أرشيف المقالات

تفسير آية: وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
تفسير آية: ﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا ﴾


قال تعالى: ﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [الأنعام: 136].

سبب نزول هذه الآية:
أن المشركين كانوا يفرزون لله جزءًا مِن حروثهم وأنعامهم لقرى الأضياف والإنفاق على المساكين، ويفرزون لأصنامهم جزءًا آخر لسدنتها، ولم يكتفوا بهذا الجُرم الشنيع، بل كانوا يؤثرون آلهتهم على الله تعالى، فكانوا إذا حملت الريح شيئًا مِن النصيب المجعول لله، وألقته على المجعول لآلهتهم، ترَكوه ولم يردُّوه، وإذا حملتْ شيئًا من المجعول لآلهتهم وألقته على المجعول لله ردوه، وإذا تلف المجعول للأصنام أخذوا مكانه مِن المجعول لله، وإذا تلف المجعول لله لم يجعلوا مكانه شيئًا.


والغرَضُ الذي سِيقَتْ له: بيان سفاهة المشركين وفساد عقولهم.


ومناسبتها لما قبلها: أنه لما بيَّن تعالى قُبح طريقتهم مِن تحليل الحرام وتحريم الحلال وسوء معتقدهم، عقبه بذِكْر أنواع أُخَر من أفعالهم القبيحة، وجرائمهم الشنيعة.

وقوله: ﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا ﴾ (الواو) للاستئناف، و(جعلوا): أي صَيَّروا، و(الضمير) للمشركين، والمفعول الأول ﴿ مِن ﴾ في قوله: ﴿ مِمَّا ذَرَأَ ﴾ على أنها تبعيضية، والمفعول الثاني: ﴿ نَصِيبًا ﴾ و﴿ لِلَّهِ ﴾ متعلق بِجَعَل، و﴿ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ ﴾ متعلق بذَرَأَ.

ويجوز أن يكونَ ﴿ جَعَلُوا ﴾ بمعنى: فرزوا وعينوا، فهي تتعدى لواحد وهو: ﴿ نَصِيبًا ﴾، وعلى هذا فقوله: ﴿ لِلَّهِ ﴾ متعلق بـ﴿ جَعَلُوا ﴾، وكذلك ﴿ مِمَّا ذَرَأَ ﴾.


وقوله: ﴿ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ ﴾ بيان لـ(ما)، وعلى هذا فـ(من) بيانية، والتقييد بهذه القيود للتنبيه على فرط جهالتهم، و(ذرأ) بمعنى خَلَق، والحَرْث: الزَّرع، و(الأنعام): الإبل والبقر والغنم، و(النصيب): الجزء، وفي الكلام حذفٌ دلَّ عليه ما بعده، والتقدير: وجعلوا لأصنامهم نصيبًا كذلك.

وقوله: ﴿ فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ ﴾ إلى آخر الآية.
(الفاء) فيه تفسيرية، فالجملةُ تفسيرٌ لجعلوا، و(الزعم) الكذب، وقد قُرئ بفتح الزاي وضمها، والمعنى واحد، وتقييدُ الأول بالزعم للإشارة إلى أنهم لا يعملون بمقتضاه؛ ولهذا لم يقيد به الثاني.

وقوله: ﴿ فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ ﴾ إلى آخر الآية بيانٌ وتفصيل لهذا الزعم.

وقوله: ﴿ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ (ساء) بمعنى: قبح، والمخصوص بالذم محذوف، تقديرُه حكمهم؛ يعني: قسمتهم الفاسدة.


ما يُؤخذ مِن الآية:
1 - جهالة المشركين.

2 - جورهم.

3 - إيثارهم لآلهتهم على الله.

شارك الخبر

المرئيات-١