مع صادق الشعر
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
ثغور القوافي حينما تتبسم | يرف لها قلب ويشدو بها فم |
وتروي الليالي حديثها | حديثاً به ريح الصبا تترنم |
صداه ألا ما أجمل الشعر والهوى | رفيقان للعشاق جرح وبلسم |
فليس كمثل الحب للشعر رافدٌ | إذا جف نبع الشعر واصفر برعم |
وليس كمثل الشعر للحب واصفٌ | دقائق ما يبدي المحب ويكتم |
وما الشعر إلا كالنساء خليقة | يرق ويستعصي ويقسو ويرحم |
إذا جاد فالعذب الزلال نواله | وإن شح فاللفظ الحلال محرم |
تسابق معناه عذوبة لفظه | فما دق عن أوصافه فهو مبهم |
فتنت به ذاتاً وكنها وصورة | وهمت كما بالحب هام المتيم |
وتسكرني راح القوافي فأنتشي | بها ثملاً والعقل بالوعي مفعم |
تفيأتُ ظل الشعر بعد هجيره | من بعد ما كاد الأسى يتحكم |
ومن بعد أن شاطرته السهد والكرى | وروضت منه جامحاً لا يقوم |
تأملني نفسا عليه عزيزة | فأكرمها يا حبّذا المتكرم |
وأتحفها بالدّر من مفرداته | فما ضيم موصوف ولا ضل ملهم |
ولا عبثت كف الصراحة بالنّهى | ولكن سهم الصدق للزيف مؤلم |
ونزهت عرض الشعر عن شكر ناقصٍ | وأكرمته عن هجو من لا يكرم |
وأقسم لو كلفته الشكر مكرهاً | ولبى لأنكرت الذي منه أعلم |
فما عودتني مفردات بيانه | نفاقاً ولو لم يبق في الكف درهم |
يبوح على قدر المحبة مقولي | وليس لغير الحب يشدو وينظم |
وما قلته إلا لمن يستحقه | حبيب فؤاد، أو جواد معظم |
فلولا جياد الشعر ما خلّد الوغى | مواقف من يلقى المنايا ويقدم |
ولولا جياد الشعر ما خلّد الندى | مكارم من يأسو الجراح وينعم |
ولولا جياد الشعر ما خلّد الهوى | أحاديث من هاموا وجنوا وتيموا |
يظل وتفنى دولة الملك والغنى | وكل بناء دونه يتهدم |