أَكَذَا نِهَايَةُ ذَلِكَ الْجُهْدِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أَكَذَا نِهَايَةُ ذَلِكَ الْجُهْدِ | أَكَذَا خِتَامُ السَّعْيِ وَالْجِدِّ |
أَكَذَا المَآثِرُ فِي نَتَائِجِهَا | أَكَذَا المَفَاخِرُ آخِرَ العَهْدِ |
يَعْرُوكَ دَاءٌ لاَ تُقَاوِمُهُ | وَتَصِيرُ مِنْ غَدهِ إِلى اللَّحْدِ |
مُتَلاَشِيَ الأَنْفَاسِ فِي نَفَسٍ | مُتَوَارِياً كَالطَّيْفِ عَنْ بُعْد |
لاَ عَزْمَ يَدْفَعُ مَا دَهَاكَ وَلاَ | صَوْتٌ عَلَى عَادِيكَ يَسْتَعْدي |
إِنَّ الْحُسَامَ وَقَدْ نَضَتْهُ يَدٌ | لَيَصِلُّ مَرْدُوداً إِلى الغِمْدِ |
إِنَّ النَّسِيمَ قُبَيْلَ سَكْنَتهِ | لَيَعِجُّ بَيْنَ الْبَانِ وَالرَّنْدِ |
إِنَّ السحَابَ لَدَى تَبَدُّدِه | لَيَبِيدُ بَيْنَ الْبَرْقِ وَالرَّعْدِ |
أَبِلاَ مُبَالاَةٍ ولاَ أَسَفٍ | وَبِلاَ مُجَافَاةٍ وَلاَ صَدِّ |
أَسْلَمْتَ رَوْحَكَ وَهْيَ هَادئَةٌ | لِيُقِلَّهَا نُورٌ إِلى الخُلْد |
وَتَرَكْتَ لِلاْحْيَاءِ إِنْ قَدَرْوا | أَنْ يَثْأَرُوا مِنْ خَطبِك المُرْدِي |
مَوْتٌ كَمَوْتِ الطَّاعِنِينَ وَقَدْ | مَضَتِ السِّنُونَ بِهِمْ إِلَى الْحَدِّ |
مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنْ تَقَرَّ بِلاَ | شُغُلٍ يَنُوطُ الْجَفْنَ بِالسُّهْدِ |
ما كنْت أَحْسَب أَنْ تَبِيتَ بِلاَ | أَمَلٍ تُؤَمِّلُه وَلاَ قَصْدِ |
لَكِنْ جَهِلْنَا مِنْكَ أَنَّكَ لَمْ | تَكُ صَاخِباً فِي مبْتَغَى مَجْدِ |
جزْتَ الْجِهَادَ تُرِيد جَوْهَرَه | وَبَلَغْتَ عَنْ عَرَضِ مَدَى الْحَمْدِ |
فَلَئِنْ رَقَدْتَ لَقَدْ سَنَنْتَ هُدىً | لِبَنِيكَ مِنْ شِيبٍ وَمِنْ مُرْدِ |
أَخَذُوا السَّجِيَّةَ عَنْكَ طَاهِرَةً | وَنَبَوْا كَمَا تَنْبُو عَنِ الإِدِّ |
وَتَعَدَّدُوا صُوَراً مُجَزَّأَةً | عَنْ كَامِلٍ مُتَعَدِّدٍ فَرْدِ |
يَتَذَكَّرُونَ إِمَامَهُمْ عُمَراً | أَيَّامَ كَانَ فَرِيدَةَ الْعِقْدِ |
ذِكْرَى اسْتَدَامَتْهَا النُّفُوسُ فَمَا | فِي الدَّهْرِ مِنْ قَبْلٍ وَلاَ بَعْدِ |
مَقْرُونَةً بِتجِلَّةٍ وَهَوىً | أَخَذاً مَزِيدَهُمَا مِنَ الْوَجْدِ |
أَيْ فَاقِديهِ لَقَدْ تَكَاثَرَ مَا | جَمَعَتْ رَزَايَا الدَّهْرِ فِي فَقْدِ |
