لَبَّيْكُمُ يَا رفْقَةَ النَّادِي
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لَبَّيْكُمُ يَا رفْقَةَ النَّادِي | مِنْ سَادَةٍ فِي الْفَضْلِ أَنْدَادِ |
شَرَّفْتُمُ قَدْرِي بِدَعْوَتِكُمْ | وَحضُورِكُمْ لِسَمَاعِ إِنْشَادِي |
وَبِلُطْفِكُمْ فِي سَتْرِ مَعجَزَتِي | أَسْعَدْتُمونِي أَيَّ إِسْعَادِ |
تِلْكَ الشَّمَائِلُ مِنْ مُجَامَلَةٍ | فِيكُمْ وَإِينَاسٍ وَإِرْفَادِ |
لَمْ يؤْتَها إِلاَّكُمُ أَحَدٌ | مِنْ حَاضِرٍ سَمْحٍ وَمِنْ بَادِ |
زَادَتْ هَوىً بِي لَمْ أَخَلْهُ وَقَدْ | بَلَغَ المَدَى الأَقصْى بِمُزْدَادِ |
هِي زَحْلَةُ الْبَلَدُ الْحَبِيبُ وَهَلْ | مِنْ نُجْعَةٍ أَشْهَى لِمرْتَادِ |
مَنْ يَلْتَمِسْ رَوْحاً وَعَافِيَةً | فَهُنَاكَ تُنْقَعُ غُلَّةُ الصَّادِي |
هلْ في الأَقاليمِ الَّتِي وُصِفَتْ | كَهَوَائِهَا برْءاً لأَجْسَادِ |
أَوْ مَائِهَا الْعَذْبِ الْبَرودِ إِذَا | مَا الْقَيْظُ أُوقِدَ شَرَّ إِيقَادِ |
أَوْ شَمْسِهَا تَجْرِي أَشِعَّتُهَا | بِالْبَلْسَمِ الشَّافِي لأَكْبَادِ |
أَوْ سِكْرِهَا وَالأَجْرُ ضَاعَ بِهِ | زُهَّادُ زَحْلَةَ غَيْرُ زهَّادِ |
أَوْ نَهرِهَا وَبِهِ مَوَارِدُ فِي | حِسٍّ وَفِي مَعْنىً لِوُرَّادِ |
بَيْنَ التَّلَوُّنِ فِي مَسَاقِطِهِ | تَبَعاً لاِصَالٍ وَآرَادِ |
وَنَشِيشُهُ فِي الأُذْنِ منْحَدِراً | حَتَّى يَحُطَّ بِصَوْتِ رَعَّادِ |
وَهُيَامُ أَرْوَاحٍ تُحِسُّ بِهِ | مَا لاَ تُحِسُّ جُسُومُ أَشْهَادِ |
أَيُّ الغِياضِ بِحسْنِ غَيْضَتِهَا | لوْ لَمْ يَنَلْهَا بِالأَذَى عَادِي |
أَبْكَي عَلَى الأَدْوَاحِ غَابِرَةً | مِنْ بَاسِقَاتِ الْهَامِ مرَّادِ |
ما الْفَأْس أَلْقَى كُلَّ باذِخَةٍ | مِنْهُنَّ إِلاَّ نَصْلُ جَلاَّدِ |
تَاللهِ أَفْتَأُ ذاكِراً أَبَداً | وَقفاتِهَا بِنِظامِ أَجْنَادِ |
وَذَهَابَهَا بِرؤُوسِهَا صُعُداً | مِنْ مَوْضِعِ التَّصْويبِ فِي الوَادِي |
وتَحَوُّلاً فِي حَالِهَا نُظِمَت | فِيهِ المَحَاسِنُ نَظْمَ أَضْدَادِ |
مَا إِنْ تُرَى أَوْراقُهَا أُصُلاً | شجْواً يرَفْرِفُ فَوْقَ أَعْوَادِ |
حَتَّى تَعُودَ إِلَى مَناهِجِهَا | صُبْحاً وَأَظْمَأُ مَا بِهَا نادِي |
عَبِث الدَّمَارُ بِهَا وَلوْ قَبِلَتْ | أَغْلَى فِدى لَمْ يَعْزِزِ الفادِي |
لَكِنْ أَجَدَّتْهَا عَزِيمتُكُمْ | قَبْلَ الفوَاتِ أَبَرَّ إِجْدَادِ |
فَوَجَدْتُ تَعْزِيَةً وَبَشَّرَنِي | أَمَلٌ بِعَصْرٍ فَجْرُهُ بَادِي |
نَعْتَاضُ مِنْ نَزَوَاتِ سَابِقِهِ | بِنَعِيمِ عَهْدٍ رَاشِدٍ هَادِي |
فلْتُسْكِتِ الذِّكْرَى منَاحتَهَا | وَلْيَعْلُ صَوْتُ الطَّائِرِ الشَّادِي |
ولْتَجْهَرِ الأَصْوَارُ مُوقِعَةً | طَرَباً عَلَى رَنَّاتِ أَعْوَادِ |
ولْنَمْضِ فِي أَفْرَاحِ نَهْضَتِنَا | وَلْنَقْضِ أَيَّاماً كَأَعْيَادِ |
إِنِّي لأَذْكُرُ زَحلة وَأَنَا | وَلَدٌ لعوبُ بَيْنَ أَوْلاَدِ |
متَعَلِّمٌ فِيهَا الهِجَاءَ وَبِي | نَزَقٌ فَلاَ أَصْغُو لإِرْشَادِ |
