خَمْسُونَ لا تُنْسَى مِنَ الأحْوَالِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
خَمْسُونَ لا تُنْسَى مِنَ الأحْوَالِ | مَرَّتْ وَأَنْتَ بِهَا لِسَانَ الحَالِ |
دَالَتْ بِهَا دُوَلٌ وَلاَقَيْتَ الَّذِي | لاَقَيْتَ مِنْ غِيَرٍ ومِنْ أَهْوَالِ |
ثَبْتاّ وَعَزْمُكَ مُسْتَزِيدٌ قُوَّةً | مِنْ طارِىءِ الإِدْبَارِ لِلإقْبَالِ |
أَلسُّحْبُ تُطْبِقُ وَالنجُومُ عَوَاثِرٌ | وَهُوَ المَنَارَةُ ضَوْءُهَا مُتَلاَلِي |
كَمْ فِي صَحَائِفِكَ الَّتِي أَخْرَجتَها | مِنْ جُهْدِ أَيَّامٍ وَسُهْدِ لَيَالِي |
كَمْ ذُدْتَ عَنْ حَقٍ وَكَمْ سَدَّدْتَ مِنْ | رَأْيٍ وَكَمْ بدَّدْتَ شَمْلَ ضَلاَلِ |
فَأَنَارَ أَهْلَ الحَزْمِ كُل حَقِيقَة | وَأَثَارَ أَهْلَ العَزْمِ كُلُّ خَيَالِ |
مَا أَنْسَ لاَ أَنْسَ المُؤَازَرَةَ الَّتِي | أَوْلَيْتَنِيها فِي الزَّمَانِ الخَالِي |
أَيَّامَ يَبْتَعِثُ الشَّبَابُ عَزيمَتِي | وَأَجُولُ فِي شَوْطِ البَيَانِ مَجَالِي |
وَأَرَى الحَيَاةَ تَبَشُّ لِي فِيهَا المُنَى | عَنْ أَلْفِ ثَغْرٍ فِي حُرُوقِ مَقَالِي |
فَرَعَيْتَنِي طِفْلاً وَأَيُّ مُهَيِّيءِ | لِتَقَدُّمٍ كَرِعَايَةِ الأطْفَالِ |
وَإِلَى الحِمَى أَهْدَيْتَ كُتَّاباً بِهِمْ | يَعْتَزُّ دَعْ مَنْ كَانَ مِنْ أَشْكَالِي |
عَهْدَ الخَلِيلِ سَقَتْكَ أَصْفى دَرِّهَا | دِيَمُ الضُّحَى وَغَمَائِمُ الآصَالِ |
كنْتَ الطَّليعَةَ فِي الزَّمَانِ المُرْتَجَى | لِتَحَوُّلِ الأَفْكَارِ وَالأَحْوَالِ |
وَأَبُو الصَّحَافَةِ فِيكَ يَدْأَبُ دَأْبَهُ | نَسْجاً بِلاَ سَأَمٍ عَلَى مِنْوَالِ |
كَانَ الخَلِيلُ بِجِدِّهِ وَثَبَاتِهِ | لِلْمُقْتَدِينَ بِهِ أَجَلَّ مِثَالِ |
فَلاَّلُ غَرْبِ الكَارِثَاتِ بِحَمْلِهِ | لِلحَادِثَاتِ وهُنَّ جِدُّ ثِقَالِ |
يَجْنِي المُنَى كَالوَرْدِ مِنْ أَشْوَاكِهَ | وِيُهوِّنُ الآلاَمَ بِالآمَالِ |
وَيَظَلُّ مَا شَاءَ الوَفَاءُ لِقَوْمِهِ | حَرْبَ العَدُوِّ وَسِلْمَ كُلِّ مُوالِ |
فِي صُورَةِ الحَمَلِ الوَدِيعِ وَرُبَّمَا | أَلْفَيْتَهُ فِي صَوْلَةِ الرِّئْبَالِ |
إِنِّي لأَذْكُرُ وَجْهَهُ الحُرِّ الَّذِي | زَانَ المَشِيبُ بَهَاءَهُ بِجَلاَلِ |
جَمَعَ الصَّبَاحَةَ وَالسَّمَاحَةَ وَالرِّضَى | مُتَرَائِياتٍ فِي مِزَاجِ جَمَالِ |
وَأَرَى وُجُوهَ ثِقَاتِهِ مِنْ حَوْلِهِ | وَكَأَنَّ سِتْرَ الغَيْبِ يَجْلُوهَا لِي |
مِنْ كُلِّ مِعْوَانٍ سَوَادُ مِدَادِهِ | نُورٌ وَمَرْمَى نَاظِرَيْهِ عَالِي |
مَلأُوا صَحِيفَتَهُ بِمَا تُمْلِي النُّهَى | مِنْ رَائِعِ الآرَاءِ وَالأَقْوَالِ |
وسَلِيمٌ اللَّبِقُ الأَدِيبُ يُفِيضُ مِنْ | بَحْرِ ابْتِكَارِ بَاهِرَاتِ لآَلي |
يَأْتِي بِكلِّ طَرِيفَةٍ بِكْرٍ لَهَا | مِنْ جِدَّةٍ ما لَمْ يَمُرَّ ببَالِ |
وَيَرى كَوَرْيِ الزَّنْدِ خَاطِرُهُ بِمَا | يَجرِي عَلَى قَلَمٍ لَهُ سَيَّالِ |
عهْدٌ مَضَى وَغَدا أَعِزَّتُهُ الأولَى | أَحْيَوَا بِلاَداً فِي الرَّمِيمِ البَالِي |
لَكِنَّ مَنْ حَرَمَ العُيُونَ خَلِيلَهَا | سَرَّ القُلُوبَ بِأَكْرَمِ الأَنْجَالِ |
يَا رَامِزَ الخَيْرَ الَّذِي آدَابُهُ | فِي عَارِفِيهِ مَضَارِبُ الأَمْثَالِ |
وَخِلاَلُهُ فِي بَالِغي أَعْلَى الذُّرَى | بِمَكَارِمِ الأَخْلاَقِ خَيْرُ خِلاَلِ |
بِكَ يَسْتَدِيمُ المَجْدُ ذُخْرَ أَمَانَةٍ | هِيَ فِي يَدَيْكَ أَمَانَةٌ الأَجْيَالِ |
فَاهْنَأ بِيُوبِيلِ اللِّسَانِ وَنَلْ بِهِ | مَا شِئْتَ مِنْ حُبٍ ومِنْ إِجْلاَلِ |
وَاسْلَمْ لَهُ دَهْراً مَدِيداً وَلْيَدُمْ | عُنْوَانَ فَضْلٍ فِي الحِمَى وَكَمَالِ |