أَلنِّيلُ عَبْدُكَ وَالمِيَاهُ جَوَارِي
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أَلنِّيلُ عَبْدُكَ وَالمِيَاهُ جَوَارِي | بِاليُمْنِ وَالبَرَكَاتِ فِيهِ جَوَارِ |
أَمَّنْتَهُ بِمَعَاقِلٍ وَجَوَارِي | وَجَعَلْتَهُ مُلْكاً عَزِيزَ جِوَارِ |
أُنْظُرْ سَفَائِنَكَ الَّتِي سَيَّرْتَهَا | فِيهِ كَأَطْوَادٍ عَلَى التَّيَّارِ |
وَانْظُرْ جُنُودَكَ فِي الفَلاَةِ تحَمَّلُوا | شَرَّ العِقَابِ لأُمَّةٍ أَشْرَارِ |
حَصَرُوا العَدُوَّ فَمَا وَقَتْهُ حُصُونُهُ | مِنْ بَأْسِهِمْ وَكَثَافَةُ الأَسْوَارِ |
يَفْنَى بِمَقْذُوفَاتِهِمْ حَرْقاً كَمَا | تَفْنَى الفَرَائِسُ وَالسِّبَاعُ ضَوَارِ |
وَيُدَمِّرُ النَّسَّافُ شُمَّ قِلاَعِهِ | فَيُثِيرُهَا منْثُورَةً كَغُبارِ |
وَيَدُكُّ مِنْ شُوسِ الرِّجَالِ مَعَاقِلاً | فَيَظَلُّ شَكْلُ المَوْتِ شَكْلَ دَمَارِ |
مَنْ لَمْ يُبَدْ بِالسَّيْفِ مِنْهُمْ وَالقَنَا | فَهَلاَكُهُ بِالمَاءِ أَوْ بِالنَّارِ |
قوْمٌ بَغوْا فَجَنَوْا ثِمَارَ فَسَادِهِمْ | بِالمُوبِقَاتِ وَتِلْك شَرُّ ثِمَارِ |
وَلَوِ الزَّمَان أَرَادَ عَادُوا خُضَّعاً | لِجَمِيلِ رَأْيِكَ عَوْدَ الاسْتِغْفَارِ |
لَكِنْ أَبَى لَكَ أَنْ تَفُوزَ مُسَالِماً | وَقَضَتْ بِذلِكَ حِكْمَةُ الأَقْدَارِ |
فسَقَيْتَ صَادِئَةَ النِّصالِ دِمَاءَهُمْ | وَكَفيْتَ خَيْلَك دَاءَ الاسْتِقْرَارِ |
بِالأَمْسِ كَانُوا دَوْلَةً مَعْدُودَةً | وَاليَوْمَ هُمْ خَبَرٌ مِنَ الأَخْبَارِ |
بِالأَمْسِ كَانُوا سَادَةً وَاليَوْمَ هُمْ | بَعْضُ العَبِيدِ بِصُورَةِ الأَحْرَارِ |
بِالأَمْسِ يَمْلِك فِي الرِّقَابِ أَمِيرُهُمْ | وَاليوْمَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ بِفِرَارِ |
صَغُرُوا لَدِيْكَ فَلَمْ تَسِرْ لِقِتَالِهِمْ | وَهُمُ الكِبَارُ رَمَيْتَهُمْ بِكِبَارِ |
وَمضَيْتَ تَمْلِكُ أَمِيرُهُمْ مِنْ قَبْلمَا | شَبَّ النَّزَالُ وَآذَنُوا بِبَوَارِ |
تَجْرِي بِسَيِّدِ مِصْرَ فُلكٌ ضَمَّهَا | فُلكٌ مِنَ الدَّأْمَاءِ غَيْرُ مُدَارِ |
سَيَّارَةٌ جُنْحَ الظَّلاَمِ مُنِيرَةٌ | فِي الأُفقِ مِثْلَ الكوْكَبِ السَّيَّارِ |
أَوْ يَسْتَقِلُّ بِهِ مُغَيرٌ مُنْجِدٌ | جَوَّابُ آفَاقٍ كَبَرْقٍ وَارِي |
تَتَقَذَّفَ النِّيرَانُ مِنْهُ كَأَنَّهُ | أَسَدٌ مُثَارٌ فِي طِلاَبِةِ ثَارِ |
سِرْ كَيْفَ شِئْتَ لَكَ القُلُوبُ مَنَازِلٌ | أَنَّى انْتَقَلْتَ فَمِصْرُ فِي الأَمْصَارِ |
واطْوِ المَغَارِبَ خَافِياً لَوْ أَنَّهَا | تُخْفِي عُلاَكَ مَطَالِعُ الأَنْوَارِ |
وَتَلَقَّ فِي دَارِ الخِلاَفَةِ مُشْرِفاً | مَا شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ وَمِنْ إِكْبَارِ |
وَارْجِعْ إِلَى الدَّارِ الَّتِي أَوْحشْتَهَا | عَوْدَ الرَّبِيعِ إِلَى رُبُوعِ الدَّارِ |
وَاهْنَأْ بِأَبْهَجِ مُلْتَقى مِنْ أُمَّةٍ | تهْوَاك فِي الإِعْلاَنِ وَالإِسْرارِ |
حَلَّتْ سَرَائِرُهُمْ سَوَادَ عُيُونِهِمْ | شَوْقاً إِليْكَ فَثِرْنَ فِي الأَبْصَارِ |
أَهْلاً بِرَبّ النِّيلِ وَالوَادِي بِمَا | فِيهِ مِنَ الأَرْيَافِ وَالأَقْطَارِ |
بِالعَازِمِ العزمَاتِ وَهيَ صَوَادِقٌ | وَمُعَاقِبِ الظُّلُمَاتِ بِالأَسْحَارِ |
بِالفاتِحِ البَانِي لِمِصْرَ مِنَ العُلَى | صَرْحاً يُزَكِّي شَاهِدَ الآثَارِ |
وَمُعَقِّبِ الفَخْرِ التَّلِيدِ بِطَارِفٍ | لَوْلاَهُ كَادَ يَكُونَ سُبَّةَ عَارِ |
فَخْرٌ تَحَوَّلَ مَهْدُهُ لَحْداً لَهُ | زَمَناً وعادَ اليَوْم مَهْدَ فَخارِ |