يا أَيُّهَا ذَا الوَطَنُ الْمُفَدَّى
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يا أَيُّهَا ذَا الوَطَنُ الْمُفَدَّى | تَلَقَّ بِشْراً وَتَمَلَّ السَّعْدَا |
لَمْ يَرْجِعِ العِيدُ مُرِيباً إِنَّما | أَرَابَ قَوْمٌ مِنْكَ ضَلُّوا الْقَصْدَا |
يَا عِيدُ ذَكِّرْ مَنْ تَنَاسَى أَنَّنَا | لَمْ نكُ مِنْ آبِقَةِ العِبِدَّى |
كُنَا عَلَى الأَصْفَادِ أَحْرَارَاً سِوَى | أَنَّ الرَّزَايَا أَلْزَمَتْنَا حَدَّا |
كُنَّا نَجِيشُ مِنْ وَرَاءِ عَجْزِنَا | كَمُتَوَالِي الْمَاءِ لاقَى سَدَّا |
حَتَّى تَدَفَّقْنَا إِلى غَايَتِنَا | تَدَفُّقَ الأَتِيِّ أَوْ أَشَدَّا |
وَكُلُّ شَعْبٍ كَاسرٍ قيُودَهُ | بِالْحَقِّ مَا اعْتَدَى وَلاَ تَعَدَّى |
فَلَم نَكُنْ إِلاَّ كِرَاماً ظُلِمُوا | فَاسْتَنْصَفُوا وَلَمْ نَطِش فَنَرْدَى |
إِنِّي أُحِسُّ فِي الصُّدُورِ حَرَجاً | يُقِيمُهَا وَفِي الزَّفِيرِ صَهْدا |
إِيَّاكُمُ الْفِتْنَةَ فَهْيَ لَوْ فَشَتْ | فِي أَجَمَاتِ الأُسْدِ تُفْنِي الأُسْدَا |
أَما رَأَيْتُمْ صَدَأَ السَّيْفِ وَقَدْ | غَالَ الفِرِنْدَ ثُمَّ نَالَ الْغِمْدا |
فَلاَ تَفَرَقُّوا وَلاَ تنازَعُوا | أَعدَاؤُنا شُوسٌ وَلَيسُوا رُمْدا |
أَخَافُ أَنْ نُمْكِنَكُم مِنَّا بِمَا | يَقْضِي لَهُم ثَأْراً وَيشْفِي حِقْدَا |
أَوْ أَنْ نُقِيمَ حُجَجاً دَوَامِغاً | لَهُمْ عَلَيْنَا فَنَجِيءَ إِدَّا |
قَدْ زَعَمُوا الشُّورَى لَنَا مَفْسَدَةً | عَلَى صَلاَحِهَا أَقَالُوا جدَّا |
وَهَلْ أَزَلْنَا مُسْتَبِداً واحِداً | عَنَّا كَدَعْوَاهُمْ لِنَسْتَبِدَّا |
دُعاةَ الاسْتِئْثَارِ إِنْ لَمْ تَنْتَهُوا | وَتَرْعَوُوا سَاءَ المَصِيرُ جِداً |
بِصِحَّةِ الشُّورى نَصِحُّ كُلُّنَا | فَإِنْ أَرَبْنَا قَتَلَتْنَا عَمْدَا |
فِي كُلِّ شَعْبٍ كَثُرَتْ أَجْنَاسُهُ | لاَ شَيْءَ كَالْقِسْطِ يَصُونُ العِقْدَ |
تَشَارَكُوا فِي الْحُكْمِ وَاخْتَارُوا لَهُ | خِيَارَ كُلِّ مِلَّةٍ يَستَدَّا |
فَقَدْ يَرَى الْبَصِيرُ مِنْهَا كَثَبَا | مضا لاَ يَرَاهُ الاَبْصَرُونَ بُعْدَا |
إِنَّ السِّرَاجَ الَّذِي جَاوَرَهُ | أَجْلَى مِنَ النَّجْمِ سَنىً وَأهْدَى |
