أَلا هَل فُؤادي إِذ صَبا اليَومَ نازِعُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أَلا هَل فُؤادي إِذ صَبا اليَومَ نازِعُ | وَهَل عَيشُنا الماضي الَّذي زالَ رايعُ |
وَهَل مثلُ أَيامٍ تَسَلَّفنَ بالحِمى | عوايدُ أَو عَيشُ الستارَينِ راجِعُ |
كَأَن لَم تجاوِرنا رَميمٌ وَلَم نَقُم | بِفَيضِ الحِمى إِذ أَنتَ بالعَيشِ قانعُ |
وَبُدِّلَت بعدَ القُربِ سُخطاً وَأَصبَحَت | مضابِعةً وأستشرفتكَ الأَضابِعُ |
وَكل قَرينٍ ذي قَرينٍ يَوَدَّهُ | سيفجعَهُ يَوماً من البَينِ فاجعُ |
لَعَمري لَقَد هاجَت لَكَ الشَوقَ عَرصةٌ | بمَرّانَ تَعفوها الرياحُ الزعازِعُ |
بِها رَسمُ أَطلالٍ وَخَيمٌ خَواشعٌ | عَلى آلِهنَّ الهاتِفاتُ السواجِعُ |
فظَلتُ وَلَم تعلم رَميمُ كَأَنَّني | مُهَمٌّ أَلثَّتهُ الديونُ الخَوالِعُ |
تذكَّرَ أَيامَ الشَبابِ الَّذي مَضى | وَلَمّا ترُعنا بالفِراقِ الروايعُ |
بأهلي خَليلٌ إِن تحملتُ نحوَهُ | عَصاني وان هاجَرتُهُ فهو جازِعُ |
وَكَيفَ التعزّي عَن رَميمَ وحبُّها | عَلى النأيِ والهِجرانِ في القَلبِ نافِعُ |
طَوَيتُ عليهِ فهو في القَلبِ شامَةٌ | شَريكُ المَنايا ضُمِّنتهُ الأَضالِعُ |
وَبيضٍ تَهادى في الرِياطِ كَأَنَّها | نهى لَسلَسٍ طابَت لهن المراتِعُ |
تَخيرنَ مِنّا مَوعِداً بعد رِقبَةٍ | بأعفَرَ تَعلوهُ الشروجُ الدوافِعُ |
فجن هُدُوّاً وَالثيابُ كَأَنَّها | مِن الطَلِّ بَلَّتها الرِهامُ النَواشِعُ |
جَرى بَينَنا منهم رَسيسٌ يزيدُنا | سَقاماً إِذا ما آستَيقَنتُه المَسامِعُ |
قَليلاً وَكانَ اللَيلُ في ذاكَ ساعَةً | فَقُمنَ وَمَعروفٌ من الصُبحِ صادِعُ |
وَأَدبَرنَ من وَجهٍ بِمِثلِ الَّذي بِنا | فَسالَت عَلى آثارهنَّ المَدامِعُ |
تبادِرُ عَينيها بكُحلٍ كأَنَّهُ | جُمانٌ هَوى من سِلكِهِ متتايعُ |
وَقُمنا إِلى خوصٍ كأَنَّ عيونَها | قِلاتٌ تَراخى ماؤُها فهو واضعُ |
فَوَلَّت بِنا تَغشى الخَبارَ مُلِحَّةً | مَعاً حولُها وَاللاقِحاتُ المَلامِعُ |
وَإِنّي لَصرّامٌ وَلَم يُخلَقِ الهَوى | جَميلٌ فراقي حينَ تَبدو الشَرايعُ |
وَإِنّي لأَستَبقي إِذا العسرُ مَسَّني | بشاشةَ نَفسي حينَ تُبلى المَنافِعُ |
وَأَعفي عَن قَومي وَلضو شئتَ نَوَّلوا | إِذا ما تَشكّى المُلحِفُ المُتَضارِعُ |
مَخافَةَ أَن أَقلى إِذا شِئتُ سائِلاً | وَترجِعَني نَحوَ الرِجالِ المَطامِعُ |
فأسمعَ مِنّا أَو أُشَرِفَ مُنعِماً | وَكُلُّ مُصادي نِعمَةٍ مُتواضِعُ |
وأُعرِضُ عَن أَشياءَ لَو شِئتُ نِلتُها | حَياءً إِذا ما كانَ فيها مَقاذِعُ |
وَلا أَدفَعُ ابنَ العَمِّ يَمشي عَلى شَفا | وَلَو بلغتني من أَذاهُ الجَنادِعُ |
وَلكن أَواسيهِ وأنسى ذُنوبَهُ | لترجِعَهُ يَوماً إِليَّ الرَواجِعُ |
وأُفرِشُهُ مالي وَأَحفَظُ عَيبَهُ | لَيَسمعَ إِنّي لا أُجازيهِ سامعُ |
وَحَسبُكَ من جَهلِ وَسوءِ صَنيعَةٍ | مُعاداةُ ذي القُربى وإِن قيلَ قاطِعُ |
فأسلِمُ عَناكَ الأَهلَ تَسلم صُدورُهم | وَلا بُدَّ يَوماً أَن يروعَكَ رايعُ |
فَتَبلوهُ ما سلَّفتَ حَتّى يَرُدَّهُ | إِلَيكَ الجَوازي وافِراً وَالصَنايعُ |
فَإِن تُبلِ عَفواً يُعفَ عَنك وَإِن تَكُن | تُقارِعُ بالأُخرى تُصِبكَ القَوارِعُ |
وَلا تبتَدِع حَرباً تُطيقُ اِجتنابَها | فَيلحَمكَ الناسَ الحروبُ البَدايعُ |
لَعمري لِنعمَ الحَيُّ إِن كُنتَ مادِحاً | هُمُ الأَزدُ إِنَّ القَولَ بالصدقِ شايعُ |
كِرامٌ مَساعيهم جِسامٌ سَماعُهم | إِذا أَلغَت الناسَ الأُمورَ الشَرايعُ |
لَنا الغُرَفُ العُليا من المَجدِ وَالعُلى | ظَفِرنا بِها وَالناسُ بعدُ تَوابعُ |
لَنا جَبَلا عِزٍّ قَديمٌ بناهُما | تَليعانِ لا يألوهُما من يُتالِعُ |
فَكَم وافدٍ منا شَريفٌ مَقامُه | وَكَم حافِظٍ للقِرنِ والقِرنُ وادع |
وَمن مُطعِمٍ يَومَ الصَبا غَيرَ جامِدٍ | إِذا شَصَّ عَن أَبنائِهِنَّ المَراضِعُ |
يُشَرِّفُ أَقواماً سِوانا ثيابُنا | وَتَبقى لَهم أَن يَلبسوها سَمايعُ |
إِذا نَحنُ ذارَعنا إِلى المَجدِ وَالعُلى | قَبيلاً فَما يسطيعُنا من يُذارعُ |
وَمنّا بنو ماءِ السَماءِ وَمُنذِرٌ | وَجفنَةُ منّا وَالقرومُ النزايعُ |
قَبائِلُ من غَسّانَ تَسمو بعامِرٍ | إِذا أنتسبَت والأزدُ بعدُ الجَوامعُ |
أدانَ لَنا النُعمانُ قَيساً وَخِندِفاً | أَدانَ وَلَم يمنع ربيعةَ مانِعُ |