رحم الله الخليفة - أبو الهيثم محمد درويش
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
رضي الله عن عمر، حكم فعدل فأمن فنام.. وما قتله إلا عدو حاقد من أبناء المجوس، نصح عمر للأمة وحافظ على دماء أبنائها، وخاف الله في أموالها، وحض على سترة نسائها، ووسع من رقعة أرضها ودخل الناس في عهده في دين الله أفواجًا..
والله هذا هو الخليفة، ولله دره يوم قال خطيباً: خطب عمر رضي الله عنه فقال بعد ما حمد الله، وأثنى عليه، وصلَّى على النَّبي صلى الله عليه وسلم: "أيها النَّاس! إنَّ بعض الطَّمع فَقْر، وإنَّ بعض اليأس غِنى، وإنَّكم تجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تدركون، وأنتم مؤجَّلون في دار غرور، كنتم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تُؤْخَذون بالوحي، فمن أَسَرَّ شيئًا أُخِذ بسريرته، ومن أعلن شيئًا أُخِذ بعلانيته..
فأَظْهِروا لنا أَحْسَن أخلاقكم، والله أعلم بالسَّرائر، فإنَّه مَنْ أَظْهَر شيئًا، وزعم أنَّ سريرته حسنة لم نصدِّقه، ومن أَظْهَر لنا علانية حسنة ظننَّا به حسنًا، واعلموا أنَّ بعض الشُّح شُعبة من النِّفاق، فأنفقوا خيرًا لأنفسكم، ومن يُوق شحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون..
أيُّها النَّاس! أطيبوا مثواكم، وأصلحوا أموركم، واتَّقوا الله ربَّكم، ولا تلبسوا نساءكم القَبَاطي، فإنَّه إن لم يَشِفَّ فإنَّه يَصِف.
أيُّها النَّاس! إنِّي لوددت أن أنجو كفافًا، لا لي ولا عليَّ، وإنِّي لأرجو إنْ عُمِّرت فيكم يسيرًا أو كثيرًا أنْ أعمل بالحقِّ فيكم -إن شاء الله-، وألَّا يبقى أحد من المسلمين -وإن كان في بيته- إلَّا أتاه حقُّه ونصيبه من مال الله، ولا يعمل إليه نفسه، ولم ينصب إليه يومًا..
وأصلحوا أموالكم التي رزقكم الله، ولَقَليل في رِفْق، خيرٌ من كثير في عُنْف، والقتل حَتْف من الحُتُوف، يصيب البرَّ والفاجر، والشَّهيد من احتسب نفسه، وإذا أراد أحدكم بعيرًا فليعمد إلى الطَّويل العظيم فليضربه بعصاه، فإنْ وجده حديد الفؤاد فليشتره" (أنساب الأشراف).