الهداية والتوفيق من الجزاء الإلهي في الدنيا للصالحين
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
الهداية والتوفيق من الجزاء الإلهي في الدنيا للصالحين يتمثل هذا الثواب الدنيوي الذي يناله الإنسان جزاء على ما فعله الخيرات ورعاية جميع المسؤوليات التي ألزمه الله بها، في الهداية والتوفيق الذي يفيضه الله تعالى من اتبع طريقه وسلك سبيله، فالله تعالى يرشد أولئك الذين يعملون له ويسيرون على منهجه كما قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [1]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [2]، وقال تعالى: ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [3]، كما يهديهم بتوفيقه إلى طريقه المستقيم ويقيمهم على دينه الحق.
كما قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴾ [4].
فبالإيمان وما يتبعه من أعمال صالحة ينشرح صدر الإنسان ويوسع الله تعالى قلب المؤمن ويجعله يسلك ويلتزم طريق الإسلام.
كما يقول تعالى: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [5].
وغير ذلك من النصوص القرآنية تقرر الثواب الجميل الذي يعطاه فاعل الخير في هذه الدنيا جزاء على عمله الطيب الحسن ويبدوا أثره في هدايته إلى الحق وتوفيقه إلى الرشد، وصدق الله تعالى حيث يقول: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [6].
يقول ابن القيم: «فإنه سبحانه شبه شجرة التوحيد في القلب بالشجرة الطيبة الثابتة الأصل الباسقة الفرع في السماء علوا التي لا تزال تؤتي ثمرتها كل جين.
وإذا تأملت هذا التشبيه رأيته مطابقا لشجرة التوحيد الثابتة الراسخة في القلب التي فروعها الأعمال الصالحة الصاعدة إلى السماء ولا تزال هذه الشجرة تثمر الأعمال الصالحة كل وقت بحسب ثباتها في القلب ومحبة القلب لها وإخلاصه فيها ومعرفته بحقيقتها وقيامه بحقوقها ومراعاتها حق رعايتها»[7].
[1] سورة العنكبوت.
آية 69.
[2] سورة التغابن.
آية 11.
[3] سورة البقرة.
آية 257.
[4] سورة النساء.
آية 66.
[5] سورة الأنعام.
آية 125.
[6] رقم الآية خطأ
[7] إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم، فصل أثر كلمة التوحيد، 1/224، بتحقيق: الشيخ عبد الرحمن الوكيل، الناشر: مكتبة ابن تيمية، القاهرة.