مُصَابُك حَيّاً عَرَا جَعْفَرَا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
مُصَابُك حَيّاً عَرَا جَعْفَرَا | وَخَطْبُكَ مَيْتاً عَرَا قَيْصَرَا |
رُزِئْنَاكَ لَمْ يُغْنِ مِنْك البَيَا | نُ وَلَمْ يَعْصِمِ الجَاهُ أَنْ تُقْبَرَا |
وَهَذي النِّهَايَةُ عُقْبَى النُّهَى | وَذَاكَ الثَّرَاءُ لِهذَا الثَّرَى |
وغَايَةُ مَجْدك فِي العَالَمِينَ | إِذَا عَرَفُوا الفَضْلَ أَنْ تُشْكَرَا |
وَآخِرُ بَأْسِكَ أَنْ يُعتَدَى | عَلَيْكَ دَفِيناً وَأَنْ يُفْتَرَى |
أَيُهْتَكُ عَنْهَا قَمِيصُ المُرُو | ءَة تَحْتَ البِلَى مَنْع أَنْ تُسْتَرَا |
وَتَثْوِي المُرُوءَةُ فِي دَارِهِمْ | وَتَرْضَى المُرُوءَةُ أَن تُذْكَرَا |
كَذَا انْكَشَفَ الدهْرُ لِلنَّاسِ فِيكَ | عنْ قَاهِرٍ عَزَّ أَنْ يُقْهرَا |
حَلِيمٍ تِرَاكاً بِإِقْبَالهٍ | ضَرُوبٍ دِرَاكاً مَتَى أَدْبَرَا |
لأَمْرٍ صَفَا لَكَ حِينَ صَفَا | وكَدَّرَ وِرْدكَ إِذْ كُدِّرَا |
يَقُولُ بِأَحدَاثهِ الواعِظا | تِ لِمَنْ هَمَّ بِالزَّهْوِ أَطْرِقْ كَرَى |
حَبَاكَ زَمَاناً بِجَاهِ المُلُو | كِ وَبَطْشِ الأَسَاطِينِ مُسْتوْزَرَا |
وَفَخْرِ الغُزَاةِ قُرُومِ السَّرا | يَا وَفِكْرِ الهُدَاةِ نُجُومِ السُّرى |
وَعَزْمٍ يَكُونُ عَلَى أُمَّةٍ | قتَاماً وَفِي أُمَّةٍ نَيِّرَا |
فكُنْتَ كَمَا تَبْتغِي عِزَّةً | وَكُنْتَ كَمَا تَرْتَضِي مَظْهَرَا |
وَكُنْتَ مَعاً فَارِساً شَاعِراً | وَكُنْتَ مَعاً نَدُساً قسْوَرَا |
جَمِيعَ المَزَايَا فَمَا لِلبَيَا | نِ وَمَا لِلغيَاثِ وَمَا لِلقِرَى |
نَظِيرُكَ مُبْتَكِراً مُبْدعاً | شِهَاباً سَنِيّاً نَدىً مُمْطِرَا |
نَظمْتَ المَعَالِيَ نَظْمَ المَعَانِي | فَفَتْحُ الكَلاَمِ كفَتْحِ القُرَى |
وَطَعْنُ السِّنَانِ كَنَفْثِ اليَرَاعِ | وَكُلُّهُمَا بِالنُّهَى حُبِّرَا |
وَضَمُّ الجُيُوشِ كَنَسْقِ القَرِيضِ | وَتَقْسِيمه أَشْطُراً أَشْطُرَا |
وَسَهْلُ القِتَالِ كَطِرْسٍ بِه | يُسَطِّرُ بَأْسُكَ مَا سَطَّرَا |
بِنَقْطِ الجَمَاجِمِ إِعْجَامُهُ | وَإِهْمَالُهُ جَوْبُهُ مُقْفِرَا |
وَتَفْوِيفُهُ بِنِعَالِ الجِيَا | دِ وَتَدْبِيجُه بِدَمٍ أَحْمَرَا |
فَيَا غَازِياً ذَاكَ إِعْجَازُهُ | وَيَا نَاظِماً ذَاك مَا صَوَّرَا |
أَتِلْكَ مِنَ الكَلِمِ الذَّاكِيَا | تِ تَسِيلُ النُّفُوسُ بِهَا أَنْهُرَا |
شَقَائِقُ آيَاتِكَ النَّادِيَا | تِ رَحِيقاً مِنَ الأُُنسِ أَوْ كوْثَرا |
أَمِ الصافِياتِ شَوافِي الأُوَا | مِ بِمَا تَحْتَها مِنْ زلاَلٍ جَرى |
أَمِ الجَالِيَاتِ يُبِنَّ لَنَا | مِنَ الغَيْبِ كُلَّ ضَمِيرٍ سَرَى |
أَمِ المُطْرِبَاتِ يُشَنِّفْنَنَا | بِشَدْوِ الهَزَارِ وَقَدْ بَكَّرَا |
أَمِ المَرْسَلاَتِ هُدىً لِلأَنَا | مِ حَقائِقُ مُودَعَةٌ جَوْهَرَا |
فَهَلْ كَانَ أَفْرَسَ مِنْكَ فَتىً | وَهَلْ كَانَ مِنْكَ فَتىً أَشْعَرا |
