أرسمَ ديارٍ بالسِتارَينِ تَعرِفُ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أرسمَ ديارٍ بالسِتارَينِ تَعرِفُ | عَفَتها شَمالٌ ذاتُ نيرَينِ حَرجَفُ |
مبكرةٌ للدارِ أَيما ثُمامُها | فَيَبقى وأيما عَن حَصاها فَتقرِفُ |
حَرونٌ عَلى الأَطلالِ مِن كُلِّ صَيفَةٍ | وَفَقّا عليها ذو عَثانينَ أَكلفُ |
إِذا حَنَّ سُلّافُ الرَبيعِ أَمامَها | وَراحَت رَواياهُ عَلى الأَرضِ تَرجُفُ |
فَلَم تدَعِ الأَرواحُ وَالماءُ وَالبِلى | من الدارِ إِلا ما يَشوقُ وَيشعَفُ |
رسوماً كآياتِ الكِتابِ مُبينَةً | بها للحَزينِ الصَبِّ مبكى وَموقِفُ |
وَقفتُ بها وَالدَمعُ يَجري حَبا بهُ | عَلى النَحرِ حَتّى كادتِ الشَمسُ تُكسَفُ |
تَذكَّرتُ أَياماً تَسلَّفتُ لينَها | عَلى لذةٍ لَو يُرجَعُ المتَسلَّفُ |
كأَنَّكَ لَم تعهد بها الحَيَّ جيرةً | جَميعَ الهَوى في عَيشِهِ ما تُصَرَّفُ |
إِذ الناسُ ناسٌ وَالبِلادُ بغِرَّةٍ | وَأَنتَ بها صَبُّ القَرينَةِ مولِفُ |
وَقَد كانَ في الهِجرانِ لَو كُنتَ ناسياً | رَميمَ وَهَل يُنسى رَبيعٌ وَصَيِّفُ |
وَلَم تُنسِني الأَيامُ وَالبَغي بَينَنا | رَميمُ وَلا قَذفُ النَوى حينَ تَقذِفُ |
وَلَم يَحلُ في عَيني بَديلٌ مَكانَها | وَلَم يَلتَبِس بي حَبلُ مَن يَتَعَطَّفُ |
وَقَد حلَفت وَالسِترُ بَيني وَبينَها | بربِّ حَجيجٍ قَد أَهَلّوا وَعرَّفوا |
عَلى ضُمَّرٍ في الميس ينفُخنَ في البُرى | إِذا شابكت أَنيابُها اللَجنَ تَصرِفُ |
لَقَد مَسَّني مِنكِ الجَوى غَيرَ أَنَّني | أَخافُ كَما يَخشى عَلى ذاك أَحلِفُ |
وَكانَ صُدودٌ بَعدَ ما أَبطنَ الهَوى | قُلوباً فَكادَت لِلَّذي كانَ تُجنَفُ |
كتَركِ الأَميمِ الهائِم الماءَ بعدَما | تَنحّى بكَّفيهِ يَسوفُ وَيَغرِفُ |
وَداويَّةٍ لا يأمنُ الركبُ جَوزَها | بِها صارخِاتُ الهامِ والبومِ يهتِفُ |
دَعاني بها داعي رَميمٍ وَبينَنا | بَهيمُ الحَواشي ذو أَهاويلَ أَغضَفُ |
تَقحَّمتُ ليلَ العيسِ وَهيَ رذيَّةٌ | وَكلَّفتُ أَصحابي الوَجيفَ فأوجَفوا |
لنخبرَ عَنها أَو نَرى سَروَ أَرضِها | وَقَد يُتعِبُ الرَكبَ المحِبُ المكلَّفُ |
وَلَو لضم تَمِل بالعيسِ معويَّةُ العُرى | لمالَ بها أُيكٌ أَثيثٌ وَغِرَيفُ |
وَمَكنونَةٌ سودُ المَجاثم لَم يَزَل | يُهيِّئها لِلعيكَتينِ التلهُفُ |
وَما العَيشُ إِلّا في ثَلاثٍ هي المُنى | فَمَن نالَها مِن بَعدُ لا يَتخوَّفُ |
صِحابَةُ فِتيانٍ عَلى ناعجيَّةٍ | مناسِمُها بالأَمعزِ المَحلِ ترعُفُ |
وَكأسٌ بأَيدي الساقَيينِ رَويَّةٌ | يُمِدانِ راووقَيهما حين تُنزَفُ |
وَربَّةُ خِدرٍ يَنفُح المِسكَ جَيبُها | تَضَوَّع رَيّاها به حينَ تَصدِفُ |
إِذا سُلِبَت فَوقَ الحَشيّاتِ أَشرَقَت | كَما أَشرقَ الدِعصَ الهِجانُ المُصَيَّفُ |