وصايا مهمة للموظفين
مدة
قراءة المادة :
10 دقائق
.
وصايا مهمة للموظفينبسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد خدمت في الوظيفة الحكومية حوالي ثلاثين عامًا فكانت هذه الوصايا للموظفين استفدتها من تجربتي الطويلة سطرتها لينتفع بها إخواني الموظفون خاصة الجدد في القطاعين الحكومي والأهلي، وأسأل الله التوفيق والإخلاص والنفع بها.
أولًا - أخي الموظف الكريم عليك بأهم أمر يجب عليك في كل أعمالك الدينية والدنيوية وهو الإخلاص لله سبحانه حتى يُبارك لك في عملك وفي راتبك، قال – سبحانه -: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27].
فبالإخلاص ينقلب عملك الدنيوي إلى طاعة لله.
ثانيًا - عليك بالدعاء لأنك ضعيف بدون توفيق الله تعالى لك فاسأل الله دائمًا الإعانة والتوفيق.
ثالثًا - الأمانة: احرص على أن تكون أمينًا في حسن أداء العمل وحفظ أسراره وحسن خدمة إخوانك المراجعين.
رابعًا - عليك بالصدق دائمًا مع الرؤساء والزملاء والمراجعين وإياك والتساهل بالكذب على أحد منهم فهو محرم ومن صفات المنافقين ويؤدي لفقدان الثقة فيك مستقبلًا قال الله - سبحانه -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: ١١٩].
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إنَّ الصِّدقَ يَهْدِي إِلَى البرِّ، وَإِنَّ البر يَهدِي إِلَى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا».
متفق عليه.
خامسًا - عدم الاستجابة للمثبطين:
لا تستجب للمثبطين الذين يُزهدونك في الإخلاص والجد، مثل قول بعضهم: « ما أحد درى عنك وعن تعبك وكله سوا تتعب نفسك والا تريحها».
سادسًا - التعامل مع الله عز وجل لا مع البشر:
أنت في عملك الوظيفي تتعامل أولًا مع الله سبحانه بالإخلاص والحرص على سلامة راتبك وعلى نزاهة عملك ثم تتعامل بعد ذلك مع رؤسائك ومع التعليمات المنظمة للعمل؛ ولذا فلا تربط أبدًا بين جهدك وإخلاصك وبين تقديره أو عدم تقديره من الرؤساء فبعض الناس لقصور إخلاصهم وقصور فهمهم إن تم تقديرهم ازدادوا نشاطًا وإن همشوا تكاسلوا وثبطوا غيرهم وهذا خطأ بيّن فليكن نصب عينك دائمًا أن الإخلاص والجد لا علاقة لهما بتقدير البشر بل لأن الله سبحانه أمرنا بالإخلاص وأداء الأمانة كما ينبغي والله سبحانه يعلم بإخلاصك ويثيبك.
سابعًا - العمل ليس مقايضة بل أمانة:
ولذا فإذا حصل لك عدم تقدير لجهدك وتأخر في ترقيتك فاستمر في وسعك ونشاطك المعهود في عملك واعمل الآتي:
أ- ادعو الله كثيرًا بأن ييسر الله ما فيه خير لك فالدعاء مهم جدًّا ولا يستهان به أبدًا قال سبحانه: ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].
ب- راجع سيرتك العملية فقد يكون عندك قصور وإخفاقات لم تنتبه لها؛ لأنه يوجد من الموظفين من يتذمر من عدم تقديره ويزكي نفسه بينما عنده أخطاء وقصور في عمله سببت له ما يعاني من معاتبات أو نقص في تقاريره.
ج- أكثر من الاستغفار فقد يكون ما أصابك بسبب ذنوبك.
د- طالب بالطرق الصحيحة بحقوقك.
هـ- فإن لم تجد تجاوبًا فلك أن تبحث عن جهة أخرى تجد فيها التقدير.
ثامنًا - ضرورة فهم الأنظمة وحسن التعامل معها، أقول هذا لأني وجدت بعض الموظفين على طرفي نقيض فبعضهم يفهم الأنظمة فهمًا حرفيًا متشددًا ليس فيه فسحة أو تيسيرًا بينما ذلك موجود في بعضها، فأقول لهؤلاء يسروا ولا تعسروا بشروا ولا تنفروا، واعلموا أن الأنظمة الإدارية أقسام هي:
أ- ما نصه واضح الدلالة فهذا النوع ليس لك مفر من تنفيذه حرفيًّا.
ب- وقسم محتمل لكل الوجوه ففيه مجال للتيسير فخذ بالتيسير.
ج- وقسم واضح الدلالة بالتيسير.
