فرار الضياء
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
في يومِ غَيمٍ قد أشاحَ أصيلُهُ | متلفِّعاً بستائرٍ حمراءِ |
نازعتُ بالآفاقِ ضوءاً شاحباً | فأطاحَ بىْ مستنجداً بِذُكاءِ |
وجَثا الضياءُ فَفَرَّ من طرقِ الدنا | ورأيتُه يطفو على الإمسَاءِ |
واحتارَ مني اللبُّ في غَمراتِهِ | وجرى الفؤادُ محطماً أرجائى |
فمشيتُ مُتَّئداً أَجُرُّ خواطري | وأُبَعثِرُ النظراتِ رَهنَ شقائى |
وزَحفتُ في وادي الزّمانِ وربْعه | والناسُ تنهلُ من دِنانِ هواءِ |
واخترتُ في تَلِّ المعانى ربوةً | وجلستُ أنثر للفضا آرائى |
وارتادَ طرفى من حِيالى روضةً | وصدرتُ أرفل في رُبا الجوزاءِ |
وشربتُ من شَفَقِ المغاربِ سلسلاً | جادت به سُحبٌ دَنَتْ لسمائى |
عينٌ من الطُّهرِ القديمِ تفجرت | مُزِجت بفيض عُذوبةٍ وَصَفاءِ |
لكنَّما الرعُد المزمجرُ غاضباً | قد صاحَ مندفعاً بِكُلِّ فَضَاءِ |
قالوا : الحياةَ سقيمةٌ وربوعها | تَجثو على النزوات والأهواءِ |
فهربتُ من داءٍ تفيَّأَ حُسنَها | والناسُ تبحرُ في خِضمِّ دماءِ |
يتساءلونَ عن الجَمالِ خُدورِهِ | وعنِ السعادةِ طوَّفَت بِشِفَاءِ |
عرفَ الجَمالُ إلي النفوس مكامناً | فأَراه منها دانِياً بتنائى |
فَهْو المُشِعُّ بلا ضياءٍ في دُجىً | وهو المضئُ بلا شعاعِ ضِياءِ |
وهو المسربِلُ من تَدانى في الضُحى | يشدو بأرضِ البُؤسِ للبُؤَساءِ |
ولقد ظَفرتُ على الرياض بِزهرةٍ | شهباءَ تَرقصُ في دُنَا الأشذاءِ |
تخِذَ الجمالُ مَساكِناً بضِفافِها | وغَفَى على أَندائها بِهنَاءِ |
والكونُ مُتكئٌ بِسُوحِ عَبيرهِا | نَهَلَ الحُبورَ وَنامَ في استرخاءِ |
فدفنتُ نَفسي في جُمانِ حُبورِهِ | وسَكَبتُ رُوحي فانتَشَتْ أعضائى |
وهناكَ ما بين الضبابِ وفي تُقىً | مازِلتُ أرفلُ في وُفُودِ مَضائى |
وَتَحسَّسَتْ كَفِّى خيالاً سارياً | رَقَصَ الحنينُ بسوحِهِ الشمَّاءِ |
وَاْشتَرتُ مِنْ روضِ الحياةِ موائداً | ومع الرياحِ تطايرتْ لأوائى |
وَقَصدتُ دنيا الناسِ أَحملُ مِزوَدى | عَلِّى أَبثُ الهَدْىَ في الأَهواءِ |
جَابَ الجمالُ ضِفافَ أوديةِ الدُنا | والناسُ تُبحِرُ في دُجىً ودِماءِ |
فارجِعْ فديتُكَ يا ضياءُ لِدَربهم | فالناسُ تُبحرُ في الدُنا لِرجاءِ |
عَرِفُوا الجمالَ مُيمِّماً شَطْرَ الشقا | عَرِفُوهُ مُرتاداً دُنا النَّعماءِ |
فاليكَ عُدْ يا نُورُ تَحمُدُ سَعْيهم | فهناكَ من يهفُو لأىِّ دَوَاءِ |