أَتَعرِفُ رَسماً كَالرِداءِ المُحَبَّرِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أَتَعرِفُ رَسماً كَالرِداءِ المُحَبَّرِ | بِرامَةَ بَينَ الهَضبِ وَالمُتَغَمَّرِ |
جَرَت فيهِ بَعدَ الحَيِّ نَكباءُ زَعزَعٌ | بِهَبوَةِ جَيلانٍ مِنَ التُربِ أَكدَرِ |
وَمُرتَجِزٌ جَونٌ كَأَنَّ رَبابَهُ | إِذا الريحُ زَجَّتهُ هِضابُ المُشَقَّرِ |
يَحُطُّ الوُعولَ العُصمَ مِن كُلِّ شاهِقٍ | وَيَقذِفُ بِالثيرانِ في المُتَحَيَّرِ |
فَلَم يَترُكا إِلّا رُسوماً كَأَنَّها | أَساطيرُ وَحيٍ في قَراطيسِ مُقتَري |
مَنازِلُ قَومٍ دَمَّنوا تَلَعاتِهِ | وَسَنّوا السَوامَ في الأَنيقِ المُنَوَّرِ |
رَبيعُهُمُ وَ الصَيفَ ثُمَّ تَحَمَّلوا | عَلى جِلَّةٍ مِثلِ الحَنِيّاتِ ضُمَّرِ |
شَواكِلُ عَجعاجٍ كَأَنَّ زِمامَهُ | بِذُكّارَةٍ عَيطاءَ مِن نَخلِ خَيبَرِ |
بِهِ مِن نِضاخِ الشَولِ رَدعٌ كَأَنَّهُ | نُقاعَةُ حِنّاءٍ بِماءِ الصَنَوبَرِ |
كَسوها سَخامَ الرَيطِ حَتّى كَأَنَّها | حَدايِقُ نَخلٍ بِالبَرودَينِ موقَرِ |
وَقامَ إِلى الأَحداجِ بيضٌ خَرايِدٌ | نَواعِمُ لَم يَلقينَ بُؤسى لِمَقفَرِ |
رَبايِبُ أَموالٍ تِلادٍ وَمَنصِبٌ | مِنَ الحَسَبِ المَرفوعِ غَيرِ المُقَصِّرِ |
هَدَينَ غَضيضَ الطَرفِ خَمصانَةِ الحَشا | قَطيعَ التَهادي كاعِباً غَيرُ مُعصيرِ |
مُبَتَّلَةً غُرّاً كَأَنَّ ثِيابَها | عَلى الشَمسِ غِبَّ الأَبرَدِ المُتَحَسِّرِ |
قَضوا ما قَضوا مِن رَحلَةٍ ثُمَّ | وَجَّهوا يَمامَةَ طَودٍ ذي حِماطٍ وَعَرعَرِ |
وَعاذِلَةٍ فادَيتُها أَن تَلومَني | وَقَد عَلِمَت أَنّي لَها غَيرُ موثِرِ |
عَلى الجارِ وَالأَضيافِ وَالسايِلِ الَّذي | شَكا مَعرَماً أَو مَسَّهُ ضُرُ مُعسِرِ |
أَعاذِلَ إِنَّ الجودَ لايَنقَصُ الغِنى | وَلا يَدفَعُ الإِمساكُ عَن مالِ مُكثِرِ |
أَلَم تَسأَلي وَالعِلمُ يَشفي مِنَ العَمى | ذَوي العِلمِ عَن أَنباءِ قَومي فَتُخبَري |
سَلامانَ إِنَّ المَجدَ فينا عَمارَةٌ | عَلى الخُلُقِ الزاكي الَّذي لَم يُكَدِّرِ |
بَقِيَّةُ مَجدِ الأَوَّلِ الأَوَّلِ الَّذي | بَنى مَيدَعانُ ثُمَّ لَم يَتَغَيَّرِ |
أولَئِكَ قَومٌ يَأمَنُ الجارُ بَينَهُم | وَيُشفِقُ مِن صَولاتِهِم كُلُّ مُخفِرِ |
مَرافيدُ لِلمَولى مَحاشيدُ لِلقِرى | عَلى الجارِ وَالمُستَأنِسِ المُتَنَوِّرِ |
إِذا ظِلُّ قَومٍ كانَ ظَلَّ غَيايَةٍ | تُذَعذِعُهُ الأَرواحُ مِن كُلِّ مَفجَرِ |
فَإِنَّ لَنا ظِلّاً تَكاثَفَ وَاِنطَوَت | عَلَيهِ أَراعيلُ العَديدِ المُجَمهَرِ |
لَنا سادَةٌ لايَنقُصُ الناسُ قَولَهُم | وَرَجراجَةٌ ذَيّالَةٌ في السَنَوَّرِ |
تَجِنُّهُمُ مِن نَسجِ داوُدَ في الوَغى | سَرابيلُ حيصَت بِالقَتيرِ المُسَمَّرِ |
وَطِئنا هِلالاً يَومَ زاجٍ بِقُوَّةٍ | وَصَفناهُمُ كَرهاً بِأَيدٍ مُؤَزَّرِ |
