مَكَانُكَ لاَ يَخْلُو إِذَا غَيْرُهُ خَلاَ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
مَكَانُكَ لاَ يَخْلُو إِذَا غَيْرُهُ خَلاَ | وَما أَنْت مَنْ يُسْلَى إِذَا صَاحِبٌ سَلاَ |
جَفَاءٍ لِدَارٍ لَم تُبَلَّغْكَ مأْرَباً | وقرْباً لِدَارٍ بِلَّغَتْكَ ذرى العُلَى |
تَمتَّع بِنَوْمٍ لَمْ تُمَتَّعْ بِمِثْلِهِ | وَأَخْلِ فُؤَاداً طَالَمَا بَاتَ مُشْغَلاَ |
لَقَدْ نُهِكَتْ تِلْكَ القُوَى فَتَحَلَّلَتْ | وَكُلُّ جَمِيعٍ بَائِدٌ إِنْ تَحَلَّلاَ |
فَلاَ الحِلْمُ فَيَّاضٌ كَمَا كَانَ آخِراً | وَلاَ العَزْمُ نَهَّاضٌ كَمَا كَانَ أَوَّلاَ |
وَلاَ شِعْرَ بَعْدَ اليَوْمِ صَافٍ بَيَانُهُ | يُعِيدُ لَنَا أَخْفَى المَعَانِي مُمَثَّلاَ |
وَلاَ نَثْرَ بَعْدَ اليَوْمِ عَذْبٌ مَساغُهُ | سَلِيمٌ مِنَ العِلاَّتِ غَانٍ عَنِ الحِلَى |
ولاَ فِكْرةٌ نَقَّادة وَمَهَارَةٌ | حِسَابِيَّةٌ تعْتَدٌّ فِي الرَّيْبِ فَيْصلاَ |
ولاَ خُلُقٌ رَاضٍ نَقِيٌّ كَأَنَّهُ | عَلَى كُلِّ حَالٍ طَاهِرُ الماءِ سلسَلاَ |
هِيَ القِصةُ الكُبْرى شَجانَا خِتَامُهَا | وَلَمْ يَكنِ المَوْضوعُ فِيها تخَيلاَ |
فَتًى لَقِيَ الدُّنيا عبُوساً بِوجْهِهِ | فَأضحَكَ مِنها عزمَهُ وَتَوَكَّلاَ |
إِذَا أَحرَجَتْهُ فِي الشَّآمِ فَإِنَّهُ | لَيعتَاضُ مِنها بِالكِنَانَةٍ موثِلاَ |
يُصَرِّفُ فِي شَتَّى الأمُورِ ذَكاءَهُ | وَيستَنْزِلُ الرزقَ العَصِيَّ مُذَلَّلاَ |
وَيَبْنِي لهُ مجْداً ويُضْحِي بِجِدِّهِ | مِنَ النفر الأَعِلينِ في الشَّرْقِ منزِلاَ |
فَتَأْخذُهُ الدُّنْيَا بِأَسْبابِ فَضْلِهِ | وترْمِيهِ مِنْ حَيْثُ اتَّقَاهَا لِتَقْتُلا |
فَمَا هُوَ إِلاَّ وَالمُنَى قَدْ غَدتْ لَهُ | ضَنىً وَخلُودُ الصِّيْتِ موْتاً مُعجَّلاَ |
بِوَشْك كَهذَا الوشْكِ مَرَّتْ حَياتُهُ | وَما ينْقَضِي عُمرٌ بِأَنْكَى وأَجمَلاَ |
أَلاَ يَا أَخِي إِني لأَرثِيكَ باكِياً | حزِيناُ عَلَى العَهدِ الكَرِيمِ الَّذِي خَلاَ |
بِصَوْتٍ إِذَا بَحَّتْهُ غَاشِيَةُ الأَسى | فَذِكْراكَ تَجْلوهُ عَلَى مَسْمَعِ المَلاَ |
تَوَاطَنْ قرِيراً حيْثُ بِت مُنَعَّماً | وَدعْ مُبْتَلىً فِي النَّاسِ يَرثِيِ لِمُبتَلَى |