كَمْ كَانَ فِي الشِّيَمِ الَّتِي ذَهَبَتْ | بِوَفَاتهِ كَنْزٌ لِذِي وُدِّ |
حَقَّقْتُ تَحْقِيقاً مُرُوءَتَهُ | وَإِخَاءَهُ بِيَد لَه عَنْدي |
مَا كَانَ أَوْدَعَهُ وَأَرْفَعَهُ | نَعْساً وَأَنْزَعَهُ عَنِ الحِقْدِ |
مَا كَانَ أَرْفَقَهُ عَلَى نَزَقٍ | وَأَشَدَّ صَوْلَتَهُ عَلَى النِّدِ |
مَا كَانَ أَسْمَحَهُ بِمَأْثُرَةٍ | تُسْدَى وَأَفْرَحَهُ بِمَا يُسْدِي |
يَلْقَاكَ وَهْوَ مُحَاسِنٌ أَبَداً | أَنَّى تَكُنْ وَيَسُرُّ مَا يُبْدِي |
يَسْقِيكَ عَذْباً مِنْ تَجَارِبِهِ | مَا ذَاقَ مِنْهُ الصَّابَ فِي الْوِرْدِ |
يُفْتِيكَ عَنْ عِلْمٍ وَيَسْتُرُهُ | بِشَبِيهِ الاِسْتِفْهَامِ فِي الرَّدِّ |
يَرْعَى الْحُقُوقَ كَمَا يُعَلِّمُهَا | بِخُلُوصِ وَافى الرَّأْيِ مُسْتَدِّ |
كَمْ مَوْقِفٍ نَصَرَ الضَّعِيفَ بِهِ | وَغَرِيمُهُ أَضْرَى مِنَ الأُسْدِ |
يَحْمِي شَرِيعَتَهُ بِأبْلَغِ مَا | يُوحِي تَنَزُّهُهَا عَنِ النَّقْدِ |
مُسْتَكْشِفاً أَسْرَارَ حِكْمَتِهَا | فِي أَمْرِهَا وَالنَّهْيِ وَالْحَدِ |
مَهْمَا تَسُمْهُ إِفَادَةً سَنَحَتْ | لِبِلاَدِهِ لَمْ يَأْلُ عَنْ جُهْدِ |
يَكْتُبْ وَيَخطبْ غَيْرَ مُدخِرٍ | رَمَقاً بِوَاهِي الْعَزْمِ مُنْهَد |
هَذِي فَضَائِلُهُ وَيَكْثُرُ مَا | أَخْطَأْتُهُ مِنْهُنَّ فِي الْعَدِّ |
وَأَجَلُّهُنَّ بِلاَ مُنَازَعَةٍ | ذَاكَ الْوَفَاءُ لِمِصْرَ بِالْعَهْدِ |
ذَاكَ التَّغَالِي يَسْتَمِيتُ بِهِ | لِيُقِيلَ شَعْباً عَاثِرَ الْجَد |
أُسْتَاذَنَا زَوِّدْ مَسَامِعَنَا | دَرْسَ الْوَدَاعِ هُدىً لِمُسْتَهْدِ |
إِنِّي لأُدْرِكُ مَا تُعِيدُ عَلَى | أَرْوَاحِنَا وَأُحِسُّ مَا تُبْدِي |
سَمْعاً لِقَوْلٍ أَنْتَ قَائِلُهُ | مِنْ حَيْثُ بِتَّ بِعَالَمِ الرُّشْدِ |
طَوْعاً لِمَا بَلَّغْتَنا وَبِهِ | لُبُّ الصَّوَابِ وَغَايَةُ الْقَصْدِ |
لَيْسَ الْحِمَام مَنْ يُكَافِحُ فِي | إِسْعَادِ أُمَّتِهِ سِوَى وَعَدِ |
مَوْتُ المُجَاهِدِ لاَ بِه | كَسِوَاهُ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ أُدِّي |
فَتَعَلَّمُوا ثُمَّ اعْمَلُوا وَثِقُوا | أَنَّ الْحَيَاةَ بِقَدْرِ مَا تُجْدِي |
وَالدَّهْرُ أَجْمَعُ دُونَ ثَانِيَةٍ | يَفْدِي بِهَا الأوْطَانَ مَنْ يَفْدِي |