كُلُّ يُعِدُّ الدَّرسَ مجْتَهِداً | وَأَنَا بِلاَ دَرْسٍ وَإِعْدادِ |
أُمْسِي وَأُصْبِح وَالعَرِيفُ يَرَى | أَنَّ الجَهَالَةَ مِلْءُ أَبْرَادِي |
وَيَلُوحُ وَالأَخْطَارُ تُحْدِقُ بِي | أَنَّ الرَّدَى لاَبُدَّ مصْطَادِي |
لَكِنَّنِي أَنْجو بِمعْجِزَةٍ | وَالمُهْرُ يُزبِدُ أَيَّ إِزْبَادِ |
وَيَجِيئُنِي إِرْهَافُ حَافِظَتِي | فِي منْتَهَى عَامِي بِأَمْدَادِ |
يَا رفْقَتِي بَدْءَ الصِّبَا عَجَبٌ | هَذَا المَصِيرُ لِذلِكَ البَادِي |
هَلْ كَانَ هَذا العَقْلُ بَعْدَئِذٍ | مِنْ جَهْلِنَا المَاضِي بِميعَادِ |
مَنْ كَانَ يَوْمَئِذٍ يَظُنُّ لَنَا | هَذَا الرَّوَاحَ وَكُلُّنَا غَادِي |
أَضْحى صِغَارُ الأَمْسِ قَدْ كَبَروا | وَدُعُوا بِابَاءٍ وَأَجْدَادِ |
وَابْيضَّ فَاحِمُ شَعْرِهِمْ وَمَشَوْا | مِيْلاً بِقَامَاتٍ وَأَجْيَادِ |
شَأْنُ الْحَيَاةِ وَلاَ دَوَامَ عَلَى | حَالٍ سَلُوا الآثارَ مِنْ عَادِ |
لكِنْ إِذَا بِدنَا فَيَا وَطَناً | نَفْدِيهِ عِشْ وَاسْلَمْ لاِبَادِ |
وَمقَامُ زَحْلَةَ بَالِغٌ أَبَداً | أَوْج الْفَخارِ بِرَغْمِ حسَّادِ |
آسَادُ زحْلَةَ لاَ ينافِرُهمْ | بَلَدٌ مِنَ الدُّنْيَا بِاسَادِ |
أَجْوَادُ زَحْلَةَ لاَ يُكاثِرُهمْ | بَلَدٌ مِنَ الدُّنْيَا بِأَجْوَادِ |
أُدَباؤُها لَهُمُ مَكَانَتُهُمْ | فِي صَدْرِ أَهْلِ النُّطْقِ بِالضَّاد |
صُنَّاعها متَفوقُونَ وَإِنْ | لَمْ يَظْفَروا يَوْماً بِإِمْدَادِ |
فِي كُلِّ عِلْمٍ كل نَابِغَةٍ | وَلِكُلِّ فَنٍ كُلُّ مِجوادِ |
قوْم المروءَةِ وَالإِبَاءِ هُمُ | لاَ قَوْمُ مَسْكَنَةٍ وَإِخْلاَدِ |
فِي كُلُّ مَرْمَى هِمَّةٍ بَعُدَت | عَزَّ الحِمَى مِنْهمْ بِاحَادِ |
فِي آخِرِ المَعْمورِ كَمْ لَهم | آثَارُ إِبْدَاءٍ وَإِيجادِ |
مَا كَانَ أَعْظمَهُمْ لَوِ اتَّحَدوا | وَنبَوْا بِأَضْغَانٍ وَأَحْقَادِ |
هَلْ أَنْظُرُ الإِصْلاَحَ بَيْنَهم | يَوْماً يَحُلُّ مَحَلَّ إِفْسَادِ |
هَذا الَّذِي يَرْجُو الولاَةُ وَمَا | يَخْشَى العدَاةُ وَهمْ بِمِرْصَادِ |
حَيِّ المعَلَّقةَ الجَمِيلةَ مِنْ | دَارٍ مرَحِّبَةٍ بِوُفَّادِ |
دَارٌ تَعِزُّ بِكُلِّ محْتَشِمٍ | عَالِي الجَنَابِ وَكُلِّ جَوَّادِ |
هُمْ فِي الصُّروفِ أَعَزُّ أَعْمِدَةٍ | لِبِلاَدِهِمْ وَأَشَدُّ أَعْضَادِ |
يتَوَارَثُونَ الْحَمْدَ أَجْدَرَ مَا | كَانتْ مَسَاعِيهِم بِإِحْمادِ |
يتَوَارَثُونَ الْحَمْدَ أَجْدَرَ مَا | كَانتْ مَسَاعِيهِم بِإِحْمادِ |
يا مَجْلِسَ البَلَدَيْنِ منْتَظِماً | كَالعِقْدِ مِنْ نُبَلاَءَ أَمْجَادِ |
ذَاكَ التَّفَضُّلَ مِنْكَ خَوَّلَنِي | شَرَفاً بِهِ أَمَّلْتُ إِخْلاَدِي |
فَلَقدْ مَنَنْتَ فَجزْتَ كُلُّ مَدىً | بِجَمِيلِ صنْعٍ ليْسَ بِالعَادِي |
لِلهِ آياتُ القُلُوبِ إِذَا | كَانَتْ مَعاً آيَاتِ إِخلادِ |
يَا محْتَفِينَ تفَضُّلاً بِأَخٍ | يَهْفُو إِلَيْكُمْ منْذُ آمادِ |
ما زَال هَذَا الفَضْلُ عَادَتَكُمْ | وَالشَّعْب مِثْل الفَرْدِ ذُو عَادِ |