كِلا المفْخَرَيْنِ يَرَاعاً وَسَيْفاً | دَعَا تاجَهُ لَكَ مُسْتَأْثِرَا |
فَتَاجٌ عَصَاكَ وَتاجٌ عَلاَ | كَ وَكانَ الأَحَقَّ بِأَنْ يُؤْثَرَا |
فَلمَّا رَقِيتَ إِلى المُنْتَهَى | وكِدْتَ تُجَاوِزُ مَا قُدِّرَا |
رَمَاكَ الزَّمَانُ بِأَحْدَاثه | مُجَيَّشَةً فَانْبَرَتْ وَانْبَرَى |
أَبَانَ المُحِبِّينَ وَالآلَ عَنْكَ | وَأَقْصَى المَوَالِي وَالعَسْكَرَا |
وَأَسْكَتَ أَفْراسَكَ الصَّاهِلاَتِ | وَأَصْمَتَ صَمْصَامَكَ الأَبْتَرَا |
وَأَخْرَسَ مَنْ قَالَ لِلّه أَنْتَ | وَأَبْكَمَ حَوْلَكَ مَنْ كَبَّرَا |
وسَكَّنَ رَوْعَ الفَلاَ مَجْفِلاَتٍ | وَأَمَّنَ شَامِخَهَا أَصْعَرَا |
وَنَفَّسَ كرْبَ الظِّبَا لاَفِتَاتٍ | وَرَوَّحَ أَيِّلَهَا أَصْوَرَا |
وَأَلْوَى عَليْك فَأَدْمَى وَأَصلَى | وَصالَ وطالَ وَمَا أَقْصَرَا |
رَمَى بِك في السِّجْنِ مِنْ حَالِقٍ | أَلِيفَ الجُنَاةِ طَرِيحَ العَرَا |
وَأَثْخنَ جُرْحاً فَأَقْصَاكَ عَنْ | ثَرَى مِصرَ مُجْتَنَباً مُزْدَرَى |
وَزادكَ ضَيْماً فَحَجبَ عَنْ | عُيُوِنكَ ضَوْءِ الضُّحَى مُسْفِرَا |
وَجَازَ النَّكَالَ فَأَرْدَى ابنتَيْكَ | كمَا يُذْبَحُ الذِّبْحُ أَوْ أَنْكَرَا |
وَلَكِنْ أَبَى لَك ذَاكَ الإِبَا | ءُ إِلاَّ الثَّباتَ وَأَنْ تَصْبِرَا |
وَهَلْ فِي الأَسى غَيْرُ صَدْعِ الحَشى | وَتَدميَةِ الجَفْنِ مُسْتَعْبِرَا |
وَتهْوِينِ نَفْسٍ لَدَى خَصْمِهَا | بِلاَ طَائِلٍ غيْرَ أَن تَصْغُرَا |
فَلَمْ تَنْتَقِصْكَ الرَّزَايَا وَلَكِنْ | أَعادَتْكَ مِحْنَتُهَا أَكْبَرَا |
وَرَدَّ بَيَاضُ المَشِيبِ ثَنَا | ءَكَ أَجْلَى بَهَاءً وَقَدْ طُهِّرَا |
فَمَا كَان سِجْنُكَ إِلاَّ قَرَاراً | وَقَدْ تعِبَ الجِدُّ أَنْ يَسْهَرَا |
وَلاَ النَّفْيُ إِلاَّ خَلاَءً أَعَدْتَ | بِه زَمَنَ الأَدَبِ الأَزْهَرا |
وَلاَ الثُّكْلُ إِلاَّ لِتَأْسَى أَسَا | كَ وَتَبْكِي بُكَاءَ لُيُوثِ الشَّرى |
وَلاَ الغَضُّ عَمَّا تَرَاهُ العُيُو | نُ إِلاَّ وَقَدْ سَاءَ أَنْ يُنْظَرَا |
إِذَا وَسِع الكَوْنَ فِكْرُ امْرِيءٍ | فَلاَ بأْسَ بِالطَّرْفِ أَنْ يُحْسرَا |
عَلَى الشمْسِ أَنْ تهْديَ المُبصِرِينَ | وَلَيْسَ عَلَى الشَّمْسِ أَنْ تُبْصِرَا |
فَيَا جِسْمَ مَحْمُودَ بِتْ في سُكُونٍ | وَيَا عَيْنَ سَامٍ اهْنَيءِ بِالْكرَى |
وَيَا فِكْرَهُ كمْ نَشَدْتَ العُلَى | بَلَغْتَ مَدَاهَا فَمَاذَا تَرَى |
أَطِلَّ عَلَى هَذِهِ الكَائِنَا | تِ مِنْ حَيْثُ أَنْتَ بِأَسْمَى الذُّرَى |
أَتَنْظرُ غيْرَ فضَاءٍ رَحِيبٍ | تُحَاكِي النُّجُومُ بِه العِثْيَرَا |
وتَسْمَعُ غيْرَ شَبِيهِ الحَفيفِ لِمَا | اصْطُكَّ مِنْهَا وَمَا كُوِّرَا |
فَقُلْ صَامِتاً وَأَشِرْ مَائِتاً | لِمَنْ تَاهَ فِي الأَرْضِ وَاسْتَكْبَرَا |
عَلاَمَ تَبَاذُخُ هَذي الجِبَالِ | وَفِيمَ تَشَامُخُ هَذَا الوَرَى |