هجر الوساد فبات غير موسَّد
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
هجر الوساد فبات غير موسَّد | وَأَذَابَهُ وِرْدُ الحِمَامِ المورَدِ |
شَرعَ المكارِهَ منَ تَوَجَّهَ غَادِياً | يا للرجال لما يروح ويغتدي |
وبياض يوم قد سحبت وليلة | قَدْ بِتُّهَا غَرَضَ الْهُمُوم العُوَّدِ |
وَكَأنّ هَمِّي والظَّلاَمَ تَوَاعَدَا | عندي فكل قد وفا بالموعد |
جاشت جنودهما علي فلم أنم | وبَدَا وَقَدْ بَلَغَتْ بغير تَبَدُّدِ |
إِنَّ الَّتِي سَبَعَتْ عدوه أصْبَحَتْ | عمَّا لَقِيتَ كَغَائبٍ لمْ يَشْهَدِ |
ملأت حشاك وربما ملأ الحشا | وجدٌ بحمدة مثلهُ لم يوجد |
إذ أنت مشتغلُ الفؤاد بذكرها | صب وإذ هي من بنات المسجد |
لَوْ أنَّ أرْمَدَ لاَ يُجلَّى نَظْرَة ً | تَبْدُو له كَانَتْ شِفَاء الأَرْمدِ |
أيام يحسدها الثنا جاراتها | وَسْطَ النِّسَاءِ وَمِثْلُهَا فَلْيُحْسَدِ |
.... خَاه لا فِي الَّتِي | تَصِلُ النِّسَاءَ لَهُ هَوى المتأوِّدِ |
.....شفق من هواك ولم أخف | عجل المنايا والردى في المرصد |
......يخزنك الثرى | ريا كغصن البانة المتأوِّد |
لا تَبْعَدَنَّ وأيْنَ مَنْ فَارَقْتُه | أَمْسَى بِمِثْلِ سَبِيلِها لمْ يَبْعَد |
إنَّ الَّتِي كَانَتْ هَوَاك فَأصْبَحَتْ | تحت السفائف في الثرى المتلبِّد |
لَيْسَتْ بسامِعة ٍ وَإنْ نَادَيْتَهَا | منك السلام كذلك الميتُ الرَّدى |
أَحُمَيْدُ إِنْ تَرِدِ المُصَابَ فَإِنَّنا | رَهْنُ النُّفُوسِ بمثل ذاك المورد |
وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ وَإِنْ بعُدَ المَدَى | عَنَقٌ تَتَابَعَ كُلُّهُمْ فِي مِقْوَدِ |
أصْبَحْتُ بَعْدَكَ كالمُصَابِ جَنَاحُهُ | يبكي لجانبه إذا لم يسعد |
حران فارق إلفه ونأى به | دَهْرٌ يَعُودُ عَلَى سَوَادِ الْمَوْجِدِ |
مِمَّا يُعَزِّي الْقَلْبَ بَعْدَكِ أنَّنِي | في الْيَوْمِ جَارُكِ ياحُمَيْدَة ُ أوْ غَدِ |
نَفِدَ الزَّمَانُ وَمِنْ حُمَيْدَة َ لَوْعَة ٌ | بين الجَوانِحِ حَرُّهَا لَمْ يَنْفَدِ |
يُبْدِي الضَّمِيرَ إِذَا عَرَفْتَ لَهُ بِهِ | لوناً كخافية الغراب الأسود |
بيضاء لَبَّسَهَا الحَيَاءُ عَفَافَهُ | فضل القناع إذا خلت لم توصد |
فَأتَتْكَ فِي جَدَثِ الضَّرِيحَة ِ خُلَّة ٌ | يا خُلَّة ً لكِ في الضَّرِيحِ المُلْحَدِ |
فالآن أغدو ما يكون بغيره | غَلَبَتْ وطُول صَبَابَة ٍ وتبلُّدِ |
قَدْ كُنْتُ أَذْكُرُ منْ عُبيْدة َ بصة ً | وأعف عن شغب اللسان وفي اليد |
وأرى حراماً أن يحل محلها | مني امرؤ بصداقة وتودد |
وَلَقَدْ أقُولُ غَدَاة َ يَنْأى نَعْشُهَا | صَلَّى الإِله عَلَيْكِ أمَّ مُحَمَّدِ |
فلقد تركت كبيرة ً محزونة ً | وَأخَا إِخَاء عَيْنُهُ لَمْ تَجْمُدِ |
بردت على كبد المصاب وأصبحت | مِنِّي نَوَافِذُ حَرِّهَا لَمْ تَبْرُد |