حَيِّ الكِنَانَةَ غُدْوَةَ اسْتِقْلالِهَا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
حَيِّ الكِنَانَةَ غُدْوَةَ اسْتِقْلالِهَا | وَاحْمَدْ بَلاءَ الصِّيْدِ مِنْ أَبْطَالِهَا |
تِلْكَ المُعَاهَدَةُ البَعِيدُ مَنَالُهَا | أَدْنَتْ مَسَاعِيهِمْ بَعِيدَ مَنَالِهَا |
خُطَّتْ بِمَا قَطَرَتْ قُلُوبُ شَبَابِهَا | وَبِمِثْلِهِ قَطَرَتْ عُقولُ رِجَالِهَا |
قلْ لِلَّذِينَ تَعَمَّدُوا إِبْطالَهَا | لا تسْرِفُوا مَا الغُنْمُ فِي إِبطالِهَا |
يبغُونَ إِعْجَالَ المَطَالِبِ كُلِّهَا | وَيَعِزُّ مَا يَبْغُونَ مِنْ إِعْجَالِهَا |
فُزْ بِالَّتِي وَاتَتْكَ مِنْ أُمْنِيَّةٍ | وَاعْتَدَّ مَا تَعْتَدُّ لاسْتِكْمَالِهَا |
وَإذَا بَرَرْتَ بِأُمَّةٍ مَغْلُولَةٍ | فَالحَزْمُ أَنْ تُفْتَكَّ مِنْ أَغْلالِهَا |
أَمَوَاقِفُ الحُلَفَاءِ مِنْ إِعْزَازِهَا | كَمَوَاقِفِ الأَعْدَاءِ مِنْ إِذْلالِهَا |
هِيَ فُرْصَةٌ سَنَحَتْ وَلَمْ يَكُ نَافِعاً | نَدَمٌ يَفُتُّ القَلْبَ بَعْد زَوالِهَا |
سَنَحَتْ وِبِالأَيَّامِ عَنْهَا غَفْلَةٌ | هَلْ كَانَ حُسْنُ الرَّأْيِ فِي إِغْفَالِهَا |
إِنَّ السِّيَاسَةَ وَعْرَةٌ وَمِرَاسُهَا | صَعْبُ وَوادِي التِّيهِ فِي أَذْيَالِهَا |
لا تُؤْمنُ الزَّلاَّتُ وَالحَكَمُ الهَوى | فِي الفَرْقِ بَيْنَ صوابِهَا وَضَلالِهَا |
لَكِنْ هدى فِيهَا الكِنَانَةَ نُخْبَةٌ | زَكَّتْهُمُ جَوْلاتُهُمْ بِمَجَالِهَا |
ما الجَبْهَةُ الزَّهْرَاءُ إِلاَّ صَفْوَةٌ | جَمَعتْ عَزَائِمَهَا لِيَوْمِ نِضَالِهَا |
مِنْ كُلِّ أَرْوَهع بَاسِلٍ وَمُحَنَّكٍ | دَرِبٍ وَمُبْرِمِ عُقْدَةٍ حَلاَّلِهَا |
وَمُثَقَّفٍ ثَبْتٍ وَنَدْبٍ حُوَّلٍ | يَتَتَبَّعُ الشُّبُهَاتِ فِي تَجْوَالِهَا |
وَمُسَلَّحٍ بِالرَّأْيِ لَيْسَ يَفُوتُهُ | فِي كُلِّ مُعْضِلَةٍ جَوابُ سُؤَالِهَا |
وَمُراقِبٍ فِي نَفْسِهِ وَبِلادِهِ | ذِمَمَ العُلَى مُسْتمْسِكٌ بِحِبَالِهَا |
وَمُعَوَّدٍ فِي خُوْضِ كُلِّ كَرِيهَةٍ | أَلاَّ يُبالِيهَا عَلَى أَهْوَالِهَا |
رَمَتِ الكِنَانَةُ إِذْ رَمَتْ أَهْدَافَهَا | بِهِمُ فَكَانُوا صائِبَاتِ نِبَالِهَا |
وَلَوْ أَنَّهَا جَنَحَتْ إِلَى خِذْلانِهِمْ | لَغَدَا عُدُولُ الخَلْقِ مِنْ عُذَّالِهَا |
فَتْحٌ سَتَتْلُوهُ الفُتُوحُ وَهِمَّةٌ | حَمَلَتْ بَوَادِرُهَا ضَمَانَ مالِهَا |
وَلَجَتْ بِهِ بَابَ الحَيَاةِ وَهَيَّأَتْ | لِلْمَجْدِ مَا يَرْجُوهُ يَوْمَ صِيَالِهَا |
بِالخَالِدَاتِ الذِّكْرِ مِنْ أَسْمَائِهَا | وَالخَالِدَاتِ الإِثْرِ مِنْ أَفْعَالِهَا |
هِيَ أُمَّةٌ شُغِفَتْ بِحُرِّيَاتِهَا | فَاظْنُنْ بِطِيبِ البَثِّ يَوْمَ وِصَالِهَا |
بِالأَمْسِ أَبْدَتْ لِلزَّعِيمِ شُعُورَهَا | فِي زِينَةٍ خَلاَّبَةٍ بِجَمَالِهَا |
لَوْ شَبَّهَتْ أَعْيَادَهَا الأُخْرَى بِهَا | مَا كَانَتِ الأَعْيَادُ مِنْ أَمثَالِهَا |
