يَا آيَةَ العَصْرِ حَقِيقٌ بِنا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يَا آيَةَ العَصْرِ حَقِيقٌ بِنا | تجْدِيدُ ذِكْرَاكِ عَلَى الدَّهْرِ |
جَاهَدْتِ لَكِنَّ النَّجَاحَ الَّذِي | أَدْرَكْتِهِ أَغْلَى مِنَ النَّصْرِ |
بَدَتْ تَبَاشِيرُ الْحيَاةِ الَّتِي | جَدَّتْ فحَيِّي طَلْعَةَ الفجْرِ |
قدْ أَثْبَتَتْ يَقْظتَهَا لِلعُلَى | بَعْدَكِ ذَاتُ الخِدْرِ فِي مِصْرِ |
فَبَرَزَتْ مِنْهُ وَلَكِنَّهَا | مَا بَرَزَتْ عَنْ أَدَبِ الخِدْرِ |
تَعْفَو عَنِ المُخْطِيء فِي حقِّهَا | حِلْماً وَتسْتعْفِي مِنَ النكْرِ |
مَكانُهَا أَصْبَحَ مِنْ زَوْجِها | مَكَانَ تِمِّ الشِّطْرِ بِالشَّطْرِ |
لهَا عَلَى الوَاجِبِ صَبْر وَإِنْ | شَقَّتْ وَمَرَّتْ شِرْعَةُ الصَّبْرِ |
مَخَايِلُ العَزْمِ تِري وَرْيَهَا | مُؤْتَلِقاً فِي وَجْهِهَا النَّضْرِ |
وَتَلْمَحُ العَيْنُ حُلَى نَفْسِهَا | أَزهَى وَأَبْهَى مِنْ حُلَى التِّبْرِ |
فِي أَيِّ عَصرٍ كانَ عِرْفَانهَا | أَوْ خبْرُهَا مَا هُوَ فِي العَصْرِ |
قَدْ عِلمَتْ أَنَّ المزَايَا وَإِنْ | جَلَلْنَ لاَ يُغْنِينَ مِنْ طُهْرِ |
لو جُمعَتْ فِي نَسَقٍ بَارِعٍ | كَرِيمَةُ الأَحْجَارِ وَالدُّرِّ |
وَلمْ تُصِبْ نُوراً فَتُبْدِي بِهِ | زِينَتَنهَا الخلاَّبَةَ الفِكْرِ |
أَلاَ يَكونُ الفحْمُ وَالمَاسُ فِي | مُنْجَمِهِ سِيَّيْنِ فِي القَدْرِ |
يَا مَنْ ذوَت فِي زَهْرَةِ العُمْرِ مَا | أَقْسَى الرَّدَى فِي زهْرَةِ العُمْرِ |
إِنْ تبْعَدِي مَا بَعُدَتْ نَفْحَةٌ | تَرَكْتِهَا مِنْ خَالِصِ العِطْرِ |
فِي كُتبٍ مَأثورَةٍ كلُّهَا | كالرَّوْضَةِ الدَّائِمَةِ الزَّهْرِ |
وَلاَ نَأَى عَنْ مَسْمَعِ القَوْمِ مَا | غنَّيْتِ مِنْ أُنْشُودَةٍ بِكْرِ |
خَالِدَةِ التَّرْدِيدِ فِي مِصْرَ عَن | نابِغَةٍ خَالِدَةِ الذكْرِ |
بِشَدْوِهَا المُؤْلِمِ فِي أَسْرِهَا | أَطْلَقتِ الطَّيْرُ مِنَ الأَسْرِ |
مَا الوِزْرُ أَنْ تَبْدُوَ ذَاتَ الحُلى | وَسَيْرُهَا خِلوٌ مِنَ الوِزْرِ |
أَيُّ كَمَالٍ وَجَمَالٍ يُرَى | كَمَا يُرَى فِي طَالِعِ الزَّهْرِ |
فبِاسْمِ طُلاَّبِ رُقِيِّ الحِمَى | وَبِاسْمِ أَهْلِ الخُلقِ الحُرِّ |
أُهْدِي إِلى رُوحِكِ فِي عَدُنِهَا | أَنْفَسَ مَا يُهْدَى مِنَ الشُّكْرِ |
هَلْ كُنْتِ إِلاَّ كَوْكَباً آخِذاً | فِي أُفُقِ العَلْيَاءِ مِنْ بَدْرِ |
فضْلُكِ مِنْ فَضْلِ أَبِيكِ الَّذِي | كَان أَبَا الآدَابِ فِي القطْرِ |
أَبْرَعُ مِنْ جَوَّدَ فِي مُرْسَلٍ | وَخَيْرُ مَنْ جَدَّدَ فِي شِعْرَ |
قَصَّرْتَ فِي إِيفَائِهِ حَقَّهُ | تَقْصِيرَ مَغْلُوبٍ عَلَى أَمْرِي |
وَكانَ مِنْ عُذْرِ الأُولَى أُرْجَأُوا | تَأْبِينَهُ مَا كَانَ مِنْ عذْرِي |
شُلَّتْ يَدُ البَيْنِ الَّذِي سَاءَنَا | بِفَقْدِ ذَاكَ العَالِمِ الحَبْرِ |
أَلْعَامِلُ الثَّبْتُ الَّذِي إِنْ يُفِضْ | فِي مَبْحَثٍ حَدِّثْ عَنِ البَحْرِ |
رَبُّ المَعَانِي وَالبَيَانِ الذِي | علَّمَنَا مَا لَمْ نَكُنْ نَدْرِي |
أَلبَاذِلُ العِلْمَ لطُلاَّبِهِ | بَذْلاً وَمَا كَانَ مِنَ التَّجْرِ |
يُثَقِّفُ النَّشْءَ عَلَى أَنَّهُ | أَعْلَى مَنارٍ لأُولِي الذِّكْرِ |
فِي صَدْرِهِ الرِّفْقُ جَمِيعاً وَمَا | مِنْ رِيبَةٍ فِي ذلِكَ الصَّدْرِ |
أَخْلَصُ شَيءٍ لأَوِدَّائِهِ | نِيَّتُهُ فِي السِّرِّ وَالجَهْرِ |
فَرَحْمَةُ اللهِ وَرِضْوَانُهُ | عَلَى فَقِيدَتْنَا إِلى الحَشْرِ |
مِنْ وَالِدٍ بَرٍّ وَمِنْ بِضْعَةِ | طُهْرٍ أَنَارَا ظُلْمَةَ القَبْرِ |