سَلِمْتَ لَوَ أَنَّ السَّهْمَ سَهْمُ مُقَاتِلِ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
سَلِمْتَ لَوَ أَنَّ السَّهْمَ سَهْمُ مُقَاتِلِ | وَلَكِنَّ مَا أَصْمَاكَ سَهْمُ مُخَاتِلِ |
تَغَافَلَ مِنْكَ الرَّأْيُ ظَرْفَةَ مُقْلَةٍ | فَخُوِلِسْتَهَا وَالدَّهْرُ لَيْس بِغَافِلِ |
وَقَدْ عَلِمَ المَوْتُ الَّذِي بِتَّ حَرْبَهُ | مِرَاسَكَ فِي دَفْعِ الرَّزَايَا الجَلاَئِل |
وَلَكِنَّهَا الأَعمَارُ إِنْ هِيَ عُوجِلَتْ | فَلاَ حوْلَ فِي رَدِّ القَضَاءِ المُعَاجِلِ |
قَضَاءٌ بِإِفْنَاءِ الْحَيَاةِ مُوَكَّلٌ | إِلَى أَنْ يَكُونَ المَوْتُ آخِرُ زَائِلِ |
فَلَيْسَ بِمُنْجٍ مِنْهُ قَلْبُ مُنَاضِلٍ | إِلَى آخِرِ الأَنْفَاسِ أَو عَزْمُ بَاسِلِ |
وَلاَ حِرْصُ أَحْنَى الوَالِدَاتِ عَلَى ابْنِهَا | وَلاَ جُهْدُ أَوْفَى بَرَّةٍ فِي الْعقَائِلِ |
وَمَنْ لَمْ يَمُتْ بِالدَّاءِ فَالطِّبُّ لَمْ يَزَلْ | سِلاَحَ المَنَايَا فِي يَدَيْ كُلِّ جَاهِلِ |
لَهُ الوَيْلُ مِنْ لَيْلٍ طَوِيلٍ وَسَاعَةٍ | حَسِبْنَا المَدى فِي سَيْرِهَا المُتثاقِل |
نَرَى شُهْبَهُ وَالدَّمْعُ يَغشى عُيُونَنَا | تَلُوحُ وَتَخْفَى كَالدمُوعِ السَّوَائِلِ |
وَنَسْمعُ مِنْهُ فِي السُّكُونِ تَنَهُّداً | وَذَاكَ صَدَى أَنْفَاسِنَا فِي المَخَايِلِ |
وَقَفْنَا بِهِ نقضِي وَدَاع حَبِيبِنَا | حَيارَى كَاشْبَاحٍ بَوَاكٍ ثَوَاكِلِ |
نَنَادِي أَبرَّ الأَصْدِقَاءِ وَلَمْ يكنْ | يُخَيِّبُ إِذْ يُدْعَى رَجَاءً لآمِلِ |
نُنَادِي أَبَا جِبْرِيلَ بِاسْمِ وَحِيدِهِ | وَقَدْ كَانَ لاَ يُعْتَاقُ عَنْهُ بِشَاغِل |
فَتَى المَجْدِ إِنَّ القَوْمَ جَالوا وَسَاجَلُوا | وَأَرخَى عِنَانَ الرَّأْيِ كلُّ مُطَاوِلِ |
فَأَيْنَ الَّذِي كَانَ المُقَدَّمَ فِيهِمُ | وَكَانَ وَدِيعَ النَّفْسِ عَفَّ الشَّمَائِل |
وَأَيْنَ الَّذِي صَمْصَامُهُ دُونَ عَزْمِهِ | مَضَاءٍ إِذَا مَا اسْتَلَّهَ فِي المَعَاضِلِ |
وَأَيْنَ الَّذِي كَانَتْ بوَادِرَ فِكْرِهِ | تَخَطُّفَ بَرْقٍ فِي قُطُوبِ المَشَاكِل |
وَأَيْنَ الَّذِي فِي كُلِّ مِصْرٍ يحُلُّهُ | لَهُ المَنْزِلُ المَرْفُوعُ بَيْنَ المَنَازِلِ |
وَأَيْنَ الَّذِي مِيعَادُهُ غَيْرُ مُخْلَفٍ | وَتَسْبِقُ مِنْهُ القَوْلَ غُرُّ الفَعَائِل |
أَلاَ فِي سَبِيل اللهِ أَوْفَى مُفَارقٍ | وَفِي ذِمَّةِ العَلْيَاءِ أَكْرَمُ رَاحِلِ |
وَذَاكَ الشَّبَابُ الغَضُّ وَالْهِمَّةُ الَّتِي | تَدُوسُ إِلى غَايَاتِهَا كُلَّ حَائِل |
وَتِلْكَ الْعُيونُ النَّاطِقَاتُ لِحَاظُهَا | بِأَجْلَى بَيَاناً مِنْ مَقَالَةِ قَائِلِ |
وَذَاكَ الفُؤَادُ الثَّبْتُ فِي كُلِّ أَزْمَةٍ | إِذَا مَرَّتِ الأَحْدَاثُ مَرَّ الزْلاَزِلِ |
بِشَارَةُ جَلَّ الخَطْبُ فِيكَ وَإِنَّهُ | لَخَطْبٌ عَمِيمٌ لِلْعُلَى وَالْفَضَائِلِ |
فَإِنْ تَبْكِ مِصْرٌ فَهْيَ تَبْكِي مُصَابَهَا | بِأَرْوَعَ مَيْمُونِ النَّقِيبَةِ فَاضِلِ |
وَإِنْ تَبْكِ سُورِيَّا فَقَدْ كُنْتَ رُكْنَهَا | وَكُنتَ أَبَرَّ ابْنٍ لأَجْزَعِ ثَاكِلِ |
وَإِنْ تَبْكِ أَربابُ الصَّحَائِفِ تَرْحَةً | فَقَدْ يَعْرِفُ التَّالُونَ فَضْلَ الأَوَائِل |