وَاليَوْمَ أَفْصَحَ مَجْلِساً نُوَّابِهَا | عَنْ رَأْيِهَا وَهُمَا لِسَانَا حَالِهَا |
فَبَدَتْ مَشِيئتُها وَحَصْحَصَ مَا تَرَى | حَقّاً عَلَيْهَا بَعْدَ حَلِّ عِقَالِهَا |
أَتُوَافِقُ الأَيَّامُ فِي إِدْبَارِهَا | وَتخَالِفُ الأَيَّامَ فِي إِقْبَالِهَا |
يَا سَعْدُ جَلَّتْ مَأْثُرَاتُكَ عِنْدَهَا | عَنْ أَبْلَغِ الإِطْرَاءِ فِي أَقْوَالِهَا |
بِالأَمْسِ تَعْهَدُهَا وَذَلِكَ جُهْدُهَا | فَخُذِ الثَّنَاءَ اليَوْمَ مِنْ أَعْمَالِهَا |
أُطْلُلْ عَلَيْهَا بَاسِماً مُتَأَلِّقاً | مِنْ حَيْثُ تَبْدُو الزُّهْرُ فِي إِطْلالِهَا |
وَحِيَالَكَ الشُّهَدَاءُ مِنْ آسَادِهَا | وَحِيَالَكَ الشُّهَدَاءُ مِنْ أَشْبَالِهَا |
نُخَبٌ مِنَ النخَبِ الأَعِزَّةِ عُوجِلَتْ | مِنْ أَجْلِ هَذَا اليَوْمِ فِي آجَالِهَا |
وَانْظُرْ إِلَى مِصْرَ الوَفِيَّةِ رَاضِياً | عَمَّا تَرَاهُ مِنْ جَدِيدِ خِلالِهَا |
أَيْقَظْتُهَا وَظَلِلْتَ بَعْدَ نُهُوضِهَا | عُنْوَانَ عِزَّتِهَا وَرمْزَ جَلالِهَا |
فَإذَا هِيَ اسْتَبْقَتْكَ بَيْنَ عُيُونِهَا | فَمِثَالُكَ المَشْهُودُ عَينُ مِثَالِهَا |
وَإذَا بَنَتْ لَكَ مَضْجَعاً فِي صَدْرِهَا | فَذَخِيرَةً تُهْدَى إِلَى أَجْيَالِهَا |
إِنْ غَابَتِ الشَّمْسُ اسْتَضَاءَ بِشُعْلَةٍ | عِنْدَ الخُلُودِ السِّرُّ فِي إِشْعَالِهَا |
مِنْ نَفْسِهَا وَبِنَفْسِهَا تَذْكُو فَمَا | تَفْنَى وَمَا يَفْنَى خَفِي ذُبالِهَا |
هَيْهَاتَ أَنْ تَنْسَاكَ مِصْرُ وَلَمْ تَكُنْ | يَا سَعْدَهَا إِلاَّ مُصَدِّقَ فَأْلِهَا |
خَلَّفْتَ فِيهَا مُصْطَفَاكَ فَكُلَّمَا | شَهِدَتْ مَواقِفُهُ خَطَرْتَ بِبَالِهَا |
أَدَّى الأَمَانَةَ قي تَقَاضِي حَقِّهَا | وَاسْتَنْجَزَ الأَيَّامَ بَعْدَ مِطَالِهَا |
هَلْ أَنْتُمَا إِلاَّ زَعِيما شَعْبِهَا | وَمُسَيِّرَاهَا فِي سَبِيلِ كَمَالِهَا |
عَلَمَانِ إِنْ قَدَرَتْ خِصَالَكُمَا فَقَدْ | قَدَرَتْ وَلَمْ تخْطِيءْ أَجَلَّ خِصَالِهَا |
يَا ذَا الرِّيَاسَاتِ الَّتِي أَضْفَتْ عَلَى | وَادِي الكِنَانَةِ وَارِفَاتِ ظلالِهَا |
عَافَاكَ رَبُّكَ كيْفَ تَضْطَلِعُ القوَى | بِأَقَلِّ مَا حُمِّلْتَ مِن أَحْمَالِهَا |
قَلْبُ الفَتَى يُوهِيهِ شُغْلٌ وَاحِدٌ | أَتُطِيقُ مَا تَبْلُوهُ فِي أَشْغَالِهَا |
لَكِنَّ نَفْساً فِي جِهَادِكَ رُضْتَهَا | بِالحَادِثَاتِ خِفَافِهَا وَثِقَالِهَا |
مَحَّصْتَها تَمْحِيصَ أَغْلَى جَوهَرٍ | فِي ضَيْمِ كُلِّ مُلِمَّةٍ وَنَكَالِهَا |
وَبِذَاكَ أَشْهَدْتَ البِلادَ مَدَاك فِي | إِنْجَاحِ مَا بَسَطَتْهُ مِنْ آمالِهَا |
أَليَوْمُ بَيْنَ يَدَيْكَ أَجْمَعَ أَمْرِهَا | وَالحَالُ حَالُ الفَصْلِ فِي اسْتِقْبَالِهَا |
فَلْتَشْهَدِ الأَيَّامُ بَعْثَةَ شَمْسِهَا | وَليَغْمُرِ الأفَاقُ ظِلُّ هِلالِهَا |