من ينهي الحكاية - مذكرات مرابطة (1)
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
النبؤة:لا زالت دموع جدّتي تنير لي الطريق، ولا زلتُ أتمسّك بنبوءتها وأمنيتها التي حدثتني بها في سنواتي القليلة الأولى من بين دموعها وهي تسمعني أردّد إحدى الأغنيات "يا ريت يا ستي صوتك هاد اسمعه في خدمة الأقصى وتدريس القرآن".أمنيتها الصادقة هذه وجدت في روحي متكأً فاطمأنت به، وتعلّقتُ بها في كلّ سنين حياتي، في جلستي الهادئة مع جدتي في ساحات الأقصى تحدّثني القصص والحكايات، في كيس جدتي الفارغ الذي كانت تناولني إيّاه لأضع فيه النفايات المترامية في ساحة المسجد وهي تحدّثني عن بركة إعمار المساجد، وحتى بعد أن كبرتُ وأنجبتُ أبنائي، وتخرجتُ من الجامعة، لا زالت أمنية جدتي حلماً يلاحقني.ولا زال الحلم يجالسني وأنا على مقاعد الإجازة القرآنية في أحكام التجويد، ويهدهدني وأنا أهدهد أطفالي ليناموا، ويرن في أذنيّ وأنا أجالس أهلي في ساحات الأقصى قبيل الغروب.لا بدّ أن أخطو خطوةً جادّةً لتحقيق حلم جدّتي التي أصبحت منذ بضعةِ سنينٍ تحت الترابِ تحتاج عملاً صالحاً في ميزانها، وبعد أن أصبح أصغر أبنائي في المدرسة.ظللتُ أدعو الله أن يسخّرني لخدمة بيته العظيم، وأُلحّ عليه في الدعاء موقنةً بالإجابة، مستأنسةً بدعاء جدتي الحنون -رحمها الله- حتى سمعتُ أنّ هناك مشروع مصاطب العلم في ساحات الأقصى، بحثتُ عن مصدره فوجدتُ أنه قائم بسواعد الإخوة في الداخل المحتل جزاهم الله خيراً بإيعاز من الشيخ رائد صلاح حفظه الله.سارعتُ بالبحث عن شاغرٍ أشغله بين معلّمات المصاطب، وظلّ الأمل يرافقني، واليقين بالله يحذوني، رغم أنّه لم يكن هناك شواغر حين تقدمت بالطلب، وكان يشترط بالمتقدّم للتدريس أن يحوز شهاداتٍ عليا ولا أملكها، إلّا أن النبوءة تحققت، واستجاب الله دعاء الجدة الذي ظلّت طفلتها الصغيرة تردّده حتى كبرت.وهنا بدأت الحكاية...يتبع...