فِي رِضَى المَرْبُوبِ وَالرَّبِّ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
فِي رِضَى المَرْبُوبِ وَالرَّبِّ | بِتْ قَرِيراً يَا أبَا الطَّبِّ |
يَا رَئِيسَ القَصْرِ مِنْ قِدَمٍ | وَأُسَاةِ العَصْرِ فِي العَقْبِ |
جَلَّ رُزْءُ القِطْرِ أَجْمَعِهِ | فِيكَ مِنْ عَلاَّمَةٍ قُطْبِ |
مِنْ سَدِيدِ الرَّأْيِ مُبْرَمِهِ | مُحْكَمِ الإِيجَابِ وَالسَّلْبِ |
مَنْ صَحِيحِ المجدِ صَادِقِهِ | حِينَ يُشْرَى المَجْدُ بِالكذْبِ |
مِنْ بَعِيْدِ الهَمِّ مُشْتَغِلٍ | في انْصِدَاعِ الشَّمْلِ بِالرَّأْبِ |
لَيْسَ بِالْوَقَّافِ مُخْتَبِلاً | بَيْنَ دَفْتِ الفِكْرِ وَالجَذْبِ |
ذَبَّ عَنْ حَقِّ البِلاَدِ بِمَا | في حُدُودِ العِلْمِ مِنْ ذَبِّ |
إذْ رَآهَا وَالشُّعُوبُ شَأَتْ | لَمْ تَزَلْ فِي أَوَّلِ الدَّرْب |
ورِضَاهَا السِّلْمُ اَشْبَهُ مَا | كَانَ فِي عُقْبَاهُ بِالحَرْبِ |
فَبِجِدٍّ هَبَّ يَرْجِعُ مِنْ | شَأْنِهَا مَا ضَاعَ بِاللَّعْبِ |
وبِمَا أبْلَى لِنُصْرَتِها | عُدَّ فِي أَبْطَالِهَا الغُلْبِ |
فِي سَبِيلِ اللهِ مُرْتَحِلٌ | شَقَّ عَنْهُ مُظْلِمَ الحُجْبِ |
عُمْرُهُ وَالمَالُ قَدْ بُذِلاَ | قُرْبَةً فِ خِدْمَةِ الشَّعْبِ |
إِنَّ مِصْراً إذْ نَعَوْهُ لَهَا | وَجَمَتْ مِنْ شِدَّةِ الخَطْبِ |
وَأَجَلَّ ألْفَاقِدُوهُ بِهَا | قَدْرَهُ عَنْ سَاكِبِ الغَرْبِ |
هَلْ دُمُوعُ العَيْنِ مُغْنِيَةٌ | في العُلَى مِنْ هَابِطِ الشُّهْبِ |
حَقُّهُ الذِّكْرَى تُخَلِّدُهُ | بِجَمِيلِ القَوْلِ لاَ النَّحْبِ |
وَمَعَانٍ يَسْتَدِيمُ بِهَا | وَجْهُ حَيٍّ مُنْقَضِي النَّحْبِ |
مِنْ عَلٍ أشْرِفْ وَبَشَّ إلى | هَؤُلاَءِ الآلَ وَالصَّحْبِ |
هَلْ بِلاَ وُلْدٍ يَعِزُّ بِهِمْ | مَنْ لَهُ وُلْدٌ بِلاَ حَسْبِ |
مَنْ يُرَبِّي كَالأَفَاضِلِ مِنْ | هَؤُلاَءِ الصَّفْوَةِ النُّجْبِ |
تَتَبَنَّاهُمْ لَهُ نِعَمٌ | وَاصِلاَتُ الحُقْبِ بِالْحُقْبِ |
قَطَرَاتٌ مِنْ نَدَى هِمَهمٍ | مُثْمِرَاتٌ كَنَدَى السُّحْبِ |
أرَأيْتَ البِرَّ يَجْمَعُهُمْ | هَهُنَا جَنْباً إلى جَنْبِ |
كَانَ عِيسَى فِي مَوَدَّتِهِ | وَاحِداً في البُعْدِ والْقُرْبِ |
عَزْمُهُ مِنْ عُنْصُرٍ مَرِنٍ | خُلْقُهُ مِنْ جَوْهَرٍ صُلْبِ |
قَوْلُهُ فِي نَفْسِ سَامِعِهِ | طَيِّبٌ كَالمَورِدِ العَذْبِ |
