يَا عُيُونَاً تَسْقِي العُيُونَ الرَّحِيقَا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
يَا عُيُونَاً تَسْقِي العُيُونَ الرَّحِيقَا | وَاصِلِي مُدْمِناً أَبى أَنْ يُفِيقَا |
أَسْكِرِينِي عَلَى الدَّوَامِ وَأَفْنِي | مُهْجَتِي أَدْمُعاً وَعَزْمِي حَرِيقا |
تِلْكَ خَمْرُ الحيَاةِ مَنْ لَمْ يَذَقْهَا | مَرَّةً لَيْس بِالحَياةِ خَلِيقَا |
وَهْيَ حُسْنُ الحَيَاةِ سَعْداً وَبُؤْساً | وَاصْطِبَاحاً لِشَرْبِهَا وَغَبُوقَا |
أَنْتِ يَا مَن سَقَتْ فؤَادِي مِنْهَا | حَرَّ وَجْدٍ وَلَوْعَةٍ وَخُفوقَا |
إِظْلمِينِي مَا شَاءَ ظُلْمُكِ وَانْهِي | آمِر الحُسْنِ أَنْ يَكُونَ شَفِيقَا |
عَذِّبِينِي فَقَدْ جَنَيْتُ عَلَى | نَفْسِي وَأَمْسَيْتُ بِالْعِقَابِ حَقِيقَا |
فَلِهَذا العِقَابِ عَاوَدْتُ حُبِّي | وَلأَلْقَاهُ خُنْتُ عَهْداً وَثِيقَا |
رُبَّ لَيْلٍ مُحَيَّرُ النَّجْمِ غَضٍّ | فِيهِ لا يَهْتَدِي الضَّلُولُ طَرِيقَا |
ضَمَّنِي مُثْقَلاً بِهَمِّي كَبَحْرٍ | ضَمَّ فِي جَوْفِهِ الْبَعيدِ غَرِيقَا |
أَحْسِبُ السُّرْجَ فِي حَشَاهُ قُرُوحاً | وَأَرى الشَّهْبَ فِي سَمَاهُ حُرُوقا |
فِيهِ نَامَتْ سُعَادُ نَوْماً هَنِيئاً | وَتَسَهَّدْتُ مُسْتهَاماً مَشُوقَا |
حَيْثُمَا وَارَتْنِي دُجَاهُ غُرُوباً | أَبْصَرَتْنِي عَيْنُ الصَّبَاحِ شُرُوقَا |
قَدْ تَلَقَّيْتُهُ وَكَاَن كَثِيفاً | ثُمَّ وَدَعْتُهُ وَكَانَ رَقِيقَا |
رَقَّ فَانْحَلَّ فَانْتَفَى غَيْرَ مُبْقٍ | لِيَ مِنْهُ إِلاّ خَيَالاً دَقِيقَا |
ظَلَّ فِي جَانِبِي نَحِيلاً نُحُولِي | كَالشَّقِيقِ الأَبَرَّ يَرْعَى شَقِيقا |
أَيُّهَا النَّائِمُونَ يَهْنِيكُمُ النَّوْ | مَ وَلاَ زَالَ حَظيَ التَّأْرِيقَا |
إِنْ يَكُ السَّاهِرُونَ مِثْلِي كَثِيراً | فَسُعَادٌ أَسَمَى وَأَسْنَى عَشِيقَا |
فَاتِنِي مِنْ جَمَالَها الوجْهُ طَلْقاً | لاَ يُبَاهَى وَالْقَدُّ لَدْناً رَشِيقَا |
فَاتِنِي عَقْلُهَا الَّذِي يُبْدِعُ الخَا | طِرَ رُوحاً وَهَيْكَلاً وَعُرُوقَا |
فَاتِنِي نَظْمُهَا الْقَرِيضَ فَمَا | تَنْظِمُ عَقْداً فِي جِيدِهَا مَنْسُوقَا |
فَاتِنِي لُطْفُهَا الَّذِي يُنْعِشُ الوَجْدَ | وَلَوْ شَاءَ أَنْعَشَ التَّوْفِيقَا |
وَيُقِيمُ الآمَالَ فِي النَّفْسِ كَالنو | رِ يُحِيلُ البُذُورَ زَهْراً أَنِيقَا |
فِتَنٌ قَيَّدَتْ بِهِنَّ فُؤَادِي | وَأَرَانِي إِذَا شَكَوْتُ عَقُوقَا |
كُلُّ مُسْتَأْسَرٍ يَوَدُّ انْطِلاَقاً | وَشَقَائِي بِأَنْ أَكُونَ طَلِيقَا |