زهرٌ على نَبتٍ تَهاتَفَ مِن ثَناياهُ المغيبْ |
قد أَرجَفَت سِيقَانَه ريحٌ مُعربدةٌ غَضُوبْ |
قد رَابَهُ عَصْفٌ .. فأَجفَلَ حيثُ أَجفلتِ السُّهوبْ |
وَتعثرتْ منِّي الخُطَى أْمشِي على ذاكَ الكَثيبْ |
وَنظرتُ للأطيارِ تَشدو ثم تشدو عن شُحُوبْ |
وَتُرتِّلُ الأَلحانَ تَنْثُرُ في الفضا اللَحنَ المَشُوبْ |
هوَ لَحنُ دنياها تدثَّرَ في السما لَونَ الغروبْ |
* |
قد جاءَ في الناموس قولٌ يا عصافيرَ الهُروبْ |
خَبرٌ بأن الكونَ يبسُمُ للحياةِ على الكُروبْ |
يرتادُ ليلاتِ العَناءِ تَنوحُ في كهفِ النحيبْ |
لِيُكَفكِفَ الدمعَ الهتُونَ تَجلَّلَ الخدَّ الكئيبْ |
والكونُ يرنُو للحياةِ لينشرَ الأَملَ الطَّرُوبْ |
لِتُزَغردَ الآمالُ والأحلامُ في عَتَمِ القُلوبْ |
والكَونُ يضحكُ إن تَنازعَتِ الخُطا منه الدروبْ |
أنغامُه تنصاعُ في شَغَفٍ لتحتضِنَ الشُعوبْ |
أَحلامُهُ الأطفالُ تَلهو شاقَهم شفقُ المغيبْ |
لكنْ أرى أَحلامَهُ الكُبرى ينازعُها الوجيبْ |
وأَرى فؤادِى من صَبابَتِهِ على الشوقِ العجيبْ |
قد سَارَ في شَفَقٍ معَ الساعاتِ للعصر القريبْ |
مُتَشَمِّراً ليهُزَّ ما بالنفسِ من حُسنٍ جَنِيبْ |
ليحطَّمَ الحلُمَ البديعَ فينتَهي الأَمَلُ الخَضِيبْ |
ويصوغَهُ نَعشاً فتنمو في طواياه الخُطوبْ |
وأَراهُ مرتحلاً عنِ الدنيا إلى نَفَقٍ مُهيبْ |
يا ليتَ عُمْراً يُشْتَرَى عَن وَقْفة ِاليومِ العَصِيبْ |
* |
أَمَلٌ ويومُ البعثِ في الأيامِ فَتَّاكٌ صَليبْ |
بَسماتهُ تكشيرُ مَن في فاهِهِ طَغتِ النُيوبْ |
تجرى الخُطى منى وتسعى نحو خندقِهِ الجليبْ |
هرعت لتنهى كلَّ ما بالنفس من حُسنٍ حَبيبْ |
لترودَ سِردَابَ الفنا في عُمره الأبدى الرهيبْ |
أوَ هْل تَرانى مُذعِناً إذّاك للخطبِ المُهِيبْ |
فَلَسوفَ أَرحَلُ يا رُبى الأَيامِ عن وادٍ خَصيبْ |
وَلسوفَ أَرحَلُ ياضحى الدنيا عن الشطَّ الرطيبْ |
أَوَ تذكُرُ الربواتُ قلباً في حناياها يَجُوبْ |
أَوَ تذكُرُ الأقمارُ طفلاً قد تلاعَبَ في الدروب |
أوَ يَدَّكِرْنى الحسنُ ؟؟ إنى كنت مسرحَه الرحِيبْ |
وَلَسوفَ يمضى يا غمامَ الطلِّ قلبٌ لَنْ يَؤوبْ |
وودَاعكُم يا أيها الأجيالُ ولتحيا عَرُوبْ |
والى اللقاءِ بيومِ يصعَقُ كلَّ ناحيةٍ دَبيبْ |
يومٌ له وَقعٌ على الأَنفاسِ مِرنانٌ غريبْ |
فهناك من خلفِ الحياةِ ورِمسِها يخبو اللغوبْ |
وَهُناكَ في الجنات مَعنىً ليس تدركُهُ القلوبْ |
وهناكَ أَنغام تَراوحُ بينَ أَمواجِ الطيوبْ |
والحسنُ ضَوَّاعٌ على الأعرافِ من عَرفٍ لَهيبْ |
زَهرٌ تراقَصَ في الضحى وَهناً بذياك القضيبْ |
هَل أَذعَنَتْ نفْسي أَيا زَهرِي فمالك لا تُجيبْ ؟ |