لمْ يَكَدْ يَسْبِقُ القضَاءَ نذيرُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لمْ يَكَدْ يَسْبِقُ القضَاءَ نذيرُ | وَتقضَّى عُمْرٌ وَتَمَّ مَصِيرُ |
إِنَّ رُزْءَ الجُمَيِّلِ العَلَمِ الفَرْ | دِ لَرُزْءٌ فِي المَشْرِقيْنِ كَبِيرُ |
إِنَّ بَكَتْهُ وَأَجْمَعَتْ أُممُ الضا | دِ فَمَنْ مِثْلُهُ بِذَاك جَديرُ |
كَمْ فَتىً كَانَ فِي فَتاها المُسجَّى | يَمْلأُ العَيْنَ فضْلُهُ المَوْفُورُ |
وَيْحَ قَلْبِي طَال الثَّواءُ وَحوْلِي | دائِرَاتٌ عَلى الرِّفَاقِ تَدُورُ |
لا اعْتِرَاضٌ عَلى القَضَاءِ وَلَكِنْ | كلَّ يَوْمٍ أُصابُ هَذَا كَثِيرُ |
مَا ذِمَامِي مَا نجْدَتِي ما وَفَائِي | إِنْ يَكُ النَّوْحَ فَالفِداءُ يسِيرُ |
أَسَفاً أَيُّهَا الرَّفِيقُ المُوَلِّي | وَالأَخُ البَرُّ وِالصَّفِيُّ الأَثِيرُ |
قدْ تَقَدمْتَ فِي الحَيَاة فهلاَّ | سَرَّنَا فِي بَقَائِكَ التَّأْخِيرُ |
أَخَلا المَجْلِسُ الَّذي كَانَ يَغْشَاهُ | أَدِيبٌ وَنَائِبٌ وَوَزِيرُ |
يَلْتَقِيهِمْ حُلْوُ الفُكاهَةِ طَلْقُ الوَجْه | ثَبْتُ الجَنَانِ سَمْحٌ وَقُورُ |
أَيْنَ تِلكَ الأَسْمَارُ كَانَتْ بِهَا تَصْفُو | اللَّيَالِي وَأَيْن ذَاكَ السَّمِيرُ |
يَا لَقَوْمِي مِثَالُ أَنْطونَ لَوْ صَوَّ | رْتُهُ لَمْ يُحِطْ بِه التَّصوِيرُ |
كَيْف وَصْفِي مَا جَلَّ أَوْ دَقَّ مِنْهُ | وَالفنَا مُقْعِدي فَمَنْ لِي عَذيرُ |
خُلْقٌ كَامِلٌ وَطَبْعٌ رَقِيقٌ | وَذَكَاءٌ جَمٌ وَجَاهٌ وَفِيرُ |
وخِلالٌ مِنْ مَعْدنِ الأَدَبِ الزا | هِي بِأَنْوَارِه لهُنَّ صُدُورُ |
كَاتِبٌ نَسْجُ وَحْدِهِ وَخَطِيبٌ | مَا لَهُ فِي المُناظِرِين نَظِيرُ |
لَمْ يُزَاوِل نَظْمَ القَرِيضِ وَلَكِنْ | بَزَّ أَسْمَى النَّظِيمِ مِنهُ النَّثِيرُ |
إِنْ عَلا مِنْبَراً لِقوْلٍ فَمَا فِي | الحَشْد إِلاِّ التَّهْلِيلُ وَالتَّكْبِيرُ |
شَأْنُهُ فِي الشُّيُوخِ بَلَّغَهُ غَا | يَةَ ما يَبْلُغُ الحَصِيفُ الصَّبُورُ |
وَاسِعُ الصَّدْرِ وَالحَوَادثُ قَد | تَشْتدّ حَتَّى بِهَا تَضِيقُ الصُّدُورُ |
فِي الأُمُورِ الصِّعَابِ يَمضِي فَمَا | يَثْنِي عِنَاناً حَتَّى تُرَاضَ الأُمُورُ |
صَحَفِيٌّ فِي كُلِّ مَطْلَعِ شَمْسٍ | يَبْعَثُ الرَّأْيَ بِالهُدَى وَيُنِيرُ |
تَخِذَ الصِّدْقَ فِي السِّيَاسَةِ نَهْجاً | وَعَدَاهُ التَّضْلِيلُ وَالتَّغْرِيرُ |
لا يُجَارِي عَلى افْتِئَات | وَلا يَعْدَمُ مِنْهُ نَصِيرَهُ التَّفْكِيرُ |
ومَجالُ النَّضَالِ لِلحقِّ رَحْبٌ | حَيْثُ يَدْعُو اللَّهِيفُ وَالمُستَجِيرُ |
فِي الأَعَاصِيرِ فلْكُه تَتَهَادَى | فَإِذَا مَا اهْتَدَتْ فلَيْسَتْ تَجُورُ |
كَمْ بكَاهُ فِي كل مَعهَدِ إِحْسَا | ن عَلِيلٌ وَعَاجِزٌ وَفَقِيرُ |
إِنَّ فَارُوقنَا المُعَظمَ لا | يَفْتَأْ لِلنَابِغِينَ نِعْمَ النَّصِيرُ |
مَنَحَ الرُّتْبَةَ الرَّفِيعَة أَحْجَا | هُمْ بِهَا وهْوَ بِالكُفَاة خَبِيرُ |
فِي جَلالِ العَطَاءِ مِنْهُ لِعَالِي | رَأْيِه فِي المُقَدَّمِينَ ظُهُورُ |
وأُولُو الأَمْرِ فِي العُروبَةِ لَمْ | يُخْطِئْهُمْ فِي الجُمَيّلِ التَّقْديرُ |
بينَ مَن كافَأُوا بِأَسْنى حِلاهُمْ | مَنْ لَهُ ذلِكَ المَقَامُ الخَطِيرُ |
يَا فَقِيداً مِثَالُهُ خالِدٌ فِي | كَلِّ قَلْبٍ وَذِكْرُهُ مَبْرُورُ |
لا ثَوَابٌ كفَاءُ فَضْلِكَ إِلاَّ | مَا يُثِيبُ اللّهُ العَلِيُّ القَديرُ |