أرشيف المقالات

هل فاتك القطار؟

مدة قراءة المادة : 16 دقائق .
هل فاتك القطار؟

مَثلٌ جميل سمعتُ أبي وأمي يقولانه؛ (لقد فاته القطار)، ولا أظنه مثلاً عربيًّا؛ لأن العرب لم يَعرفوا القطار إلا بعد أن استوفى الغرب والشرق منه حتى ملُّوا، ثم بَعثوه لنا، فنحن نستخدم أشياء مصنوعة وحِكَمًا مصدرها الشرق والغرب، وذلك لم يكن عيبًا، وما كان يومًا كذلك، فإنَّ: "الكلمة الحِكمة ضالَّة المؤمن، حيثما وجدها فهو أحق بها"[1]، وهذا هو قول النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ولقد أعجبَني كثيرًا مَثَلُ القطار؛ فآثرتُ أن أضعه عنوانًا ها هنا.
 
نحن نَستخدِم المثل للرجل الذي تجاوَز الأربعين ولم يتزوَّج، وكذلك المرأة، ونقوله لكل مَن يَطمح لشيء ويُصبح نواله عسيرًا أو ليس مناسبًا مع سنِّهِ، كالذي يريد أن يَحصُل على شهادة الثانوية العامة وهو في الستين مِن عمره، فيُقال له: لقد فاتك القطار.
 
هذا الأمر يَحصل للكثير منا في الحياة وفي أمور الدنيا، وَفق قوانين وأعراف الحياة التي نعيشها، أنظمة مِن صنْع البشر صِيغَتْ مِن بُنياتِ أفكارنا، وكُتبَتْ بأقلامنا، فمَن يريد أن يَحضر اجتماعًا عليه أن يصل قبل وقت الاجتماع وإلا فسيُغلَق الباب، ومَن يريد أن يسافر بالقطار عليه أن يصل قبل وقت المُغادَرة بوقت كافٍ، وخاصة في بلادنا التي تتراكم فيها وتَجثم على صدورها أنظمة إدارية متخلِّفة، كلها تؤدي إلى تعقيد يُسبِّب بشكل مباشر أو غير مباشر في تأخُّرك في شأن مِن شؤون الحياة، وبالنتيجة سيَفوتك القطار!
 
حالة واحدة في هذه الحياة لا يَفوتنا فيها القطار ما دامت الروح تدبُّ في أحشائنا، هي الحالة الإيمانية وفرصة العودة إلى الله تعالى؛ وسبب ذلك أنها حالة إلهيَّة توجِّهُها قوانين ربانية مُنبثِقة مِن مقدار حبِّ الله -تعالى- للإنسان ورحمته ورأفته به.
 
الجميل في هذا الموضوع أننا مع الله -تعالى- متى ما شِئنا أن نركب القطار، نجده في انتظارنا في المحطَّة التي نَختارها، وفي الزمان الذي نُقرِّره، ليس هناك عوائق أو مشاكل أو أنظمة إدارية مُعقَّدة أو روتين قاتل؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ عبدًا أصاب ذنبًا - وربما قال: أذنب ذنبًا - فقال: ربِّ أذنبتُ - وربما قال: أصبتُ - فاغفر لي، فقال ربه: أَعَلِمَ عبدي أن له ربًّا يَغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرتُ لعبدي، ثم مكَث ما شاء الله، ثم أصاب ذنبًا، أو أذنب ذنبًا، فقال: ربِّ أذنبتُ - أو أصبتُ - آخَر، فاغفره، فقال: أَعَلِمَ عبدي أن له ربًّا يَغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرتُ لعبدي، ثم مكَث ما شاء الله، ثم أذنب ذنبًا - وربما قال: أصاب ذنبًا - قال: قال: ربِّ أصبتُ - أو قال: أذنبتُ - آخَر، فاغفره لي، فقال: أَعَلِمَ عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرتُ لعبدي ثلاثًا، فليعمل ما شاء))[2].
 