رَأْيُهُ فِي كُلِّ مُعْضِلَةٍ | قَاطِعٌ كَالصَّارِمِ العَضْبِ |
جُودُهُ شَافٍ أَعَادَ بِهِ | مَجْدَ مِصْرٍ عَاليَ الكَعْبِ |
جَاءَ فِيهِ بِدْعَةً غَصَبَتْ | كُلَّ حَمْدٍ أَيَّمَا غَصْبِ |
والمَعَانِي قَدْ تَكُونُ لَها | كَالْغَوَانِي رَوْعَةٌ تَسْبِي |
لَمْ يَكُنْ فِي الشَّرْقِ وَاحَرَبَا | كَرَمٌ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ |
فَبِحَمْدِي الْيَوْمَ صَارَ لَنَا | مَوْقِفٌ فِي جَانِبِ الغَرْبِ |
حَبَّذَا أنْبَاءُ مِنْحَتِهِ | قُلْ وَكَرِّرْ أَيُّهَا المُنْبِي |
عَلَّ فِي مُثْرِي مَوَاطِنِنَا | مَنْ ضِخَامِ الرَّيْعِ وَالْكَسْبِ |
مَنْ إذَا دَاعِي الوَلاَءِ دَعَا | قَالَ إحْسَاسٌ لَهُ لَبِّ |
هَلْ يُفِيدُ الخِصْبُ فِي بَلَدٍ | وَقُلُوبُ القَوْمِ فِي جَدْبِ |
أَلثَّرَاءُ المُسْتَعَزُّ بِهِ | كَنْزُهُ فِي العَقْلِ لاَ التُّرْبِ |
مِصْرُ يَا أُسْتَاذُ تَذْكُرُ مَا | جِئْتَ بِالإِعْجَابِ وَالْعُجْبِ |
كُلَّمَا مَرَّ الزَّمَانُ بِهِ | فَهْوَ فِي إجْلاَلِها مُربِي |
كَانَ عِيسَى صَبَّ حِرْفَتِهِ | يَفْتَدِيهَا فِدْيَةَ الصَّبِّ |
وَُرَجِّي أنْ يُعِيدَ لَهَا | شَأْنَهَا فِي دَوْلَةِ العُرْبِ |
فَانْبَرَى لِلْكُتْبِ يُخْرِجُهَا | آيَ تَعْلِيمٍ بِلاَ كُتْبِ |
وَأَفَادَ النَّاسَ غَايَةَ مَا | فِي اقْتِدَارِ النَّاصِحِ الطَّبِّ |
فَهُوَ الآسِي لِذِي سَقَمٍ | وَالمُوَاسِي لِأَخِي الكَرْبِ |
تَحْتَ آدَابِ الحَكِيمِ طَوَى | مَكْرُمَاتِ السَّيِّدِ النَّدْبِ |
كَانَ فِي كُلِّ الشُّؤُونِ يَرَى | كَيْفَ يَرْقَى الْأَوَْ ذُو الدَّأْبِ |
فَازَ قِدْماً مَنْ لَهُ نَظَرٌ | قَبْلَ بَدْءِ الأَمْرِ فِي الغِبِّ |
فَإذَا ما سَارَ سِيرَتَهُ | لَمْ يَجِدْ صَعْباً مِنَ الصّعْبِ |
كَانَ لاَ يُعْطِي الحَيَاةَ سِوَى | قَدْرِ مَا يُعْطِي أَخُو اللُّبِّ |
نِضْوُ خُبْرٍ لَيْسَ يَفْتِنُهُ | زُخْرُفُ الدُّنْيَا وَلاَ يُصْبِي |
يَجِدُ الحُسْنَى بِلاَ جَذَلٍ | وَيَرَى السُّوأَى بِلاَ عَتْبِ |
فِيهِ حُبُّ النَّاسِ أَخْلَصَهُ | طَبْعُهُ الصَّافِي مَنَ الخِبِ |
جَاءَهُمْ مِنْهُ بِأبْدَعَ مَا | ضُمِّنَتْهُ آيَةُ الحُبِّ |
خَيْرُ مَا يَأْتِي الذَكَاءُ بِهِ | هُوَ مَا يَأْتِي مِنَ الْقَلْبِ |
ذَاكَ بَعْضُ الحَقِّ فِيهِ وَلَوْ | طَالَ وَقْتِي لَمْ يَكُنْ حَسْبِي |