للهِ قَوْمٌ بِالثَّبَاتِ تَدَرَّعُوا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
للهِ قَوْمٌ بِالثَّبَاتِ تَدَرَّعُوا | وَبِكُلِّ جَامِعَةِ الشَّتَاتِ تَذرَّعُوا |
أَلدَّهْرُ مُنْقَادٌ إِذَا ما صمَّمُوا | وَالنَّصْرُ مِيعَادٌ إِذَا مَا أَزْمعُوا |
هَلْ تَعْرِفُونَ عَشِيرَةً خَابُوا وَقَدْ | جَمَعُوا الْقُرَى وَعَلَى الحَقِيقَةِ أَجمَعُوا |
مَنْ يَطْلُبِ العَلْيَاءَ يُدْرِكْ أَوْجَهَاً | مُتتَبِّعاً وَالْفَائِزُ المُتَتَبِّعُ |
بَعْضُ المُنَى كَالشِّعْرِ خَيْرٌ تَرْكُهُ | إِنْ لَمْ يُوَفَّقْ فِيه إِلاَّ المَطْلَعُ |
والمَجْدُ إِنْ لَمْ يُحْلَ مِنْهُ بِطَائِلٍ | كَالوِرْد قلَّ وَمَرَّ مِنْهُ المَقْطَعُ |
إِنْ كَانَ بَعْضُ الْبَأْسِ قوَّة أَشْجَعٍ | فَالْبَأْسُ كُلُّ البَأْسِ خُلْقٌ أَشْجَع |
وَيَجِلُّ عَنْ نَفْعِ الشُّجَاعِ بِلادَهُ | مَا قَدْ يُفِيدُ بِلاَدَهُ المُتَبَرِّعُ |
لِلهِ سَانِحَةٌ وَعَبْدُ عَزِيزِهَا | سَنَحَتْ فَأَنْجحَهَا الذَّكِيُّ الأَرْوَعُ |
مَنْ قالَ هَذي بِدْعَة قلْ بَدْأَةٌ | فِي الْخَيْرِ أَبْدَهُ مَا تُرَامُ وَأَبْدَعُ |
إِنْ لم يَصُنْ خُلُقَ الصِّغَارِ مُهذِّبٌ | مَاذا يُحَاوِلُ وَازِعٌ ومُشرِّعُ |
أَوْ لَمْ يَكُنْ أَدَبُ السَّجَايَا رَادِعاً | لِلنَّاشِئِينَ هلِ العُقُوبَةُ تَردَعُ |
فِي كُلِّ قُطْرٍ مَلْجأ أَفَمَا لَنَا | فِي أَنْ نجَارِيَ مَا يُجارَى مطْمَعُ |
مَا بَالُنَا نجِدُ الشُّعُوبَ أَمَامَنا | وَعلَى مِثَالِ صَنِيعِهمْ لاَ نصْنَعُ |
أَشْرِفْ بِبُنْيَانٍ إِلى تَشْيِيدهِ | هُرِعَ الكِرَامُ وَحَقُّهُمْ أَنْ يُهْرَعُوا |
هُوَ لِلْعَفافِ مِنَ الدَّعَارَة مُوْئِلٌ | هُوَ لِلإِبَاءِ مِنَ المَهَانَة مَفْزَعُ |
يُبْقِي عَلَى الأَطْفَالِ وَهْيَ قُوَى الحِمَى | مِنْ أَنْ يُضَيِّعَها عَلَيْه مُضَيِّعُ |
مَا جَاهُنَا فِي النَّاسِ مَا عُنْوانُنَا | أَأُولئِكَ المُتَشرِّدُون الظلَّعُ |
مِنْ كُلِّ مَنْ يَطْوِي صِبَاهُ عَلَى الطَّوَى | وَالبُهْمُ فِي نَضْرِ الْخمَائِلِ تَرْتَعُ |
لاَ سِتْرَ يَسْترُهُ وَمَا مِنْ مِفْضَلٍ | غَيْرُ القَذى تكْسَاه تِلْكَ الأَضْلُعُ |
أَزْهَارُ مِصْرَ شَهِيَّةٌ وَثِمَارُ مِصْرَ | جَنِيَّةٌ وَالنَّيلُ نِعْمَ المَشْرَعُ |
أَيُّ الجِنانِ هُوَ الْخَصِيبُ وَمَا بِه | رِيٌّ لِعَيْلَتِهِ الضِّعَافِ ومَشْبَعُ |
قَدْ حَانَ أَنْ تُهْدَى السَّبِيلَ جَمَاعَةٌ | أَنْتُمْ لَهَا الْهَامَاتُ وَهْيَ الأَذْرُعُ |
قَدْ حَانَ أَنْ يُؤْوَى الفَقِيرُ إِلى حِمى | قَدْ حَانَ أَنْ يَقْوَى الصَّغِيرُ الأَضْرَعُ |