إنَّ الفُرَص مع الله -تعالى- ليسَت لها نهاية؛ لأن رحمته وسعت كلَّ شيء، وقد سبقَت غضبَه، يقول -تعالى-: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الشورى: 25]، فمع الله -تعالى- لا يُمكن أن يفوتك القِطار، فعن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله - تبارك وتعالى - يَقبل توبة العبد ما لم يُغرغِر))[3]، هذه هي حقيقة الصفقَة مع الله -تعالى- صفقة رابحة، المستفيد منها هو أنتَ وأنا، صفقة رابحة مِن طرف واحد؛ لسبب بسيط، هو أن الله -تعالى- ليس بحاجة لنا، ملكُه -تعالى- لن يَزداد برجوعنا إلى طريق الله -تعالى- وهو طريق الحق المُطلَق، ولن يَنقص ملك الله العليِّ القدير شيئًا بعدم رجوعنا إليه.

جاء في الحديث القدسي عن أبي ذرٍّ الغفاري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فيما رَوى عن الله -تعالى-: ((يا عبادي، إنكم لن تبلغوا ضرِّي فتضرُّوني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي، لو أن أولكم وآخِركم وإنسكم وجنَّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في مُلكي شيئًا، يا عبادي، لو أن أولكم وآخِرَكم وإنسَكم وجنَّكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد، ما نقَص ذلك مِن ملكي شيئًا، يا عبادي، لو أن أولكم وآخِركم وإنسكم وجنَّكم قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيتُ كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما يَنقص المِخيَط إذا أُدخِل البحر، يا عبادي، إنما هي أعمالكم أُحصيها لكم، ثم أُوفِّيكم إيَّاها، فمَن وجَد خيرًا، فليَحمد الله، ومَن وجَد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه))[4].

ومِن عظمة الله -تعالى- ورحمته الواسعة بعباده أنه لا يَمنح الفرصة تلو الفرصة في الدنيا فحسب، بل وحتى في الآخرة فإنه لن يفوتنا القطار، فحتى بعض مِن أولئك الذين يُدخلهم الله -تعالى- نار جهنم بسبب أعمالهم القبيحة في الدنيا، ولكنهم قاموا ببعض أعمال الخير القليلة التي مُنحوا الفرصة مِن جرائها للالتحاق بأهل الجنة، ومِن هؤلاء ذلك الرجل الذي كان مِن أهل النار فيُخرج منها؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((حتى إذا أراد الله رحمة مَن أراد مِن أهل النار، أمر الله الملائكة: أن يُخرجوا مَن كان يعبد الله، فيُخرجونهم، ويَعرفونهم بآثار السجود، وحرَّم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيَخرجون مِن النار، فكل ابن آدم تأكله النار إلا أثر السجود، فيَخرجون مِن النار، قد امتَحَشوا، فيُصبُّ عليهم ماء الحياة، فيَنبتون كما تنبت الحبة في حَميل السيل، ثم يَفرغ الله مِن القضاء بين العباد، ويَبقى رجل بين الجنة والنار، وهو آخِر أهل النار دخولاً الجنة، مُقبلٌ بوجهه قِبَل النار، فيقول: يا ربِّ، اصرِف وجهي عن النار؛ قد قشَبني ريحها، وأحرَقني ذَكاؤها، فيقول: هل عسيتُ إن فُعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك؟ فيقول: لا وعِزَّتك، فيُعطي اللهَ ما يشاء مِن عهد وميثاق، فيصرف الله وجهه عن النار، فإذا أقبل به على الجنة، رأى بهجتَها، سكت ما شاء الله أن يَسكُت، ثم قال: يا ربِّ، قدِّمني عند باب الجنة، فيقول الله له: أليس قد أعطيتَ العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي كنتَ سألتَ؟ فيقول: يا ربِّ، لا أكون أشقى خلقك، فيقول: فما عسيتَ إن أُعطيتَ ذلك أن لا تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزتك، لا أسأل غير ذلك، فيُعطي ربَّه ما شاء مِن عهد وميثاق، فيقدمه إلى باب الجنة، فإذا بلغ بابَها، فرأى زهرتها، وما فيها مِن النَّضرة والسرور، فيَسكت ما شاء الله أن يَسكُت، فيقول: يا ربِّ، أدخلني الجنة، فيقول الله: ويحك يا بنَ آدم، ما أغدرَك! أليس قد أَعطيتَ العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي أُعطيت؟ فيقول: يا ربِّ، لا تجعلني أشقى خلقك، فيضحك الله - عز وجل - منه، ثم يأذن له في دخول الجنة، فيقول: تمنَّ، فيتمنى، حتى إذا انقطع أمنيَّتُه، قال الله - عز وجل -: تمنَّ كذا وكذا، أقبَلَ يُذكِّره ربُّه، حتى إذا انتهت به الأماني، قال الله -تعالى-: لك ذلك ومثله معه))، قال أبو سعيد الخدري لأبي هريرة - رضي الله عنهما -: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((قال الله: لك ذلك وعشرة أمثاله))، قال أبو هريرة: لم أحفَظ مِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا قوله: ((لك ذلك ومثله معه))، قال أبو سعيد: إني سمعته يقول: ((ذلك لك وعشرة أمثاله))[5].
 
