة ٌ | ويَسوعُ فوق يمينِه إكليل |
في عالم سكانه أنفاسهم | طيب، وهمسُ حديثهم إنجيل |
إني أخاف على السماء من الأذى | في يومِ يفسد في السماءِ الجيل |
كانت مطهَّرة الأَديمِ، نَقِيَّة ً | لا آدمٌ فيها، ولا قابيل |
يَتوجَّه العاني إلى رحماتِها | ويرى بها برقَ الرجاءِ عليل |
ويُشيرُ بالرأْس المُكَلَّلِ نحوَها | شيخٌ، وباللحظ البريءِ بتول |
واليومَ للشهواتِ فيها والهوى | سَيْلٌ، وللدَّمِ والدموعِ مسيل |
أضحتْ ومن سفن الجواءِ طوائفٌ | فيها، ومن خيل الهواءِ رَعيل |
وأزيل هيكلها المصونُ وسرُّه | والدهرُ للسر المصون مذيل |
هلِعَت دِمشْقُ؛ وأَقبلَتْ في أَهلها | ملهوفة ً، لم تدر كيف تقول |
مشت الشجونُ بها، وعمَّ غياطها | بينَ الجداولِ والعيونِ ذُبول |
في كلِّ سهلٍ أَنة ٌ وَمناحة ٌ | وبكلِّ حَزْنٍ رنَّة ٌ وعويل |
وكأَنما نُعِيَتْ أُميَّة ُ كلُّها | للمسجد الأُمَوِيِّ، فهْوَ طُلول |
خضَعَتْ لكم فيه الصفوفُ، وأُزْلِفَتْ | لكمُ الصلاة ُ، وقربَ الترتيل |
من كل نَعْشٍ كالثُّريّا، مَجْدُه | في الأَرضِ عالٍ، والسماء أَصيل |
فيه شهيدٌ بالكتاب مكفنٌ | بمدامع الروحِ الأَمين غَسيل |
أَعواده بين الرجالِ، وأَصلُه | بين السُّهى والمشتري محمول |
يَمشي الجنودُ به، ولولا أَنهم | أولى بذاكَ مشى به جبريل |
حتى نزلتم بُقعة ً فيها الهوى | من قبلُ ثاوٍ، والسماحُ نَزيل |
عَظُمَتْ، وجلَّ ضَريحُ يوسفَ فوقَها | حتى كأَنّ الميْت فيه رسول |
شعري، إذا جبتَ البحار ثلاثة ً | وحواكَ ظلُّ في فروقَ ظليل |
وتداولَتْكَ عصابة ٌ عربيّة ٌ | بينَ المآذنِ والقِلاعِ نُزول |
وبَلغْتَ من بابِ الخِلافة ِ سُدَّة ً | لستورها التَّمسيحُ والتقبيل |
قلْ للإمام محمدٍ، ولآله | صبرُ العظامِ على العظيم جميل |
تلك الخطوبُ ـ وقد حملتم شطرَها ـ | ناءَ الفراتُ بشطرها والنيل |
إن تَفقِدوا الآسادَ أَو أَشبالَها | فالغابُ من أمثالها مأهول |
صبراً، فأجرُ المسلمينن وأجركم | عند الإله، وإنه لجزيل |
يا من خلافته الرَّضيَّة ُ عصمة ٌ | للحقِّ، أنت بأن يحقّ كفيل |
والله يعلم أنّ في خلفائه | عدلاً يقيم الملكَ حين يميل |
والعدلُ يَرفع للممالك حائطاً | لا الجيشُ يرفعه ولا الأُسطول |
هذا مقامٌ أنت فيه محمدٌ | والرفقُ عند محمدٍ مأمول |
بالله، بالإسلام، بالجرح الذي | ما انفكَّ في جنب الهلال يسيل |
إلا حللتَ عن السجين وَثَاقَه | إنَّ الوثاق على الأسود ثقيل |
أيقول واشٍ، أو يردِّدُ شامتٌ | صنديدُ برقة موثقٌ مكبول؟ |
هو من سيوفِك أَغمدُوه لريبة ٍ | ما كان يُغمَدُ سيفُك المسلول |
فاذكر أميرَ المؤمنين بلاءه | واستبقه، إن السيوفَ قليل |