ذُودُوا الحَرَامَ عَنِ الحَلاَلِ يَدُمْ لَكُمْ | فَلأَفْتَكِ الْوَحْشِ الَّذي هُوَ أَجْوعُ |
ذُودُوا الحِسَابَ الحَقَّ عَنْ أَحْسَابِكُمْ | فلَرُبَّما كَذَب الثَّنَاءُ الأَشْيَعُ |
ذاكَ الشَّقَاءُ مُغَادِياً وَمُرَاوِحاً | مَمَّا تُمَضُّ بِه النُّفُوسُ وَتوجَعُ |
لِيَزُلْ زَوَالَ المَحْلِ لاَ يُؤْسَى لَهُ | وَلْيَزدَهِرْ بِمَكَانهِ مَا نَزْرَعُ |
فَتَخِفَّ فِي أَكْبَادِنَا شُعَلُ الأَسَى | وَتَكُفَّ عَنْ خَدِّ الخُدُود الأَدْمُعُ |
يَا منْ تَبَارَوا مُسْرِعِينَ إِلى النَّدى | وَالأَمْجَدُونَ إِلى المَبَرَّةِ أَسْرَعُ |
هَلْ يُنْكِرُ الْوَطَنْ اخْتِلاَفَ صُنُوفِكُمْ | وَالفَضْلُ فِيما بيْنَكُمْ مُتَوزَّعُ |
فِي مِصْرَ مُنْذُ اليَوْمِ أَسْنَى مَوْقِفٍ | لِلْمَجْد يُشْهَدُ فِي الزَّمَانِ وَيُسْمَعُ |
عَزَّتْ وَمِنْ أَسْمَى المفاخِرِ أَنَّهَا | نَهَضَتْ بِعِزَّتِهَا العَقَائِدُ أَجْمَعُ |
كَالدَّوْحَةِ الكُبْرَى تَوَحَّدَ أَصْلُهَا | وَمَضَتْ مَذَاهِبَ فِي السَّمَاءِ الأَفْرُعُ |
وَبِمَا جَلَبْنَ مِنَ الأَشِعَّة وَالنَّدَى | نَمَتِ الْجُذُوعُ وَشَمْلُهَا مُتَجَمِّعُ |
فَرَّطْتُ فِي تَشْبِيهِ مِصْرَ بِدَوْحَةٍ | هِيَ رَوْضَةٌ وَنَبَانُهَا مُتَنَوِّعُ |
كُلُّ المحَاسِنِ فِي الأَزَاهِرِ حُسْنُهَا | وَبِكل طِيبٍ طِيبُهَا مُتَضوِّعُ |
ذاك التَّبَايُنُ لِلْمُوَاطِنِ صَالِحٌ | فِي حينَ يَتَّحِدُ الْهَوَى وَالمنْزَعُ |
لِبَنِي أبِيهِ مُفْتَدي أَوْطَانِهِ | وَلِنَفْسِهِ المُتَزَهِّدُ المُتَوَرِّعُ |
لَيْسَتْ عِبَادَاتُ النُّفُوسِ لِرَبِّهَا | إِلاَّ عَذَارَى خَيْرُهَا المُتَقَنِّعُ |
أَمَّا اللَّوَاتِي يَنْجَلِينَ لِحْكْمَةٍ | فحِجَابُهُنَّ هوَ الضِّيَاءُ الأَسْطَعُ |
أَيْ سَادَتِي طُرقُ الفلاَحِ كَثِيرَةٌ | فِي وَجْهِ مَنْ يَسْعَى وَهَذا مَهْيَعُ |
مَنْ يَبْغِ إِرْضَاءَ النَّدَى فَأَوَانُهُ | أَوْ يَبْغِ إِرْضَاءَ الْهُدَى فالمَوْضِعُ |
مِصْرُ السَّخِيَّةُ هَلْ يَقُولُ عَذُولُها | بَخُلَتْ عَلَى الشَّأْنِ الَّذي هُوَ أَنْفَعُ |
أَنْتُمْ ذُؤابتهَا وَأَنْتُمْ قلْبُهَا | وَبِكمْ تُوَقَّى الْحَادِثَاتُ وَتُمْنَعُ |
قُدُماً وَلاَ تَتَقَاعَسُوا قُدُماً وَلاَ | تَتَبَاطَأُوا وَالأَكْرَمُ المُتَطَوِّعُ |
إِنْ لَمْ يَكُنْ إِحْسَانُنا مُتَوَقَّعاً | يَوْمَ الحَمِيَّةِ سَاءَ مَا نتوَقَّعُ |
هَذا لكمْ شُكْرِي بِشِعْرٍ خَالِصٍ | لاَ شَيءَ فِيه مُصَرَّع وَمُرَصَّعُ |
هُوَ مَحْضُ وَحْيٍ بَدْؤُهُ كخِتامِهِ | عفْوُ السَّجِيَّةِ لَيْسَ فِيه تصَنُّعُ |