وهكذا، فإن الأمل مُنعقِد برحمة الله في الدنيا والآخِرة، ولن ينقطع - إن شاء الله تعالى.
 
بقيتْ مجموعة مِن الأمور البالغة الأهمية يَنبغي أن نَنتبِه إليها؛ حتى لا يفوتنا القطار، منها:
• إننا في فُسحة من أمرنا كما ذكَر الحديث: ((ما لم نُغرغِر))؛ أي: ما لم يُدرِكنا الموت، ولما كان الموت غيبيًّا وخارج إرادتنا، فنحن لا نستطيع أن نُقرِّر متى نموت، فضلاً عن انتفاء عِلمنا بموعده، كما لا يستطيع أحدٌ أن يَنفعنا في هذا المجال، لا بالمعلومة ولا بالمنْع، فأصبحَت المبادرة هنا مِن واجبات الوقت، إن لم تكن مِن أهمِّها؛ لأننا لا نَدري متى نموت.
 
والبعض ممن يَغفل أو يتغافل عن هذه الحقيقة، يندم ويطلب فرصة أخرى، ولكن بعد الموت، ولأن القرآن الكريم لم يُفرِّط في شيء، فقد ذكَر مثل هؤلاء؛ فقال -تعالى-: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99، 100] فلو كان هذا الذي يَطلب الفرصة للرجوع يطلبها مِن بشَر مثله، كان بالإمكان أن يَخدعه أو يُمرِّر عليه الأمر، ولكنه يُخاطب علام الغيوب، يُخاطب مَن يعلم السرَّ وما هو أخفى مِن السرِّ، يُخاطب مَن يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور، إنه الله تبارك وتعالى، على العموم فإن طلبه يأتي بعد أن فاته القطار، فيأتيه الرد منه - تبارك وتعالى -: ﴿ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 100]، فدعوى هذا الغافل ليست صحيحةً؛ إنه مجرَّد ادِّعاء كاذب، مجرَّد كلام كالكلام الذي كان يتشدَّق به على الناس في الحياة الدنيا ويَنطلي عليهم.
 
الكثير مِنا وللأسف يتكلم فقط، بمعنى آخَر أقوال مِن غير أفعال، ولأن الله -تعالى- يعلم كذب مثل هؤلاء، فقد وصفهم في قوله -تعالى-: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنعام: 27]، فهذه دعوى كاذبة أخرى من قِبَلهم، فيرد عليهم - تبارك وتعالى - بقوله: ﴿ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [الأنعام: 28]، فهنا يردُّ عليهم الله -تعالى- الردَّ المناسب، فإنهم لو أُعيدوا إلى الدنيا فلن يكونوا مؤمنين، بل سيعودون إلى العصيان والبعد من الله -تعالى- فلن ينفعهم طلب الرجوع؛ لأنهم كاذبون.
 
• يُرينا الله - تبارك وتعالى - علامات على انتهاء الدنيا وقيام القيامة، وهي علامات أو أشراط قيام الساعة، وهي كثيرة، ومِن ذلكعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تقوم الساعة حتى يُقبض العلم، وتَكثر الزلازل، ويَتقارب الزمان، وتظهر الفِتن، ويَكثُر الهرج - وهو القتْل القتل - حتى يَكثُر فيكم المال فيفيض))[6].
 
وها نحن اليوم نعيشها؛ فلقد أصبح العلم لعبةً بيد الناس، بل إنك تجد الكثير ممن يُسَمَّون بالعلماء هم أجهل الناس، وكم رأينا مِن هؤلاء! وها هي الزلازل اليوم تَضرب الشرق والغرب وتَحصد أرواح ملايين البشر في فترة زمنية قياسية.
 