وَيَوماً بِتَبلالٍ طَمَمنا عَلَيهِم | بِظَلماءَ بَأسٍ لَيلُها غَيرُ مُسفِرِ |
وَأَفناءُ قَيسٍ قَد أَبَدنا سَراتَهُم | وَعَبساً سَقَينا بِالأُجاجِ المُعَوَّرِ |
وَأَصرامُ فَهمٍ قَد قَتَلنا فَلَم نَدَع | سِوى نِسوَةٍ مِثلِ البَلِيّاتِ حُسَّرِ |
وَنَحنُ قَتَلنا في ثَقيفٍ وَجَوَّسَت | فَوارِسُنا نَصراً عَلى كُلِّ مَحضَرِ |
وَنَحنُ صَبِرنا غارَةً مُفرَجِيَّةً | فُقَيماً فَما أَبقَت لَهُم مِن مُخَبَّرِ |
وَدُسناهُمُ بِالخَيلِ وَالبيضِ وَالقَنا | وَضَربٍ يَفُضُّ الهامَ في كُلِّ مِغفَرِ |
وَرُحنا بِبيضٍ كَالظِباءِ وَجامِلٍ | طِوالِ الهَوادي كَالسَفينِ المَقَيَّرِ |
وَنَحنُ صَبَحنا غَيرَ عُذرٍ بِذِمَّةٍ | سَليمَ اِبنِ مَنصورٍ بِصَلعاءَ مُذكِرِ |
قَتَلناهُمُ ثُمَّ اِصطَحَبنا دِيارَهُم | بِخُمرَةَ في جَمعٍ كَثيفٍ مُخَمَّرِ |
تَرَكنا عَوافي الرُخمِ تَنشُرُ مِنهُمُ | عَفارِيَ صَرعى في الوَشيجِ المُكَسَّرِ |
وَبِالغَورِ نُطنا مِن عَلِيٍّ عُصابَةً | وَرُحنا بِذاكَ القَيرَوانِ المُقَطَّرِ |
وَخَثعَمَ في أَيّامِ ناسٍ كَثيرَةٍ | هَمَطناهُمُ هَمطَ العَزيزِ المُؤَسَّرِ |
سَبَينا نِساءً مِن جَليحَةَ أَسلَمَت | وَمِن راهِبٍ فَوضى لَدى كُلِّ عَسكَرِ |
وَنَحنُ قَتَلنا بِالنَواصِفِ شَنفَرى | حَديدَ السِلاحِ مُقبِلاً غَيرَ مُدبِرِ |
وَمِن سائِرِ الحَيَّينِ سَعدٍ وَعامِرٍ | أَبَحنا حِمى جَبّارِها المُتَكَبِّرِ |
مَنَعنا سَراةَ الأَرضِ بِالخَيلِ وَالقَنا | وَأَيأَسَ مِنّا بَأسُنا كُلَّ مَعشَرِ |
إِذا ما نَزَلنا بَلدَةً دُوِّخَت لَنا | فَكُنّا عَلى أَربابِها بِالمُخَيَّرِ |
بَنو مُفرِجٍ أَهلُ المَكارِمِ وَالعُلى | وَأَهلُ القِبابِ وَالسَوامِ المُعَكَّرِ |
فَمَن لِلمَعالي بَعدَ عُثمانَ وَالنَدى | وَفَصلِ الخِطابِ وَالجَوابِ المُيَسَّرِ |
وَحَملِ المُلَمّاتِ العِظامِ وَنَقضِها | وَإِمرارِها وَالأَأيُ فيها المُصَدِّرُ |
كَأَنَّ الوُفودَ المُبتَغينَ حِبائَهُم | عَلى فَيضِ مَدّادٍ مِنَ البَحرِ أَخضَرِ |
فَكَم فيهِمُ مِن مُستَبيحٍ حِمى العِدى | سَبوقٍ إِلى الغاياتِ غَيرِ عَذَوَّرِ |
وَهَوبٍ لِطَوعاتِ الأَزِمَّةِ في البُرى | وَلِلأُفُقِ النَهدِ الأَسيلِ المُعَذَّرِ |
نَمَتهُ بَنو الأَربابِ في الفَرعِ وَالذُرى | وَمِن مَيدَعانِ في ذُبابٍ وَجَوهَرِ |
لُبابُ لُبابٍ في أُرومٍ تَمَكَّنَت | كَريمَ غَداةِ المَيسِرِ المُتَحَضِّرِ |
فَأَكرِم بِمَولودٍ وَأَكرِم بِوالِدٍ | وَبِالعَمِّ وَالأَخوالِ وَالمُتَهَصَّرِ |
مُلوكٌ وَأَربابٌ وَفُرسانُ غارَةٍ | يَحوزونَها بِالطَعنِ في كُلِّ مَحجَرِ |
إِذا نالَهُم حَمشٌ فَإِنَّ دَوائَهُ | دَمٌ زَلَّ عَن فَودَي كَمِيِّ مُعَفَّرِ |
مُدانِحِمِ يُعطي الدَنِيَّةَ راغِماً | وَإِن دايَنوا باؤوا بَريمٍ مُوَفَّرِ |