تاسعًا - الخوف الزائد وراء كل تشديد:
فكن قويًّا شجاعًا منضبطًا غير متهور؛ حتى لا تؤذي عباد الله بتخوفاتك ووساوسك ولا تؤذي نفسك بالوقوع في تفريط يعرضك للمسائلة والتأديب.
عاشرًا - عدم الانشغال بالهاتف في غير خصوصية العمل.
بعض الموظفين هداهم الله تقف عند مكتبه وهو مشغول عنك بمكالمة في خصوصياته، وهذا تصرف غير لائق أبدًا ويُعطي انطباعًا بالاستهتار بمشاعر الناس.
حادي عشر - التعاون مع الزملاء:
فلو غاب زميلك لساعة أو يوم لظرف ما فلا تعطل المراجع بحجة أن الذي عنده المعاملة غير موجود.
ثاني عشر - الابتسامة والتقدير والرد على السلام بأحسن منه، فهي فضلًا عن أنها أوامر إلهية ونبوية نثاب على التزامها فهي أخلاق عالية نكسب بها قلوب الخلق وندخل السرور عليهم قال سبحانه: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴾ [النساء: 86].
وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ» رواه الترمذي، وصححه الألباني (سنن الترمذي؛ برقم: [1956]).
قال الإمام المناوي: "«تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ» يعني: إظهارك له البَشَاشَة والبِشْر إذا لقيته، تؤجر عليه كما تؤجر على الصَّدقة".
وقال الإمام ابن بطَّال: "فيه أنَّ لقاء النَّاس بالتَّبسُّم، وطلاقة الوجه، من أخلاق النُّبوة، وهو مناف للتكبُّر، وجالب للمودَّة".
الثالث عشر - الحرص على النفع وكسب الأجر:
ففي العمل مجالات كثيرة لكسب الحسنات وذلك بأمور كثيرة منها: الإخلاص، والجد، والتيسير، والشفاعة الحسنة.
الرابع عشر - احذر التساهل بالسرقات البسيطة مثل القلم والورق..
فهي تُجرئ على السرقات الكبيرة.
الخامس عشر - نم مبكرًا واستيقظ مبكرًا وأد صلاة الصبح في المسجد وحافظ على أذكار الصباح وعلى تلاوة القرآن؛ لأن السهر يفوت عليك هذه العبادات فتأتي للعمل كسلانًا مُتجهم الوجه يضيق صدرك بأي مناقشة من زميل أو مراجع.
السادس عشر -كن شديد الحذر من الظلم للزملاء وللمراجعين، وإياك والاستجابة لكل ادعاء بالظلم وتثبت، قال – سبحانه -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6].
السابع عشر- احذر من التحريض على زملائك مرؤسين ورؤساء مهما أساءوا لك.
الثامن عشر - إياك وشهادة الزور فهي من الكبائر ومن الظلم، قال - سبحانه – منها: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ [الفرقان: 72].
قال الشيخ ابن باز - رحمه الله -: (شهادة الزور من أعظم الكبائر، ومن أعظم المنكرات، وفيها ظلم للمشهود عليه بالزور، فالواجب على كل مسلم أن يحذرها وأن يبتعد عنها لقول الله سبحانه: ﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ﴾ [الحج:30]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المتفق عليه: « ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثًا، قلنا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت".
يعني: حتى قال الصحابة: ليته سكت إرفاقًا به عليه الصلاة والسلام لئلا يشق على نفسه، كررها كثيرًا ليحذر منها؛ لأن بعض الناس يتساهل فيها، وربما يعطى مالًا ليشهد بالزور).
ومن شهادة الزور الجور في تقاريرك عن الموظفين.
التاسع عشر - كف لسانك عن أعراض إخوانك فلا تغتب زملاءك ولا رؤساءك، فإن لحظت شيئًا فناصح واترك الغيبة والنميمة فهي من كبائر الذنوب، ومهلكة للحسنات.
العشرون - لا يشغلك العمل أبدًا عن الصلاة.
الواحد والعشرون - إياك ومهلك الراتب الشراء بالتقسيط إلا في ضرورة قصوى.
الثاني والعشرون - اجتنب كثرة الاستئذان إلا عند الضرورة.
الثالث والعشرون - التحق بدورات تزيدك فهمًا لعملك ولأنظمته.
الرابع والعشرون - احذر بشدة أبواب الرزق المحرمة مثل الكذب والرشوة والتزوير لأنها من الكبائر ولأنها مصدر للرزق الحرام وقد تُكتشف فتكون قاصمة للظهر عقوبات وسجن وفصل وفضيحة، حفظكم الله وزادكم توفيقًا وإخلاصًا، وصل اللهم على نبينا محمد ومن والاه.
كتبه
الموظف المتقاعد
عبدالعزيز بن صالح الكنهل