تَعَاوَنُوا تَرْقَوْا فَإِنْ تَنَافَرُوا | عَلَى الحُطَامِ لَمْ تَصِيبُوا مَجْدَا |
أَغْلَى تُرَاثٍ فِي يَدَيْكُمْ فَاحْرِصُوا | مِنْ قَدَّرَ الذُّخَر تَفَادَى الفَقْدَا |
دَوْلَتُنَا دَوْلَتُنَا نَذْكُرُهَا | بِأَنْفُسٍ تَدْمَى عَلَيْهَا وَجْدَا |
أَلْحُرَّةُ المُنْجِبَةُ الأُمُّ الَّتِي | بِالْمَالِ تُشْرَى وَالْقُلُوبِ تُفْدَى |
إِخْشَوْا عَلَيْنَا الْيُتْمَ مِنْهَا فَلَقَدْ | أَرَى أَمَرَّ اليُتْمِ أَحْلَى وِرْدَا |
وَأَنْتُمُ يَا أُمَّتِي أُرِيدُكُمْ | عِنْدَ رَجَائِي حِكْمَةً وَرُشْدَا |
يَا أُمَّتِي بِالعِلْمِ تَرْقَوْنَ الْعُلَى | وَتَكْسِبُونَ رِفْعَةً وَحَمْدَا |
وَبِالْوِفَاقِ تَمْلِكُونَ أَمْرَكُمْ | وَتَغْنَمُونَ الْعَيْشَ طَلْقَاً رَغْدَا |
فَمَنْ يُخَالِفْ صَابِرُوهُ إِنَّهُ | لَذَاهِبٌ فَرَاجِعٌ لاَ بُدَّا |
أَلَيْسَ تَائِباً إِلى حَيَاتِهِ | مَنْ لَمَحَ الخَطْبَ بِهَا قَدْ جَدَّا |
فَإِنْ غَوَى أَخُْو نُهىً فَمُهْلَةً | حَتَّى يَرُدَّهُ نُهَاهُ رَدَّا |
مَتَى أَرَى الشَّرْقِيَّ شَيْئاً وَاحِداً | كَمَا أَرَى الغَرْبِيَّ شَيْئاً فَرْدَا |
مَتَى أَرَانَا أُمَّةً تَوَافَقَتْ | لا مِلَلاً مُمْتَسِكَاتٍ شَدَّا |
كَمْ سَبَقَتْنَا أُمَّةٌ فَاتَّحَدَتْ | وَأَدْركَتْ شَأْناً بِهِ مُعْتَدَّا |
قَامَ بَنُوهَا كَالعِمَادِ حَوْلَهَا | فَبَسَطُوا رُوَاقَهَا مُمْتَدَّا |
سَعَتْ إِلَى غَايَتِهَا قَصْداً عَلى | تَثَبُّتٍ فَبَلَغَتْهَا قَصْدَا |
بِلْكَ لَعَمْرِي سُنَّةٌ نَجَا بِها | مِنْ قَبْلُ أَقْوَامٌأَنَتَحَدَّى |
لِيَأْبَ حِرْصُنَا عَلَى البَقَاءِ أَنْ | جَدَّتْ بِنَا حَالٌ وَلا نَجِدَّا |
كَالطَّلَلِ الْبَاقِي عَلَى إِقْوَائِهِ | لا عَامِراً يُلْفَى وَلا منْهَدَّا |
نَصِيحَتِي نَظَمْتُهَا وَدَّاً لَكُمْ | وَلَوْ نَثَرْتُ لَمْ أَزِدْهَا وُدَّا |
أَلْفَاظُهَا نَدِيَّةٌ بِأَدْمُعِي | عَلَى التَّلَظِّي وَالْمَعَاني أَنْدَى |
أَرْسَلْتُهَا مَعَ الضَّمِيرِ مِثْلَمَا | جَاءَتْ وَمَا أَفْرَغَتُ فِيهَا تجُهْدَا |
إِنِّي أُبَالِي وَطَنِي أَصْدُقُهُ | وَمَا أُبَالِي لِلْوُشَاةِ نَقْدَا |