وأما تقارُب الزمان، فحدِّث عنه ولا حرَج، فالأيام تمر كالدقائق، والأشهر كالساعات، والسِّنون كأنها أيام، لقد وصف ذلك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تقوم الساعة حتى يتقارَب الزمان، فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كاحتراق السعفة أو الخوصة))[7]، وهذا الذي يَحصل اليوم، الأيام تمرُّ ولا نَشعُر بها، والسنون تتفلَّت مِن بين أيدينا ولا نذكر أننا قدَّمنا شيئًا فيها، فالوقت يمر سريعًا ونحن نقترب مِن الموت أكثر.
 
أما القتل، فقد استشرى في البلاد وصار بالجملة، وكل يوم يمر نسمع بأن الآلاف من أبناء جلدتنا يُقتَلون تحت شتى الذرائع وشتَّى المُسميات، وأما المال فبالرغم مِن الفقر المُدقِع لشرائح واسعة مِن الناس في مختلف أرجاء البلدان الإسلامية وغير الإسلامية، إلا أن المال يَفيض بالفعل، فالصفقات اليوم تبلغ في بعض التعاملات الاقتصادية آلاف المليارات مِن الدولارات، والذين يَملكون المليارات على مستوى العالم كثيرون، فالمال يفيض بالفعل؛ ولكن المشكلة في الظلم في توزيع هذا المال.
 
فها هي علامات قيام الساعة تظهر الواحدة تلو الأخرى، وهذا يعني أن مَن يريد ألا يفوته القطار، عليه أن يَنتبه ويستفيد مِن هذه الدلائل؛ للرجوع والتوبة وتصحيح المسار.
 
كنت في عيادة مريض في أحد مستشفيات بغداد، هو قريب لأحد أصدقائي، وكان يَرقد معه في نفس الغرفة مريضٌ آخَر، كان المريض الغريب يمر بغيبوبة، ولكنه بين الفينة والفينة يَصرخ وهو في غيبوبته مِن غير أن يصحو منها، فيقول كلامًا يَشيب له الولدان، وتَقشعِر منه الأبدان، كلام لو وضع على الجبال لدكَّها، ولو مُرِّر على ماء البحر لأفسده، كلام لا يُمكن أن يُقال هنا، ولا يستطيع مؤمن أو عاقل أن ينقله، إنه يكفر بطريقة غريبة، يَنتقي كلمات الكفر بالله - تبارك وتعالى علوًّا كبيرًا - بشكل غريب، ويَصرخ بها ثم يعود إلى نومته.
 
الأمر مُستغرَب بالفعل! كان جميع مَن يوجد في الغرفة يَستغفِر الله -تعالى- بصوت عالٍ، وتقافَز البعض منا للخروج مِن الغرفة؛ مخافة أن تنزل صاعقة مِن السماء في تلك الساعة على ذلك المكان.
 
حار مَن كان يُرافِق الرجل المريض؛ أين يُواري نفسه، ولعلَّه تمنَّى أن تنشقَّ الأرض فتبتلعه في تلك الأثناء، يا له مِن خزْي وعار، وكم كنتُ أودُّ أن أسأل أولاد الرجل عما كان يفعل أبوهم، قبل أن يدخل في غيبوبته التي كان فيها؟

ولكن المَوقِف كان عظيمًا والمشهد أليمًا، وهم في موقف لا يُحسدون عليه، فلم يكن مِن المَنطِق ساعتها أن أسألهم، ولكن الحادث يَرفض أن يُغادِر مخيلتي وقد مضى عليه أكثر مِن عشرين سنة، وكنتُ دائم التساؤل:
تُرى، ما الذي كان يفعله هذا الرجل؛ ليُختم له بهذه الخاتمة؟



[1] سنن ابن ماجه، كتاب الزهد، باب الحكمة.


[2] صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ ﴾ [الفتح: 15].


[3] صحيح ابن حبان، كتاب الرقائق، باب التوبة، ذكر تفضل الله - جل وعلا - على التائب بقبول توبته.


[4] صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم.


[5] صحيح البخاري، كتاب الأذان، أبواب صفة الصلاة، باب فضل السجود.


[6] صحيح البخاري، كتاب الجمعة، أبواب الاستسقاء، باب ما قيل في الزلازل والآيات.


[7] صحيح ابن حبان، كتاب التاريخ، ذكر الإخبار عن تقارب الزمان قبل قيام الساعة.

شارك الخبر

المرئيات-١