تدَانَى فَحَيَّى عَابِراً وَتَنَاءَى
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
تدَانَى فَحَيَّى عَابِراً وَتَنَاءَى | شَبِيهاً بِطَيْفٍ في الغَدَاةِ تَرَاءَى |
برغْمِ أُولى الأَلبَابِ عَجَّلَ بَيْنَهُ | وَكَانَ لَهُمْ ذُخْراً وَكَانَ رَجَاءَ |
أَتَاحَ زَمَانِي مَرَّةً أَنْ رَأَيْتُهُ | وَلَمْ يُولِنِي بَعْدَ اللِّقَاءِ لِقَاءَ |
فَمَا رَاعَني إِلاَّ فَتىً في إِهَابِهِ | شَهِدْتُ مَعاً شَيْخُوخَةً وَفَتَاءَ |
أُطِيلَتْ بِعُثْنُونِ أَسَالَةُ وَجْهِهِ | وَفِي مَحْجَرَيْهِ كَوْكَبَانِ أَضَاءَا |
تَضَاءَلَ مَرْمَى ظِلِّهِ مِنْ نُحُولِهِ | وَطَبَّقَ آفَاقاً سَنَىً وَسَنَاءَ |
وَفي صَدْرِهِ بَحْرٌ مِنَ العِلمِ لَمْ يَضِقْ | بِهِ ذَلِكَ الصَّدْرُ الصَّغِيرُ إِنَاءَ |
يُحَدِّثُ في رِفْقٍ وَلَيْسَتْ أَنَاتُهُ | تُثَبِّطُ عَزْماً أَوْ تَعُوقُ مَضَاءَ |
عَكُوفٌ عَلَى التَّحْصِيلِ مِنْ كُلِّ مَطْلَبٍ | يُلِمُّ بِهِ مَهْما يَسُمْهُ عَنَاءَ |
جَنَى الرَّوْضِ مَا تَجْرِي يَرَاعَتَهُ بِهِ | فَيَحْلُو شَرَاباً أَوْ يَطِيبُ غِذَاءَ |
وَمَا ثَقَّفَ الأَلْبَابَ مِثْلُ بَيَانِهِ | وَما شَرَّفَ الآدَابَ وَالأُدَبَاءَ |
يَغُوصُ عَلَى الدُّرِّ البَعِيدِ مَكَانُهُ | فَيَجْلُوهُ لِلمُسْتَبْصِرِينَ جَلاَءَ |
وَيَبْحَثُ عَمْا يُفْقِدُ الجَهْلُ أَهْلَهُ | فَيُهْدِي إِلَيْهِمْ زِينَةً وَثَرَاءَ |
وَيَحْرِصُ أَلاَّ يُغْمَطَ الفَضْلُ حَقَّهُ | وَيُعْدَمَ بَيْنَ العَالَمِينَ جَزَاءَ |
فَإِنْ يُذْكَرِ الفَضْلُ الَّذِي فِيهِ يَعْتَذِرُ | كَأّنَّ بِهِ مِنْ أَنْ يُذَاعَ حَيَاءَ |
أََأَنْسَى لإِسْمَاعِيلَ مَا عِشْتُ مِنَّةً | أَفَدْتُ بِهَا أُحْدُوثَةً وَبَقَاءَ |
حَبَانِي بَهَا قَبْلَ التَّعَارُفِ مُضْفِياً | عَلَيَّ بِمَا لاَ أَسْتَحِقُّ ثَنَاءَ |
وَقَدْ عَاقَ شُكْرِي عَنْهُ فَرْطُ احْتِشَامِهِ | فَهَلْمُجْزِيءٌ شُكْرٌ يَجِيءُ رِثَاءَ |
وهَيْهَاتَ أَنْ يُوفَى بِشِعْرٍ جَمِيلُهُ | وَلَوْ كَانَ دِيوَاناً لَقَلَّ وَفَاءَ |
أَلاَ أَيهَا الغَادِي وَلَيْسَ بِآسِفٍ | وَلاَ مُتَقَاضٍ لَوْعَةً وَبُكَاءَ |
تَرَفَّعْتَ عَنْ أَنْ تَقْبَلَ الضَّيْمَ صَابِراً | عَلَى زَمَنٍ أَحْسَنْت فِيهِ وَسَاءَ |
وَجَنَّبَكَ العَيْشُ احْتِقَارٌ لِشَأْنِهِ | إِذَا مَا غَدَا فِيهِ العَفَافُ عَفَاءَ |
مكَانُكَ في الدُّنْيَا خَلاَ غَيْرَ أَنَّهُ | مليءُ النَّوَاحِي عِزَّةً وَإِبَاءَ |
بِبَيْنِكَ مُخْتَاراً صَدَمْتَ عَقِيدَةً | وَأوْقَعْتَ حُكْماً حَيَّرَ الحُكَمَاءَ |
وكُنْتَ عَلَى يُسْرِ الأُمُورِ وَعُسْرِهَا | تُنِيرُ بِعَالِي رَأْيِكَ الحُصَفَاءَ |
فَغَالَبَكَ الطَّبْعُ العُيُوفُ عَلَى الحِجَى | وَأَصْدَرَ مِنْ قَبْلِ القَضَاءِ قَضَاءَ |
أَمِنْ خَطَلٍ طَرْحُ الإِنَاءِ وَمَا بِهِ | مِنَ السُّؤْرِ لَمْ يَطْهُرْ وَقَلَّ عَنَاءَ |
وَهَلْ تَرْتَضِي نَفْسَ العَزيزِ إِقَامَةً | عَلَى ذِلَّةٍ وَالدَّاءُ عَزَّ دَوَاءَ |
إِذَا هَانَ في حُبِّ الحَيَاةِ هَوَانُهَا | فَلَيْسَ لأَرْضٍ أَنْ تَكُونَ سَمَاءَ |
قَرَارَكَ وَلْتُرْعَ الْخَلاَئِقُ سَمْعَهَا | مَصَاقِعَهَا الهَادِينَ وَالسُّفهَاءَ |
سَتبْقَى لِنَفْعِ النَّاسِ صُحْفٌ ترَكْتَهَا | وَلن يَذْهَبَ الإِرْثُ النَّفِيسُ جُفاءَ |
وَتذكُرُكَ الأَوْطَانُ يَوْمَ فخَارِهَا | إِذَا ذكَرَتْ أَفْذَاذَهَا النُّبَغاءَ |
وَإني لَمَحْزُونٌ عَلَيْكَ وَجَارِعٌ | ثُمَالَةَ كَأْسِي حَسْرَةً وَشَقَاءَ |
أَقُولُ عَزَاءَ لآلِ وَالصَّحْبِ وَالحِمَى | وَلِي وَلأَمْثَالِي أَقُولُ عَزَاءَ |
فَرَابِطَةُ اسْمَيْنَا أَرَاهَا قَرَابَةً | وَأَعْتَدُّهَا فَوْقَ الإِخَاءِ إِخَاءَ |